الوالي والشعب - قصة حقيقية من التراث العربي
----------------------
يحكى في قديم الزمان ان هناك واليا كان عادلا وحليما , قد سئم من حال بلاده ومن سبات شعبه .
فأرسل مناديا لوزيرة وقال له :- ايها الوزير
لقد سئمت من هذا الحال , ارى ان بلادي وشعبي بحاجة الى التغيير
فالروتين اليومي لهم لا يكاد يختلف عن الامس وعن الغد , قلوبهم متباعدة وافكارهم متاضدة , الفرد منهم يستيقظ من الصباح يركن الى مزرعته من الصباح حتى المساء ليروي مزرعته فقط ويحافظ على ظهورها امام العامة بمظهرها الحسن , ولا يحاول ان يذهب لمزرعة الاخر لعله يستفيد او يفيد , واذا ما احدث منهم رجل او امرأة أمر جلل رأيتهم فريقين او فرقتين , التعصب ديدنهم وفرض الرأي منهجهم , ينتصرون لأجل انفسهم لا لأجل الحق . لقد ضاق بي درعا من حال هذه البلاد وحال شعبها
فلم يعد هناك تجديد في حياتهم ولا اضافة على اسلوب معيشتهم وهذا الحال الميئوس لايعجبني ولا يروق لي اذ ليس لديهم بوادر طموح في انجاز شيء جديد , فماذا نفعل لهم لتجديد حياتهم ,؟
فكر الوزير وقال - لا ادري يامولاي ولكني اظن انه لا طريقة لهم في تغيير حالهم الا ان تنزل معجزة من السماء او تدخلهم في حرب شعواء على البلاد المجاورة او ان تشغلهم بأمر المناصب والولاية فهي محببة لهم
قال الوالي - أمر الولاية - صدقت - جميل هذا الامر لعله يجمع صفوفهم ويوحد كلمتهم ويغير من مجرى حياتهم
قال الوزير - ربما كان ذلك ياسيدي
قال الوالي - ان لدي منصب شاغر في دولتي قد اعتذر منه وزيري الخلوق وكنت امانع في تغيير هذا الوزير لما يتمتع به من حسن خلق واداء رسالته على اكمل وجه ولولا ظروفه الصحية لما قبلنا اعتذاره فهل ترى ياوزيري ان نجعل هذا المنصب الوزاري لأحد من افراد الشعب (لعل الشعب يتحرك ويتغير حال البلاد والعباد ويجتمعون على كلمة واحدة )
ابتسم الوزير --- وقال يامولاي انت متفائل كثيرا بهذا العمل , لذلك سيكون لك الرأي في ذلك الأمر , وسنعلن غدا على كل اهل هذه البلاد من اقصاها الى ادناها ومن حاضرها الى غائبها بالحضور الى ساحة القصر لتعلن لهم عن اختيار مرشح جديد للوزارة يتم من قبلهم
انفرجت ( ا س ا ر ي ر) الوالي - فهو يرى ان التغيير داخل النفس اقرب من التغيير في خارجها وان امر الولاية محبب للنفس وسيجمع اهل بلاده على رأي وكلمة واحدة .
قام الوالي في صبيحة ذلك اليوم وأعلن أمام الملأ - ان الوزيرالسابق قد اعلن رحيله من منصبة لاسباب جميعكم تعرفونها
وأن البلاد الان بحاجة الى وزير قدير تحبونه ويحبكم ترتضونه ويرتضيكم ليكون بديلا له يحمي البلاد ويجدد النشاط ويغير من الواقع الذي تعيشونه .
ولأني اراكم جميعا كأسرة واحدة وكأفراد متساويين امامي فقد رأيت ان هذا المنصب الوزاري لايختاره سواكم لاحد افراد هذه البلاد
حتى يجمعكم رأي واحد وكلمة واحدة لذلك وكلت لكم هذا الاختيار فيمن ترونه قدير على حمل هذه المسؤلية
فسمع الوالي اهازيج العباد واصواتهم اهتزت معه اركان بلاده , لم يستطع ان يخفي بسمته لوزيرة
اذ قال له --اليوم هو يوم التغيير لهذه البلاد سيتغير كل شيء سيتغير الروتين اليومي لهم وستصبح الألفة ديدنهم وسيجتمعون ليختاروا من يسعى لخدمتهم ويغير من طبائع روتينهم اليومي , وسيضفي شيء جديد لهذا الشعب .