وأكد عدد من العائدين لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" أنهم تعرضوا لأبشع وأقسى أنواع التعذيب والإهانات والضغوط النفسية والعصبية، مقدمين الشكر للقيادة السياسية المصرية لسرعة تدخلها لإنقاذهم من براثن ما وصفوه بـ"الوحوش الآدمية".
اتصال أخير.. وانقطاع الأخبار
وقبل 25 يوماً، تلقى أبو الخير الباشا، أحد أبناء قرية كوم الرمل قبلي التابعة لمدينة سمسطا في محافظة بني سويف، والتي ينتمي إليها العائدون المصريون، اتصالاً هاتفيا من أحد أبناء عمومته الذي يعمل في ترهونة الليبية يفيد باقتحام مجموعة من المسلحين مقر سكنهم، وبعدها انقطع الاتصال تماماً وانقطعت معه أخبار كافة أبناء القرية البالغ عددهم 23 شخصاً يعملون في المدينة الليبية ويقيمون في منزل واحد.
ووفق ما رواه أبو الخير لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، فإن جميع أهالي العمال أكدوا أن اتصالات أبنائهم بهم انقطعت من ذلك الحين، وأن هواتفهم أغلقت. وبدأ الرعب يتسلل إلى قلوب العائلات خشية على مصير أبنائها.
وقال محمد مراد، وهو تاجر عقارات وأحد أبناء كوم الرمل قبلي لـ"العربية.نت"، إن أهالي القرية شكلوا فرقاً لمتابعة الأمر، حيث تواصل هو مع وسائل الإعلام المصرية لتسليط الضوء على الواقعة، بينما تواصل آخرون مع مسؤولي وزارة الخارجية المصرية. كما تواصل سكان آخرون من القرية مع بعض المصريين المقيمين في ليبيا. وظل الغموض يكتنف مصير المصريين في ليبيا، حتى ظهر الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل وظهر فيه وجوه شبان البلدة المعذبون على يد ميليشيات الوفاق.
وأضاف أبو الخير الباشا معقباً أنه بعد ظهور الفيديو تلقت عائلات القرية اتصالات من مسؤولين مصريين أكدوا لها أن أبناءها بخير، وأنهم سيعودون للبلاد خلال أيام.
سرقة مدخرات العمال
وقال إن أبناء القرية العائدين هم جمال محمود، محمد حميدة، جميل محمد محمود علوان، محمود حامد طنطاوي، سيد حامد، محمد نادي سمير، علي نادي سمير، سيد صلاح محمد، وائل رمضان، سيد محمد، بهجت نادي، سلومة سعيد، وهبة صديق، محمد سيد حسن، أحمد طه، ربيع محمد، مصطفى محمد، رجب عبدالصمد، كساب شعبان، شعبان محمد، حمادة محمد شعبان، ممتاز محمد عبدالحليم، مضيفاً أن محافظ بني سويف استقبلهم فور وصولهم وقبل عودتهم لمنازلهم في القرية.
من جهته، كشف سيد صلاح، أحد العائدين من ليبيا، لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" تفاصيل أكثر، قائلاً إنه وأقاربه كانوا ينوون العودة لمصر خلال أيام، وجمعوا كل أغراضهم، من أموال وهدايا، تمهيداً للرحيل، عندما اقتحم مسلحون مجهولون مدججون بالأسلحة مقر سكنهم واعتقلوهم جميعاً بعد تعصيب أعينهم. وأضاف أن المسلحين استولوا على كل ما كان بحوزة العمال المصريين من أموال وهدايا، كما استولوا على أجهزة كهربائية اشتراها أحد الشباب وكان يعتزم العودة بها لمصر استعدادا لزفافه.
تعذيب وإهانات
بدروه، روى وائل رمضان، أحد العائدين من ترهونة، أنه تم اقتيادهم لمكان آخر مجهول يشبه معسكرات الاحتجاز، ووضعهم في غرف ضيقة لا تسمح سوى بالنوم على جانب واحد. وأضاف أن المسلحين مارسوا معهم كل أنواع التعذيب.
وكشف أنهم تعرضوا للضرب والإهانات بالسباب لهم ولأسرهم، ولإطفاء السجائر في أجسادهم وللصعق بالكهرباء ولاقتلاع الشعر، مؤكداً أن من عذبوهم كانوا يتحدثون "بلهجة ليبية واضحة".
في سياق متصل، قالت سمارة حامد طنطاوي، والدة أحد العائدين، إنها في غاية السعادة "فقد كتب الله لابني عمراً جديداً"، مؤكدةً أنها لن تسمح له بالسفر والاغتراب مرة أخرى.
وكان العمال المحتجزون في ليبيا والذين تم تعذيبهم على يد ميليشيات حكومة الوفاق قد وصلوا صباح اليوم الخميس بعد تدخل السلطات المصرية لتحريرهم، بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
اعتقال الفاعلين
ومساء الأربعاء، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الليبية القبض على المتورطين "في واقعة الإساءة لعدد من العمال المصريين التي جرى تداولها قبل أيام على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تحديد هوياتهم".
وقالت في بيان رسمي إنه تم التوصل لهم بعد إجراءات الاستدلال عنهم "تمهيداً لإحالتهم إلى مكتب النائب العام في طرابلس"، مضيفة أنها تمكنت من رصد مكان واقعة الإساءة للعمال وكشف هوية المتورطين في الواقعة.
وكانت ميليشيات تابعة لقوات الوفاق قد اعتقلت عشرات العمال المصريين في مدينة ترهونة، وقامت بتعنيفهم وتعذيبهم، بتهمة دعم الجيش الليبي والعمل في صفوفه.
وأظهر مقطع فيديو وصور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، مشاهد صادمة لعمليات تعذيب وإهانة تعرّض لها عمال مصريون، بعد اعتقالهم من قبل ميليشيات مسلّحة تابعة لـ"قوات بركان الغضب".
وكشف الفيديو إجبار العمال على الوقوف تحت أشعة الشمس حفاة، وعلى قدم واحدة ورفع أيديهم إلى الأعلى، كما تم إجبارهم على ترديد ألفاظ نابية والهتاف والإشادة بمدينة مصراتة.