بعد أسابيع من المراوحة، يتجه رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، نحو تفعيل التعديل الوزاري الذي صادق عليه البرلمان واعترض عليه الرئيس قيس سعيد، وفق ما أفادت مصادر مطلعة.
وقالت المصادر ذاتها للعربية اليوم الجمعة، "إن المشيشي سيقوم بإنفاذ التعديل الحكومي الذي شمل 11 وزيرا"، وذلك "بعد استيفائه الاستشارات القانونية بخصوصه"، في إشارة إلى استشارة المحكمة الإدارية إلى جانب الاستئناس بآراء بعض خبراء القانون.
كذلك، لم تستبعد المصادر أن يتولى المشيشي بنفسه، التوقيع على تسمية الوزراء الجدد وإصدار ذلك في الجريدة الرسمية، ليتولوا بعد ذلك مباشرة مهامهم بصفة رسمية.
دعم النهضة
ولعل ما يؤكد هذا التوجه، تصريح المتحدث باسم حركة النهضة عماد الخميري، الذي قال اليوم "إن أغلبية الكتل النيابية المشكّلة للحزام السياسي لرئيس الحكومة اعتبرت أن التحوير الوزاري الأخير استوفى كل الشروط الدستورية والقانونية".
كما أضاف في تصريحات صحافية "إن كل الكتل وفي مقدمتها حركة النهضة عبرت عن دعم المشيشي في إمضاء التعديل الوزاري"، وذلك على خلفية "الظروف الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي لا تسمح بتأخير تسلم الوزراء مهامهم"، وفق تعبيره.
سيناريو الدخول بالقوة
يأتي هذا فيما يرى مراقبون، أنه في حال أقدم المشيشي مدعوما من النهضة على تنفيذ سيناريو "الدخول بقوة"، فإن الأزمة ستزيد استفحالا بين رأسي السلطة التنفيذية.
بالتزامن، تزايدت الدعوات من بينها دعوة اتحاد الشغل، لانسحاب 4 وزراء تلاحقهم "شبهات فساد" من مناصبهم، وذلك لنزع فتيل الاشتباك السياسي بين قرطاج والقصبة.
الفصل 144 وموقف سعيد
وكانت حركة النهضة أحد الأحزاب الداعمة لحكومة المشيشي، قد دعت "لاستكمال مسار التعديل وتمكين الوزراء من مباشرة مهامهم، لمواجهة التحديات والمصاعب التي تمر بها البلاد"، وفق بيان صادر عن مكتبها التنفيذي أمس الخميس.
جاء هذا البيان قبل ساعات من اجتماع عقده المشيشي مع ممثلي الأحزاب والكتل الداعمة لحكومته، للتداول في المأزق المطروح.
يذكر أن المشيشي كان عرض التعديل الوزاري على البرلمان للمصادقة يوم 26 يناير الماضي، وذلك طبقا للفصل 144 من النظام الداخلي للبرلمان، الأمر الذي انتقده سعيد في مراسلة موجهة لرئيس البرلمان راشد الغنوشي، معتبرا "أن النظام الداخلي يسري على البرلمان لا على الدولة".
وينص الفصل 144 المذكور على أنه "إذا تقرر إدخال تعديل على الحكومة التي نالت ثقة المجلس إما بضم عضو جديد أو أكثر أو بتكليف عضو بغير المهمة التي نال الثقة بخصوصها فإن ذلك يتطلب عرض الموضوع على المجلس لطلب نيل الثقة".
ووفق الدستور، يتعيّن بعد نيل ثقة البرلمان، أن يؤدي الوزراء الجدد اليمين أمام رئيس الجمهورية، الذي يتولى بعد ذلك التوقيع على تسميتهم للصدور في الجريدة الرسمية قبل مباشرتهم مهامهم.
وكان سعيد رفض أداء 4 من الوزراء الجدد اليمين الدستورية على خلفية ملاحقتهم "بشبهات فساد وتضارب مصالح"، مؤكدا "أن أداء اليمين جوهري وليس شكليا"، وفق تعبيره.