عبد الله البرقاوي- سبق- الرياض: أكّد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد محمد الشريف، أن الهيئة تتابع وتتحقّق من أيِّ بلاغاتٍ عن تشبيك الأراضي بطرقٍ غير نظامية دون صكوكٍ أو منحٍ، سواء قام بهذا الإجراء مواطنٌ كبيرٌ أو صغيرٌ، مشيراً إلى أن الهيئة لا تبادر إلى بحث كثرة الشبوك؛ لكونه ليس من حقها، وكون بعضها أملاكاً ومزارع، ولكن تتحقّق في حال وردتها بلاغاتٌ، ولديها ملفاتٌ كثيرة بهذا الشأن.
وقال الشريف فيما يخصُّ قضية الخطأ الذي تعرّضت له الطفلة "رهام حكمي" في جازان، بعدما نُقل لها دم ملوّث بالإيدز: "القضية ليست من اختصاصاتنا، ليست من اختصاص الهيئة المباشر، نحن اختصاصنا الفساد المالي والإداري، الموضوع يخصُّ النظام الصحي والخدمة المدنية والقضاء، وليس الهيئة".
جاء ذلك خلال استضافته في برنامج "لقاء الجمعة"، الذي يقدّمه الإعلامي عبد الله المديفر، وتعرضه قناة روتانا خليجية، حيث تحدّث الشريف عن تنظيم الهيئة والبحوث التي تجرى بين الهيئة والجهات الأخرى كالجامعات؛ لحصر الفساد ومعرفة أسبابه والعلاج، مؤكداً أن "إستراتيجية مكافحة الفساد تعتبر خطةً لمكافحة الفساد بالمملكة، وهي ليست مهمة جهةٍ واحدة، بل مهمة الجميع". وشدّد الشريف على أن دور الهيئة ينحصر في مكافحة الفساد المالي والإداري، كاشفاً عن صدور أمرٍ ملكي خوّل للهيئة بحث قصور الخدمات في بعض المناطق، والتي لم تكن ضمن اختصاصاتها، مبيناً أن ذلك جاء بعد ورود بلاغاتٍ للهيئة، وتحققها من ذلك، حيث رفعت للملك وأصدر توجيهاته بأن تذهب الهيئة وتتحقّق وتنشر عن ذلك.
وبيّن الشريف أن الهيئة تتابع ما يُنشر في وسائل الإعلام وتتحقق منه، إضافة إلى ما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق الأسماء الصريحة والمعلومات الجادة.
واعترف الشريف بوجود الفساد قائلاً: "لدينا فسادٌ واضحٌ، لكن لا يعرف حجمه بالضبط في الهيئة، نحاول التعرُّف على مواطن الفساد، وأسبابه عديدة منها غياب بعض الأنظمة وتجاوز الأنظمة وغيرها". وأكّد الشريف سعي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - وحكومة المملكة، لمحاربة الفساد، مشيراً إلى أن ذلك يتضح من خلال إقرار إستراتيجية مكافحة الفساد، وإنشاء الهيئة ودعمها.
وقال الشريف إن نسبة وترتيب المملكة المعلن دولياً فيما يخص الفساد ليست عادلة؛ لقصور المعلومات التي تصل للمنظمة، مؤكداً سعي الهيئة لتصحيح هذه المعلومات.
وقال مقدم البرنامج المديفر خلال نقاشاته مع رئيس هيئة مكافحة الفساد: إن الأسئلة التي وصلت للبرنامج يصل عددها إلى الألف، وأغلبيتها تصف حالةً من الإحباط، فيما ردَّ عليه الشريف قائلاً: "الهيئة لم تكمل سنتين، ونبالغ إن قلنا إننا نستطيع خلال سنتين أو ثلاث أن نقضي على الفساد، تراكمات سنين طويلة من الصعب إزالتها في فترةٍ قصيرة، لا بد من تكاتف الجميع".
وكشف الشريف عن عدم تعاون جهات حكومية مع الهيئة بالقول: "هناك جهات تتعاون، وهناك بعض الجهات لا تتعاون، وذلك بعدم الرد، كثير من الجهات تتأخّر رغم الأوامر الصريحة من الملك".
وانتقد الشريف إحالة بعض الجهات ملاحظات الهيئة للجهة نفسها التي رُصدت فيها الملاحظات، قائلاً: "هذا خطأ؛ لأن المخالف لن يعترف".
ونفى الشريف ما تردّد عن ترك الهيئة القضايا الكبيرة، مؤكداً أنها تتابع جميع القضايا من منظورٍ واحدٍ، ولكن بعضها قضايا عاجلة.
وفي ردٍّ على كُتّابٍ أشاروا إلى أن عمل الهيئة مجرد تصريحات إعلامية، ردَّ الشريف بدعوة الكتاب إلى زيارة الهيئة والاطلاع على عملها.
وفي ردٍّ على وصف أحد الكُتّاب للهيئة بأنها إبرة مخدرة، قال الشريف: "هذا القول يُحبط موظفي الهيئة المخلصين الذين يقومون بجهودٍ كبيرة لمتابعة الخدمات ومشاريع الدولة".
وأكّد الشريف أن الهيئة تتحفظ على أسماء المبلّغين في حال طلبوا ذلك، مشدّداً على أن الهيئة لا تسرّب المعلومات.
وكشف الشريف عن تلقي الهيئة بلاغاتٍ وشكاوى كثيرة بعضها شخصية، مشيراً إلى أنها لا تخرج إلا بنصف هذه القضايا، مؤكداً سعي الهيئة لإبراز اختصاصها للتقليل من البلاغات الخارجة عن اختصاصاتها.
وتحدث الشريف عن الأمير سطام بن عبد العزيز - رحمة الله - قائلاً: "الأمير الراحل كان يتفهم قضايا الناس، واشتهر بالتواضع والهدوء، وكان قريباً من الناس"، فيما طلب الشريف من أمير منطقة الرياض الجديد ونائبه، مساعدة الهيئة عند إبلاغهم عن قضايا الفساد.
وقال الشريف فيما يخصُّ استقالات المسؤولين: "المفروض أنه، وعند إحساس المسؤول بعدم القدرة على الإنجاز، أن يقدم استقالته؛ كونها شجاعة وتعزّز مفهوم النزاهة".
وكشف الشريف عن أن الهيئة تعمل على برنامج ماجستير في الفساد بالتعاون مع الأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد.. جزءٌ يتعلمه الموظف في الأكاديمية، وجزءٌ يطبق خلال عمله بالهيئة، مبيناً أن الهيئة بصدد ابتعاث أشخاصٍ في برامج قصيرة وطويلة، إضافةً إلى تواصلها مع معهد الإدارة لتطبيق برنامج يخرج إخصائيين في مكافحة الفساد، ويكون مفتوحاً لموظفي كل القطاعات.
واعترف الشريف خلال الحلقة بأن مبنى الهيئة مستأجرٌ بتسعة ملايين ريال سنوياً، موضحاً أن مَن دفع قيمة السنتين وزارة المالية، مؤكداً أن المبلغ ليس فيه مبالغة.
وطالب الشريف بالتشهير بالفاسدين، مؤكداً أن التشهير يعد عقوبة، ويصدر من القضاء، وتطالب به هيئة التحقيق والادعاء العام، وليس للهيئة علاقة بذلك، نافياً ما يتردّد عن استثناء "أرامكو" و"وزارة الدفاع" من عمل الهيئة، موضحاً أن الهيئة تعاونت مع وزارة الدفاع، واستحدثت إدارة لمكافحة الفساد في الوزارة قبل عامين.