وروي يفعل البار ما يشاء أن يفعل فلن يدخل النار ويفعل العاق ما يشاء أن يفعل فلن يدخل الجنة وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبوي بلغا من الكبر أني إلي منهما ما وليا مني في الصغر فهل قضيتهما حقهما قال لا فإنهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك وأنت فعل ذلك وأنت تريد موتهما .
وعقد البيهقي في ( الدلائل ) بابا مستقلا في الشعر وقال : ( باب اختياره - صلى الله عليه وسلم - الشعر ) وذكر حديثا طويلا عن جابر - رضي الله عنه - وحاصل الحديث : أنه جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : يا رسول الله يريد أبي أن يأخذ مالي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ائت بأبيك عندي ) فلما جاء أبوه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( يقول ابنك أنت تأخذ ماله ) قال : سله يا رسول الله لا مصرف لماله إلا عماته وقراباته أما أصرفه على نفسي وعيالي ؟ فنزل جبريل - عليه السلام - وقال : ( يا رسول الله قال هذا الشيخ في نفسه شعرا ما وصل إلى أذنه ) فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( هل قلت في نفسك شعرا ؟ ) فاعترف الشيخ وقال : لا يزال يزيدنا الله - تعالى - بك بصيرة ويقينا وعرض سبعة أبيات نظمها في نفسه وهي :
غذوتـك مولودا وصنتك يافعــــا ... تعل بما أجني عليك وتنـــــهل
إذا ليلة ضاقت بك السقم لم أبت ... لســـقمك إلا ســـاهرا أتململ
تخـاف الردى نفسي عليك وإنها ... لتعلـــم أن الموت حتم موكـل
كأني أنــا المطروق دونك بالذي ... طرقت به دوني فعيني تهمـــل
فلما بلغت الـــسن والغاية التي ... أتتك مرامـــا فيه كنت أؤمــــل
جعلت جزائي غلظــة وفظاظــة ... كأنك أنت المنعم المتفـضــــــل
فليـتــك إذ لــــم ترع حق أبوتي ... فعلت كما الجار المجاور يفعل
قال جابر : فبكى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ثم أخذ تلابيب ابنه وقال له : ( اذهب فأنت ومالك لأبيك ) . انتهى
وقد ثبت : تصرف الأب في مال الابن قدر الضرورة بهذا الحديث