تحت وطأة الاستياء والغضب العام من نقل دم ملوث بالفايروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب لطفلة في الـ12 من عمرها في جازان والذي نتج عنه إعفاء العديد من المسؤولين والفنيين بالإضافة إلى تغريمهم مالياُ. إلا أن هذه العقوبات التي أصدرتها الصحة، اعتبرها الكثير غير كافية مقارنة بالخطأ الجسيم الذي حدث وقد يحدث في كافة دول العالم منها المملكة العربية السعودية.
وتظل وزارة الصحة هي الشماعة الوحيدة لتلك الأخطاء، ويظل قادة الرأي العام على أهبة الاستعداد من أجل تأجيج الرأي العام كلاً حسب ما يرم له من أهداف وتوجهات وأجندات، لكن دعونا نقف وقفة صادقة مع أنفسنا ونحاول أن نجيب على سؤال لا يقل براءة عن كل الإطروحات السابقة التي تناولت موضوع الأخطاء الطبية مفاده هل وزارة الصحة مسؤولة "وحدها" عن الأخطاء الطبية؟
لنجيب على هذا السؤال يجب أن نعود قليلاً إلى الوراء تحديداً نحو من يخرج هذه الكوادر الصحية فالأطباء وبعض الممرضين يتم تعليمهم وتدريسهم وتهيئتهم من قبل جامعات وزارة التعليم العالي، والفنيين من قبل المعاهد الصحية، والأطباء الأجانب لا يدخلون إلا بعد اختبارهم وتصنيفهم وتقديم ما يثبت من قبل الجهات ذات العلاقة على أنهم مهيئين لممارسة العمل في تخصصاتهم وعلى ذلك يتم توظيفهم.
من هنا نصل إلى نتيجة واحده وهي إن أردنا فعلاً القضاء على الأخطاء الطبية، وتطوير مخرجاتها فلا بد من إعادة النظر في مناهج ووسائل تدريب هذه الكوادر الصحية بالإضافة إلى المعايير التي على أساسها تم تصنيفهم، وإلا فالأخطاء الطبية ستتكرر، والعقوبات الإدارية ستتكرر، والغضب الشعبي على الصحة سيتكرر.