لا تزال أصداء الاجتماع الذي عقدته الإدارة الروسية، مع معارضين لنظام
الأسد ينحدرون من الطائفة العلوية، تتردد في أروقة الإعلام ومواقع التواصل، خاصة بعدما تلقى ممثل الشخصيات العلوية، تهديدات تمسّه مباشرة، من قبل شخصيات محسوبة على النظام السوري، إثر الاجتماع الذي عقده مع سيرجي ميتوشين، السكرتير الأول للبعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف، في الخامس عشر من شهر حزيران/ يونيو الماضي، تحت عنوان: "تسهيل التفاعل بين الاتحاد الروسي والمؤثّرين من العلويين في الشتات".
وكشف المعارض الشيخ عيسى إبراهيم، في تصريحات لـ"العربية.نت"، الأربعاء، أن ثمة معلومات لديه، بأن النظام نفسه، هو الذي أوعز بالهجوم عليه. وكان إبراهيم قد اتُّهم بعد لقائه والروس، بـ"تنفيذ مشروع تقسيم الصف العلوي" بحسب تصريحات لمدير ما يعرف بالمجمع العلوي على الإنترنت، الدكتور أحمد أديب الأحمد، أستاذ الاقتصاد في جامعة "تشرين" التابعة لحكومة الأسد، والقريب من دوائر نظام الأسد، والذي دشن حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، لـ"التبرؤ" من إبراهيم، وواصفا تياره بالخائن، فردّ إبراهيم، بأنه وفور نشر خبر اجتماعه والروس، صدر أمر باغتياله معنويا "على الأقل" معللا ذلك، بأن النظام السوري يعتبر لقاءه بالطرف الروسي، خطاً أحمر. كما قال.
محاكمة مجرمي الحرب
وفيما لم تتحدد الأهداف وراء لقاء الروس بمعارضين سوريين وصفتهم
موسكو بـ"علويين مؤثّرين" في الشتات، قال إبراهيم لـ"العربية.نت" إنه لا يستطيع الجزم بدوافع وغايات موسكو، بذلك اللقاء، إلا أنه عبّر عن قناعته بأن روسيا تهدف من تلك اللقاءات، لزيادة مساحة المشهد السوري، وتوسيع زاوية رؤيتها له، وبناء تصورات وحلول لمسائل دستورية أو سياسية أو قانونية.
وتوجهت
"العربية.نت" بسؤال للمعارض السوري المقيم في "النرويج" عن فحوى ما طرحه مع الروس، في الاجتماع الذي أثار قلق النظام السوري على نحو واسع، فذكر بأن من أهم ما طرحه معهم، جوهر حل مستدام للأزمة السورية، يتمثل بعقد اجتماعي يأخذ بعين الاعتبار، التنوع القومي والديني والسياسي في البلاد، معتبراً أن المدخل لهذا الحل "المستدام" بوصفه، لا يكون إلا بمحاكمة مجرمي الحرب ومن أي طرف كانوا، كما قال طارحاً رؤيته للروس.
الأسد ليس ممثلا للدولة السورية
وأشار إبراهيم لـ"العربية.نت" بأن التصور الذي خُوِّل بنقله للجانب الروسي، عبّر عن أن نظام
بشار الأسد، ليس "نظاماً علويا طائفياً" بل هو عبارة عن "طغمة متنوعة تحتل السلطة والدولة، وتنوعها لا يعطيها صفة العلمانية" مؤكداً أن نظام
الأسد عبارة عن "طغمة تستخدم كل العصبيات الفئوية لتحقيق أغراض سياسية على قاعدة الولاء من عدمه" وتبعاً لذلك، بحسب إبراهيم، فإن النظام السوري "طرف في الكارثة السورية، وليس ممثلا للدولة السورية، على الأقل ابتداء من العام 2011".
