أنت وأناااا وووكل بني البشر . . لااااا نعدوو كوننا بشر، أليس كذلك ..؟! إذاً فمعنى ذلك أن لدى كل منَّا المعطياااات التاااالية : قلب يتقلب، ونفس تشتهي، وعقل يفكر، وهوى يهوى،وشيطان يتربص ..!! فهل معنى أن ينتااااب قلبك بعض التقلبااات؛ كفيل بأن ينسفك من عاااالم الصالحين؟! . . . بالطبع لا ..!!! وهل معنى أن تميل نفسك لشهوة محرمة ، إذاً فقد خرجت من الملة والدين ؟! . . . أيضاً لا ..!! وهل معنى أن يسرح منك عقلك - بعض الشيء - بعيداً عن ريااااااض الصااالحين، فقد برأت منك ذمة المؤمنين؟! . . . كذلك الأمر . . لا ..!! فما باااال لو تقلب بك الهوى في التفكير في بعض ألوان الملذات العاجلة أو المحرمة، فهل يكون ذلك الأمر منك ردةً عن الدين ..؟!!! . . . بالطبع . . لا ..!!! إذا فماذاا لو دعــاك الشيطان الرجيم صراحة للوقوع في معصية، صغيرة كانت أم كبيرة، فضعفت نفسك؛ ووقعت في اقترااااااافها، فهل تكون بذلك من حزب الشيطان الرجيم ..؟! . . . أيضاً . . لا !!
1)إذا فما هو الخط الفاااااصل بين الطائع والعاصي؛ إذا كاااااااان الجميع
معرضون للوووقوع فيما ذكرنا ..؟!!!!
2)وما هو المعيار الذي يقاس به صلاح الصالحين، وفساد الفاسدين .؟!
3)بل ووووما هو السر وراااااء إمكانية تحووول أفسد الفااااااسدين إلى
إمام للصالحين؟!
للإجابة عن كل هذه الأسئلة ببسااااااطة، نقول وبالله التوفيق : إن تقلب القلب، ورغبات النفس، وانقياد العقل سلباً أو إيجاباً، وتجاذبات الهوى، ووسوسة الشيطان، كلها أمور لا يسلم منها صاااالح أو فاسد .!! بل الجميع يغترف منها فمستقل ومستكثر ..!!!
ولكن (1)
الخط الفااااصل بين الصلاح والفسااااد، يتمثل في ثلاث نقاط أساااااسية،
هي :
* معرفة العبد بحقيقة نفسه ..!!!
* تحديد مصادر الخطر التي تواجهه كنفس بشرية، ومحاولة بذل أقصى
الجهد لاتقائها ..!!!
* معرفة خط العودة، حال الحيد عن الطريق، وكيفية إزالة العواائق
التي تحول بينه وبين تلك العودة ..!!!
1 - فمعرفة العبد بحقيقة نفسه البشريةتجعله على علم بموااطن الضعف
والقوة فيها؛ فيسير بخطى متواازنة بين الخوف والرجاء؛ ليكون من الله
أقـرب، احتماءً من ضعفه بقـوة الله ، وهـرباً من فـزعه إلى أمان الله،
ونجاة من فقره إلى غنى الله، وهذا حااال الصالحين؛ فمن غفل عن ذلك،
وظن في نفسه القوة دون الضعف ؛ أصابه الشيطان بالغرور، كيما يجنح
به إلى أودية سحيقة من الهلاك وبعد عـن الله تعالى فيكون من الفاسدين
2 - أما تحديد مصادر الخطرأولها (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً)
وعليه فلابد أن يعتبر أن كل طريق تؤدي نهاااايتها إلى المعصية؛ فهوو
مصدر من مصادر الخطر الموجهة إليه؛ حيث يكمن ورااااءها الشيطان،
وعليه محاولة اتقائه والبعد عنه بكل ما أوتي من قوة، وأهم عوامل تلك
القوى ( البيئة الصالحة ) ليلحق بركب الصالحين ، لا أن يظن في نفسه
من القدرة والإرادة ما يؤهله لمواجهة تلك المخاطر، وما بها من ألوااان
الشرور والفتن دون التأثر بها، فيقع في مخالتطها ؛ لتحدث بينهما شيئاً
من الألفة؛ فتكون المحصلة النهائية؛ هو الضياع في أودية تلك (البيئات
الفاسدة)، ليلحق بركب الفاسدين ..!!!
3 - أما معرفة خط العودة؛ فلأن الزلل من النفس البشرية أمر وااااارد لا
محاااالة، وذلك لأن الإيمان يزيد بالطااااعة وينقص بالمعصية، فالتقصير
حاصل، ولكن الناس يتفاوتون فيه زيادة ونقصاناً ، غير أن العبرة بمدى
يقظة القلب، وسرعة الرجوع بالتوبة والإنابة، ومعرفة كيفية الخلااااص
من شبااااك اليأس التي يلقي بها الشيطان على العبد بمجرد اقترافه زللاً
أوو معصية؛ لإيقااااعه في مستنقع القنوط من رحمة الله تعالى !! إلا أن
استعاااانته بعوامل القوووة التي منحها الله له، ليعتبر خير معين له على
استعادة تواااازنه، وأولها يقينه بأن الله يقبل توبة التائبين (أشهدكم أني
قد غفرت له، وليفعل عبدي ما شاء) الحديث ..!!!
(2)
أما المعياااار الذي يقااااس به صلاح الصاااالحين، وفسااااد الفااااسدين،
فيتمثل في كيفية السقوط في المعصية إذا حصل، وعاقبة ذلك السقوووط
على كل منهما بعد وقوعه ..!!
