(العجم الأتراك) ينصحون الحكومة السعودية إلى حل جذري لمشكلة إزمة المساكن المتفاقمه بالمملكة إلى توزيع عادل للثروة الإجتماعية
نصح نائب رئيس وزراء تركيا علي باباجان القيادة السعودية لمواجهة أزمة "المساكن" المتفاقمة لديها، عبر تقديم تسهيلات لمواطنيها، تصل إلى منح الأراضي دون مقابل، مع أهمية القضاء على البيروقراطية التي عدَّها "العنصر القاتل" في نهضة أي بلد. جاء ذلك خلال منتدى جدة الاقتصادي الذي اختتم فعالياته اليوم تحت لافتة "الإسكان والنمو السكاني".
ووضع باباجان -الذي تصفه وكالة بلومبيرغ الاقتصادية بأنه أحد مهندسي الرخاء التركي وصانعيه- "خارطة طريق" تركية على طاولة الخبراء السكانيين ومخططي الاقتصاد السعودية، لمواجهة "أزمة المساكن"، قائلاً إن بلاده استطاعت في سنوات قليلة أن تبني ملايين الوحدات السكنية، وتقضي على العشوائيات لتحقق نقلة حضارية لفتت أنظار العالم كله وكانت محل تقدير الاتحاد الأوروبي.
وشدد باباجان في رسالة مبطنة للمسؤولين السعوديين، على ضرورة "معالجة إشكاليات الإسكان أولاً بأول حتى لا تزداد حدتها وتتفاقم"، وتنشط المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي " وفيسبوك" في تسخين القضية بشكل متصاعد وهو يمثل بحسب عدد من المواقع "استياءً شعبياً"، لأنه وفقاً للتقديرات غير الرسمية فهناك 60% من السعوديين لا يملكون منزلاً، إضافة إلى ضعف خدمات البنية التحتية التي تمثل أحد معوقات التنمية السكانية، مع ارتفاع كبير في أسعار الأراضي، مع وجود مساحات محددة بالأراضي المطورة الصالحة للسكنى.
ووصف أحد خبراء التطوير العقاري القريب من الدوائر الرسمية السكانية حامد العلي للجزيرة نت أن هناك "مفاوضات موسعة" تجرى حالياً بين أنقرة والرياض، قادها في الأول من مارس/آذار الجاري وزير الاقتصاد التركي ظافر كاغليان، لإقناع السعوديين بحزمة مشاريع سكانية كبيرة، تنشط الجانب الاستثماري في هذا المجال، وقدرة الأتراك على تنفيذها بدلاً من توجه الحكومة السعودية صوب الرياض، مع تقديم حوافز تركية كبيرة لإنجاح تلك المفاوضات.
وركز نائب رئيس الوزراء التركي في جلسته اليوم الاثنين على مؤشرين مهمين يعدهما الاقتصاديون المحليون أكبر مأزقين في إشكالية الإسكان بالمملكة هما "توفير المساكن والقضاء على العشوائيات"، وهنا تحديداً قال باباجان إن بلاده نجحت في السنوات العشر الأخيرة عبر برنامج وطني في تأسيس أحياء سكنية متكاملة، بني منها 10% من المشاريع السكنية، هدفت إلى تلبية احتياجات المواطنين فقط، والقضاء على العشوائيات.
ورأى ديفد سميث -وهو خبير أميركي ومؤسس مؤسسة الإسكان بأسعار معقولة بالولايات المتحدة الأميركية، خلال الجلسة الختامية- أن التحدي الأكبر للإسكان الميسر يتمثل في التمويل، فالمساكن ذات الأسعار المعقولة تحتاج إلى شراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص، وتقديم تسهيلات من الدولة وقوانين واضحة تدفع على تحقيق التنمية في مجال الإسكان.
عضو مجلس الشورى السعودي طارق فدعق تحدث من جانبه بشكل صريح عن عدة إطارات مختلفة عمقت من أزمة السكن، أهمها عدم تحديد المفاهيم السكانية بشكل واضح, متسائلاً ما هي معايير ذوي الدخل المحدود في السعودية؟ معتبراً أن غياب ذلك التحديد عمّق من الأزمة.
واستعرض فدعق "الهرم السكاني" في السعودية، مؤكداً على أهمية التفريق بين مفهوم السكن والعقار، وقال "نحن في السكن نحتاج إلى قروض طويلة الأمد وبشروط واضحة، أما قروض العقار فتكون قصيرة الأجل", مشيراً إلى أن الاحتياج الفعلي السنوي للسكن في السعودية هو بناء 143 ألف وحدة سكنية.
في حين لفت المحافظ السابق لولاية بارك في جنوبي البرازيل جيمي لبرنو إلى أن التحدي الأول للإسكان يقوم على "الكم"، المتمثل في الفارق بين العرض والطلب وهو الذي يحدد الفجوة الإسكانية، والتحدي الثاني -بحسب لبرنو- هو النوعية، القائمة على مقاييس الأمم المتحدة الخمسة التي تندرج تحت بند "السكن الكريم"، منها ألا تزيد تكلفته عن 30% من الدخل الشهري، وأن يكون آمناً ولا يستطيع أحد أن يخرجه منه.
وشبه لبرنو قضية الإسكان بشكل عام بالسلحفاة، موضحاً أن المواطنين لا يريدون فقط مساكن، ولكن للحياة بشكل عام، ممثلاً بتجربة الحكومة المكسيكية التي أنشأت مشاريع عملاقة رفض الناس السكنى فيها، لغياب الخدمات الحياتية عنها، مشدداً على ضرورة إنشاء المدن وفقاً لاحتياجات السكان.
واختتم المنتدى الاقتصادي الثالث عشر الذي عالج عدة محاور أساسية كالمبادرات السكانية، وأهمية إدراج القطاع الخاص في تنمية الإسكان بالمملكة، مع استعراض واسع للتجارب الأوروبية والأميركية والشرق آسيوية