وطرح إبراهيم مع الروس، تصور فريقه السياسي المعارض للحل، بأنه يبدأ بتطبيق بنود القرار الأممي 2254. على أن يكون مستقبل مفهوم الدولة قائما "على أساس دولة لا مركزية" على أن يترك "للشعب السوري تحديد نسبة اللامركزية فيها" مع رفض "مبدأ المحاصصة الدينية والسياسية" بحسب كلامه لـ"العربية.نت" الذي أوضح فيه، اللامركزية التي عناها، على أنها نظام "مقاطعات" ضمن الدولة الواحدة، وكذلك طرح مبدأ البرلمان، بغرفتين، واحدة للنوّاب، وأخرى للشيوخ تمثل كافة فعاليات وثقل الجماعات الاجتماعية السياسية السورية.
ثروات الأسد ورامي مخلوف
ووصف إبراهيم حكم
الأسد بالمافيا، وأنه دفع بالسوريين للموت، من أجل بقائه على كرسي تلك المافيا التي "احتلت السلطة وسرقت الدولة" وأكد أن أبناء الطائفة العلوية التي ينحدر منها الأسد، هي "على خلاف التنميط السائد" ففيها "موالون للأسد وفيها معارضون له" وأكّد من ناحية أخرى، أن غالبية كبيرة من العلويين، ترى أن
بشار الأسد "سبب رئيس للكارثة السورية" وأن رحيل الأسد، "ضرورة" لحل الأزمة والخلاص من تبعات تلك الكارثة، خاصة في ظل الأنباء عن "ثروات
بشار الأسد وثروات ابن خاله رامي مخلوف" في الفترة الأخيرة.
في المقابل، أكد إبراهيم في تصريحه لـ"العربية.نت" أن
بشار الأسد "لن يترك السلطة، وفي سوريا حجَر على حجر!" كما قال مؤكداً أن
الأسد مستعد حتى "لاستيراد شعب آخر" غير الشعب السوري، وهو مستعد "لبيع سوريا بالكامل ولأي قوة خارجية على أمل البقاء في السلطة" كونه يعتبر أن البلاد تركة ورثها عن أبيه، رئيس سوريا السابق، حافظ الأسد. ولفت في هذا السياق، إلى أن الروس والإيرانيين، يدركون هذا الجانب عند الأسد، فأخذوا "يحصلون المكاسب".
ابتزاز روسيا باتفاقية عسكرية بين الأسد وإيران
وعلّق إبراهيم، على الاتفاقية العسكرية التي وقعها
الأسد مع الإيرانيين، في الأيام الأخيرة، وقال إنه "لا إمكانية لبقاء نفوذ ولاية الولي الفقيه في سوريا، ومهما حاولت إيران". معتبراً أن الاتفاقية تعبّر عن سعي الإيرانيين "للهروب من استحقاقات مطلبية شعبية داخلية" كما نظام الأسد. وأضاف بأن الطرفين،
الأسد وإيران، يأملان من الاتفاقية العسكرية التي وقعاها أخيراً، "ابتزاز" الجانب الروسي، محذرا حلف الأسد-إيران، من أي خطأ في الحسابات قد يكون "الخطأ الأخير" بحسب وصفه.
وطالب إبراهيم بدور عربي فاعل لحل الأزمة السورية، متسائلا عن سبب غيابه، وذكر بأن مما يحسب لرئيس سوريا السابق، حافظ الأسد، إدراكه أهمية ما وصفه بمحور دمشق-القاهرة-الرياض، متحدثاً عن طرحه لـ"فضاء شرق أوسطي" أساسه السلام والتنمية والاحترام المتبادل، عوضاً من شعارات سياسية "منافقة" سرقت "وجودنا في سوريا" لتأمين مصلحة "مافيا استثمرت لعقود في التحريض على الحرب والإرهاب".
ويشار إلى أن الشيخ المحامي عيسى إبراهيم هو أحد أحفاد الشيخ صالح العلي (1887-1950م) مطلق وقائد الثورة في الساحل السوري ضد الاحتلال الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي. وغادر إبراهيم سوريا، عام 2014، إثر محاولة لاغتياله بالسم، ويعيش في النرويج، وشارك بصفة مستشار دستوري وقانوني لهيئة التفاوض السورية، في جولة مفاوضات "جنيف" الثامنة، بين حكومة
الأسد والمعارضة، عام 2017.
تستطيع المشاركة هنا والرد على الموضوع ومشاركة رأيك عبر حسابك في الفيس بوك