بعد فترة قصيرة من دخول الألفية الثالثة، باشرت "أرامكو السعودية" في دراسة الآفاق المستقبلية لمصفاة النفط القائمة حالياً على 24 مليون متر مربع التي تبعد مسافة 165 كيلومتر إلى الشمال من جدة على ساحل البحر الأحمر. واقتصرت الفكرة الأولية على تطوير المصفاة القائمة، لكن سرعان ما تم تطوير هذه الفكرة، وبدأت "أرامكو السعودية" باستكشاف فرص وإمكانات أخرى.
تتمتع مصفاة "رابغ" بموقع استراتيجي على الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، مما يتيح الوصول بسهولة إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية من خلال الميناء التابع للمصفاة في المياه العميقة. ومن هنا، رصدت إدارة شركة "أرامكو السعودية" فرصة مناسبة لدخول مجال جديد في رابغ.
في تلك الفترة، لم تكن "أرامكو السعودية" تدير أي مصانع للبتروكيماويات. وأدركت الشركة أن نجاح مشروعها المستقبلي الواعد يحتاج إلى التقنيات المتطورة والخبرات العالمية في تسويق المنتجات البتروكيماوية، وهو ما وفرته شركة "سوميتومو كيميكال"، التي تعد إحدى شركات الكيماويات الرائدة على مستوى العالم. وهكذا أبصرت شركة "بترورابغ" النور.
في حين أن "بترورابغ" ليست شركة البتروكيماويات الوحيدة في المملكة العربية السعودية، إلا أنها تتمتع بمقومات ومزايا تمكنها من إحداث نقلة كبيرة في القطاع على مستوى المملكة والعالم. ومما لا شك فيه، أن التعاون الوثيق بين العملاقين "أرامكو السعودية" و"سوميتومو كيميكال"، بما يمتلكانه من خبرات ومقدرات تتكامل مع بعضها إلى أبعد الحدود، ستجعل من "بترورابغ" واحداً من أنجح شركات التكرير البتروكيماويات من حيث القدرة على الابتكار والمنافسة.
وفي الوقت الحالي، توفر مصفاة "رابغ" التابعة لأرامكو يومياً 400 ألف برميل من النفط الخام، و95 مليون قدم مكعبة من الإيثان، و15 ألف برميل من البوتان. ومن شأن توفر هذا الحجم الكبير من المواد الخام في موقع المشروع وبتكاليف ثابتة أن يحرر "بترورابغ" من الضغوط التي تعاني منها الشركات الأخرى على صعيد إمدادات المواد الخام، وسيمكنها من تحقيق مستويات غير مسبوقة في الكفاءة والأداء.
وفي ذات الوقت، تمتلك "سوميتومو كيميكال" قدرات براءات الإختراع تقنية عالمية، وخبرة تمتد إلى 95 عاماً في مجال التسويق العالمي للمنتجات التكرير الكيماوية. وإن هذا الاتحاد ما بين الخبرة الكبيرة والبنية التحتية المتطورة، فضلاً عن الطابع العالمي لهذه الشراكة، يبشر ببداية عصر جديد من الازدهار للمملكة العربية السعودية، التي ستستثمر مواردها الطبيعية في الوصول إلى أرقى مستويات العالمية في العديد من القطاعات. وصناعة التكرير والبتروكيماويات ليست إلا البداية.
ولدى انطلاق عملياتها، انتجت بترورابغ 18.4 مليون طن سنوياً من المنتجات النفطية المكررة، و2.4 مليون طن سنوياً من منتوجات البتروكيماويات القائمة على الإثيلين والبروبيلين. ومن المتوقع أن يكون الطلب عالياً على منتجات "بترورابغ" التي تتسم بجودتها العالية وأسعارها المنافسة، كما سيسهم المجمع الصناعي المقترح إنشاؤه بجوار المشروع في تعزيز مستويات الطلب. وعليه، يجري العمل على وضع خطط لتوسعة عمليات المشروع.