منذو أن وطأت قدما أبي محجن أرض الشام وروحهُ تتوق لعملية استشهادية توصله إلى جنةٍ يرومها... وخلال فترة التدريب حظي بحب الجميع وخاصة القادة والأمراء حباً ملفت للنظر جهل سببه أقرانه..فعندما سألنا أحد أقرباءه هناك عن سبب حظوة أبي محجن بهذا قال والله لانعرف السبب ولكنه القبول واللهُ أعلم.
لقد فرح ابو محجن بمكانته التي نالها لدى القادة والأمراء ظناً منه أنه سيوصل بها إلى هدفه إلا أنه تفاجأ بأن ذلك الحب هو حاجزا وسدا منيعا دون مايريد باءت محاولاته في ترشيحه لعملية استشهادية بالفشل في إدلب فطلب الانتقال لحمص وقُوبِل طلبه بالرفض أيضاً وبعد محاولات عديدة تمت الموافقة على طلبه للانتقال .
أنتقل أبومحجن إلى حمص وهدفه أمامه فطلب عملية استشهادية وتم عرضه على اللجنة المختصة ورفض طلبه بحجة أنه شرعي والميدان بحاجة ماسة للشرعيين والدعويين ..علم فيما بعد أن التوصيات سبقته من أدلب إلى حمص ...بالإضافة إلى الحب والقبول ناله أيضاً من إخوته هناك وقادته وأمراءه .لم ييأس وكرر المحاولات في الطلب لعملية استشهاديه .
نمى إلى علمه أخبار عن عملية ستنفذ في "معمل البحوث والدفاع" وقد أُسندت لغيره فغضب أشد الغضب وذهب لأمير حمص وقال:"له ياشيخ أنا أولى بها فقد وعدتموني وماطلتم بي كثيراً ووالله إني لم أعد أملك من الصبر مايعينني على البقاء"
قال الأمير: نحن بحاجتك والأمر قد انتهى فلاتحاول الله يرضى عليك.
قال: ياشيخ والله إنني لم أعد أملك الصبر عن لقاء الله ووالله لإن ذهبت هذه العملية لغيري لأقول لله حين ألقاه ما أخرني عن لقاءك إلا هذا..ووالله لأدعين عليك حيث حِلتَ بيني وبين لقاء ربي وبكى بكاءً شديداً.
خرج من الغرفة وتوضأ ثم عاد والعبرة تخنقه وطلب رقم القائد العسكري وكان يرغب في طلب المساندة منه لعل الأمير يقتنع بإسناد المهمة له ، حاول بعض الإخوة تهدئته إلا أنه رفض محاورتهم بتاتاً وبعد محاولات عديدة أستطاع إجراء اتصال مع الأمير العسكري شرح فيه ماحدث فوعدهُ خيراً إلا أنه قال الأمر ليس بيدي الأمر لدى أمير حمص وهو من يستطيع ذلك وفي مساء يوم الثلاثاء تسرب الخبر لأبي محجن أن أمره قد أَسندهُ أمير حمص إلى الأمير العسكري
وفي صباح يوم الأربعاء اخبروا أبامحجن بأنه قد تم إبلاغ المنفذ ورأى الموقع وجهز نفسه فلابد من استئذانه لأننا لا نستطيع رده بعدما وعدناه فإن تنازل لك فابشر... بلَّغ الأمير الاستشهادي الانصاري بالقصة وشرح له الوضع فرفض في البداية رفضاً قاطعاً وكان أبومحجن يخاطب الإخوة ويقول أنا تأخرت وهذه العملية من حقي وفي نفس الوقت عندما أضع نفسي في مكان الأنصاري أشعر بتأنيب الضمير فقال له الإخوة إللي كاتبه الله بيجيك فلا تحزن وكانت الهموم تثقل كاهله وفي قسمات وجهه الهم ..
وبعد قليل جاءه الأخ الأنصاري وقال له بإمكانك ياأخي أن تنفذ العملية وقد سمحت لك برضى تام...
فلما جاءته الموافقة تهلل وجهه وأعتلته ابتسامة لم تفارقه حتى ذهابه للعملية وقام وصلى لله شكراً.
الآن الساعة التاسعة صباح يوم الأربعاء أصبح الوقت ضيقاً وعملية التحرك لها الساعة الواحدة ظهراً ولم يصوّر شيئاً ولم يطَّلِع على الهدف.
قال له الأمير ستذهب لترى الهدف وتعرف طريقك جيداً فلما أراه الهدف قال له هذا هو الهدف فيه صعوبه لكن أسأل الله أن يسهله لك... لم يتكلم أبو محجن بل نظر إلى الأمير والابتسامة على محياه وقال: بل الهدف سهل جداً ....ففرح الأمير فرحاً شديداً .
رجع أبو محجن والابتسامة لاتفارقه...ذهب يصلي الظهر والعصر صلاةً مليئة بالبكاء والخضوع والإخبات والسؤال للرب بالتوفيق... انتهى من صلاته والإخوة بانتظاره ثم قام بالسلام وتوديع إخوته الوداع الأخير ثم أمتطى صهوة جواده وكان يردد (سنصب آلوان العــذاب علـيهمُ
ولتعلمَ الدُّنيا شموخ المــؤمنِ)
وكان يقول للإخوة لاتتأخروا فأنا بانتظاركم...
كان إخوته يتعجبون منه كيف يضحك هذا الرجل وهو ذاهب للموت بعد سويعات؟!!
وصل قريبا من الهدف ثم انتظر الوقت المحدد وتناول قليل من الحلوى مع بعض مرافقيه ثم جاءه الأمر بالتحرك كان هذا الموعد هو موعد خروج الموظفين وخاصةً هذا اليوم الذي يعتبر إجازة للعلويين الذين يعملون في هذا المعمل وكانوا لايخرجون إلا في هذا اليوم وكانت الحافلات أمام المعمل بانتظارهم لتوصلهم لقراهم... تقدم الأسد الهصور وكان المكان مكتضاً بالشبيحة والعاملين بالمعمل تقدم بهدوء حتى توسط الحافلات ثم أنغمس وأثخن في أعداء الله وأسلم الروح لباريها مخلفاً عدداً كبيراً من القتلى والجرحى ورعباً في قلوب أعداء الله يراودهم صباح مساء...اللهم تقبله في عداد الشهداء وأعلي درجته في أعلى علين وأجمعنا به في مستقر رحمته....
فتنت روحي ياشهيد
علمتها معنا الصمود
شوقتها إلى الرحيل
فتنت روحي ياشهيد
رحمك الله يا عبدالوهاب وصبر اهلك و عشيرتك على فراقك