أنهت سلطات أمن النظام السوري حياة شاب سوري، إثر اعتقاله بتهمة التجارة بتبغ مهرّب، فاعتقل، ثم ضرب بعنف، ثم تم رميه من السيارة، لتبدو الجريمة كما لو أنها حاصلة بسبب "هروبه" من سيارة الاعتقال.
في التفاصيل، أكد والد الشاب "راندي حديفة" الذي ينحدر من محافظة السويداء، أن ابنه قد مات، إثر تعرضه للضرب على يد دورية تابعة لأمن النظام، بعدما قبضت عليه في منطقة "السومرية" إحدى ضواحي العاصمة دمشق.
وقال فراس حذيفة، والد راندي، باتصال مع إحدى الإذاعات المحلية السورية، إن دورية مكافحة التهريب "خطفت ابنه" ثم قتلته. وأضاف وهو يبكي على الهواء: "ابني، يدي اليمنى، وقطعوها!" وكشف الأب، بأنه كان عسكرياً سابقاً، وأنه قد خدم عند شقيق رئيس النظام السوري، باسل، الذي لقي مصرعه، بحادث سير، في تسعينيات القرن الماضي.
ظنّوه مات ضرباً فرموه من السيارة
وبحسب الأب المفجوع، فإن عناصر دورية أمن النظام، بعدما قبضت على "راندي" إثر ابتياعه علب تبغ مهربة، كي يبيعها في محل متواضع له "بسطة" في منطقة جرمانا، قاموا بضربه حتى فقد الوعي في السيارة التي اعتقلوه فيها، فاعتقدوا بأنه قد فارق الحياة، فقاموا برميه من السيارة، على قارعة الطريق.
وأكد أن من أسعف ابنه، إلى المستشفى، كان شرطي مرور، رأى ابنه مرمياً على الطريق. وقال: "موضوع ابني، هو موضوع جريمة قتل، ضربوه بدم بارد"، كما قال مؤكداً بأن ابنه بقي 10 أيام في المستشفى، بغيبوبة كاملة، وأعلنت وفاته، السبت.
يذكر أن "راندي حديفة" فارق الحياة، في مستشفى المواساة التابع لصحة النظام، إلا أن حكومة الأسد، كانت نشرت رواية للحادثة، قالت فيها، إن الضحية، مات لأنه قذف بنفسه من السيارة، هرباً من الاعتقال، فتعرض لأذى شديد، وإن عناصر الدورية هم الذين أسعفوه إلى المستشفى.
النظام يبرّئ عناصره ويعتقلهم!
وكان مصدر من أمن النظام السوري، قد نفى لإذاعة محلية، الأحد، أن يكون الشاب قد توفي نتيجة تعرضه للضرب، بل لأنه هرب من السيارة وقذف بنفسه، فتعرض لأذية حادة. غير أن المصدر المذكور، أقر للإذاعة المذكورة، بأن عناصر الدورية قد تم توقيفهم.
وأدت وفاة الشاب راندي إلى استياء واسع في محافظة السويداء، ذات الأكثرية من الموحّدين الدروز، وكذلك شهدت "جرمانا" في ريف دمشق، استياء واسعاً على وفاة الشاب ضرباً، ثم رمياً من سيارة الاعتقال.
كما طالبت صفحة "بني معروف-الموحدون الدروز" على فيسبوك، بإنزال "القصاص العادل بالجناة" كما قالت، في بيان، مطالبة بما وصفته بإعلاء كلمة القانون.
غض البصر عن أمن الحدود وملاحقة باحث عن لقمة عيش
بدورها، نقلت صفحة "السويداء 24" أن حادثة وفاة الشاب راندي، ضرباً على يد عناصر دورية أمن للنظام، وتسمى "دورية مكافحة" أثارت استياء واسعاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في السويداء، مسقط رأس الضحية.
واتهم المصدر الإخباري المعني بشؤون السويداء، سلطات النظام السوري، في شكل عام، بغض بصرها عن "أمن وسلامة الحدود" وتجاهل "المهربين الكبار" فيما تتم "ملاحقة الباحثين عن لقمة العيش في ظل الظروف الاقتصادية القاهرة"، كما قالت.
في غضون ذلك، وفاة الشاب الباحث عن مجرد لقمة عيش، أثارت تعاطفاً حتى في الشارع الموالي لنظام الأسد، وتساءلت الناشطة "ندى مشرقي" وهي من أنصار الأسد في اللاذقية، وتملك موقعاً إخبارياً على "فيسبوك" عن السبب الحقيقي وراء القبض على شاب ابتاع بضعة علب سجائر، ليقوم لاحقاً هو ببيعها "ويكسب قوت يومه؟".
تهديدات للأب
وقالت مشرقي: "لماذا تم تطبيق القانون" على الشاب، فيما تم استثناء "حيتان" هم "منيعون على ما يبدو من تطبيق القانون عليهم" وتساءلت مشككة برواية رمي الشاب نفسه من سيارة الاعتقال: "وإن كان سبب موته، إلقاء نفسه من السيارة، فهي رواية مؤلمة تطرح تساؤلات كثيرة، لماذا ألقى بنفسه وكيف استطاع أن يلقي بنفسه مفضلاً الموت على البقاء بأيدي عناصر الدورية؟".
في السياق، أفاد مصدر للسويداء 24، بأن جهات في النظام، أخبرت عائلة الشاب القتيل، بأنها ألقت القبض على عناصر الدورية، مشيراً في هذا السياق، إلى أن عائلة الضحية، قد رفعت دعوى قضائية بحق عناصر الدورية الأربعة، إلا أن الأب المفجوع، نفى أن يكون قد تم اعتقال أحد، وأكد أنه تلقى ما وصفه بـ"شبه تهديد" لثنيه عن إثارة الموضوع والقبول بحلول معينة.