فالفاسد لا يبالي بالمعصية؛ نظراً لهوانها عليه ابتداءً، والسبب هو هوان
أمر الله عليه أصلاً ، وغفلته تماااااماً عن الآخرة، وما فيها من وعد الله
ووعيده !! كما أن الكأبة التي تنتابه بعد اقترافه لتلك المعصية لا تمثل إلا
زيادة في نسبة الظلمة المخيمة أصلاً على قلبه !! وبالتالي فهـو ينتقل من
بؤس إلى بؤس، وومن غمٍ إلى غم !! ولا يلحظ هذه الزيااااادة إلا شعوراً
بالاختنااااق في نفسه؛ يحاول الهروب منه باقتراف المزيد من المعاصي؛
لعل ذلك يصرف عنه ما هووو فيه من الوووحشة والكآبة ، ووولا يدري
المسكين بأنه يعالج جرحه بالمزيد من الجراااح، وأنه أضحى كااااالمدمن
الذي تغلغلت المخدرااااات في عروقه ودمه، وكلما هاجت عليه نفسه لجأ
لتعاطي المزيد منها ..!!!
أما الصالح فيكون بينه وبين الإقدام على المعصية من الموانع والحواجز
بحسب قـربه أو بعده من الله تعالى، ولكن إقدامه عليها يسبقه تردد يزيد
مقداره وينقص بحسب مراااااقبته لله وإخلاصه له، فإذا ما ضعفت قواااه
وزلت قدمه في اقتراااف المعصية؛ فإن سياط اللوم والندم تشتعل في قلبه
على الفور ناراً، يظل على إثرها في حاااال كئيبة؛ يسترجع ووويستغفر،
ويستمر به الأمر على هذه الحاااال؛ حتى يستشعر أن صدق ندمه قد دنى
به من بااااااب المغفرة، ولعله يفتح له يوماً من الأيام، فيظل خائفاً وجلاً،
منكسراً حزيناً ، حتى يذهب الله غمه، ويبشره بدلالات على قبوول توبته
بفضل الله ورحمته.
(3)
أما السر ورااااء إمكاااانية تحول أفسد الفااااسدين إلى إماااامٍ للصالحين
فيكمن في إحدى الاحتمالات التالية :
* نبتة خيرٍ في قلب ذلك العاصي، كااانت سبباً في رحمة الله به وهدايته؛
فأبصرت عيناه النور ، وانقشعت عن قلبه حجب الغفلة؛ فأراد أن يعوض
ما فاااااته من الخير، فانغمس ينهل من نبع الهداية، ويدعو الناس إليها،
ووومثل هذاااا كمثل الظمآن الذي يريد أن يروووي ظمأه، ولا يجد لظمئه
ارتوااااءً؛ حتى يكون سبباً في هداية العالمين!! فيحمل همَّ الدين في نومه
ويقظته، وربما يجعله الله أحد الدعاااااة الموفقين، أو العلماء الصالحين!!
( خياركم في الجاهلية، خياركم في الإسلام إذا فقهوا ) ..!!!
* عمل صاااالح - ولووووو يسير - قد وفقه الله إليه، فنظر الله إليه نظر
رحمة فرزقه بسببه الهدااية (بغي سقت كلباً فشكر الله لها فأدخلها الجنة)
* دعوة مستجابة، سوااااء كانت من نبي مرسل (اللهم اهد أحد العمرين)
أو من رجل صالح، أو من أحد الوالدين ..!!!
ولعل هناك من أسباب هداااية الله المطلقة ما خفي على الكثير من عباده،
غير أنه ينبغي على العبد الراااجي لرحمة ربه؛ أن يتذكر دائماً قول الحق
تبـارك وتعالى :- (( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم )) فتعذيب الله
لنااااااا لن يزيد في ملكه شيئاً، وووورحمته بنا لن تنقص من ملكه شيئاً؛
فيحسن الظن بربه، ويجعل نفسه على كل حاااال ملاصقةً لجناااااابه، فإن
أطاع شكره على أن وفقه لطاعته ، وسأله أن يتقبلها منه، وإن أساء ظل
ملازماً لباب عفوه ، نادماً على فعله ، منكسراً لجلاله وعظمته، فلعل باب
العفو يفتح له عن قريب ، أو لعله إذا وافته المنية وهو على هذه الحال ،
ألا يُعدم كرم الله بأن يدخل عظيم جرمه في عظيم عفوه ..!!!
فالزم باب عفو ربك، ولا تبرح عتبته، وقل يارب : ( خذلتني نفسي عن
طاعتك، فجئت أشكو إليك حاااالي، وليس لي راااحم إلا أنت، فهل تقبلني
إذا عدت إليك ؟!) وكن على يقين أن أكرم الأكرمين لا يرد سائلاً ببااابه،
فكيف يرد من جااااءه تائباً، وهو الذي أخبرنا على لسان نبيه (صلى الله
عليه وسلم ) أنه أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أحااااطت به أسباااااااب
الهلاك ، فكتبت له الحياة من جديد ..؟!!!
فها هو الطريق إلى الله فالزم . . ولا تنظر خلفك فتندم . . وأقبل على رحمة الله تغنم . . وها نحن قد عرفنا من تلك الكلمات معااالم الطريق إلى الله، وأزلنا اللبس عنها، حتى لا نتيح للشيطاااان فرصة بأن يطمس معالمها؛ فيصعّب الأمر علينا، فالحمد لله على نعمته بأن وفقنا بهدااايته؛ لأن نجعل سوياً الصعب سهلاً ..!!
((( الكاتب )))
((( أبومهند القمري )))
.