إن الإنسان لِنعم ربه لَجحود، وإنه بجحوده ذلك لمقر. وإنه لحب المال لشديد. هذا جواب القسم ; أي طبع الإنسان على كفران النعمة . قال ابن عباس : لكنود لكفور جحود لنعم الله . وكذلك قال الحسن . وقال : يذكر المصائب وينسى النعم وروى أبو أمامة الباهلي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الكنود ، هو الذي يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويضرب عبده " . وروى ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ألا أنبئكم بشراركم " ؟ قالوا بلى يا رسول الله . قال : " من نزل وحده ، ومنع رفده ، وجلد عبده " . خرجهما الترمذي الحكيم في نوادر الأصول . وقد روي عن ابن عباس أيضا أنه قال : الكنود بلسان كندةوحضرموت : العاصي ، وبلسان ربيعة ومضر : الكفور . وبلسان كنانة : البخيل السيئ الملكة أي كفور . ثم قيل : هو الذي يكفر باليسير ، ولا يشكر الكثير . وقيل : الجاحد للحق كفور للمواصلة . وقال ابن عباس : الإنسان هنا الكافر ; يقول إنه لكفور ; ومنه الأرض الكنود التي لا تنبت شيئا . وقال الضحاك : نزلت في الوليد بن المغيرة . قال المبرد : الكنود : المانع لما عليه .وقال أبو بكر الواسطي : الكنود : الذي ينفق نعم الله في معاصي الله . وقال أبو بكر الوراق : الكنود : الذي يرى النعمة من نفسه وأعوانه . وقال الترمذي : الذي يرى النعمة ولا يرى المنعم . وقال ذو النون المصري : الهلوع والكنود : هو الذي إذا مسه الشر جزوع ، وإذا مسه الخير منوع . وقيل : هو الحقود الحسود . وقيل : هو الجهول لقدره . وفي الحكمة : من جهل قدره : هتك ستره .
قلت : هذه الأقوال كلها ترجع إلى معنى الكفران والجحود . وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - معنى الكنود بخصال مذمومة ، وأحوال غير محمودة ; فإن صح فهو أعلى ما يقال ، ولا يبقى لأحد معه مقال .