بدأت بوادر صدام تطفو على السطح بين الحكومة والاتحاد التونسي للشغل، أكبر منظمة عمالية في البلاد، بسبب خطط حكومية تستهدف وقف الانتدابات وتجميد الأجور عام 2021، إلى جانب إجراءات تقشفية أخرى، اعتبرها الاتحاد مجحفة بحق العمال والعاطلين عن العمل، محذّرا من تداعياتها الإجتماعية.
وكشفت الحكومة، التي يقودها إلياس الفخفاخ، نهاية الأسبوع المنقضي، عن بعض الخطوط العريضة لموازنة 2021، من خلال منشور وجهته إلى الوزراء والمحافظين ورؤساء الهياكل والهيئات الدستورية، أوصت فيه باتخاذ تدابير للحد من الإنفاق العمومي خاصة في ما له علاقة بالوظائف العمومية.
ومن ضمن القرارات التي تضمنها المشروع الحكومي، غلق باب الانتدابات لسنة 2021 باستثناء بعض الاختصاصات الملحة وذات الأولية القصوى إلى جانب إرجاء إنجاز برامج جديدة للتكوين بهدف الانتداب لسنة 2022، وتأجيل الترقيات، والتحكم في كتلة الاجور والنزول بها إلى نسب معقولة، وعدم خلاص الساعات الإضافية باستثناء وزارتي الدفاع والداخلية و رئاسة الجمهورية.
ولم يتأخّر اتحاد الشغل الذي يتعرض إلى ضغوط كبيرة من منتسبيه لتحسين رواتبهم وتقليص تدهور قدرتهم الشرائية في الرد على هذه القرارات التي تتعارض مع سياساته الاجتماعية، وأعلن رفضه لها، كما تعهد بالتصدي لهذه الخطط.
وفي هذا السياق، اعتبر الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم الشؤون القانونية بالاتحاد العام التونسي للشغل، حفيظ حفيظ، أن التوجهات الكبرى للحكومة في الفترة القادمة، تمّس من مكاسب الأجراء، منتقدا تعليق الانتدابات وتعويض الشغورات والترقيات وتأجيلها لسنة 2022.
ودعا في بيان، إلى ضرورة فتح المفاوضات الإجتماعية كما تنص على ذلك اتفاقيتي أكتوبر 2018 و فيفري 2019 للوظيفة العمومية والقطاع العام و سبتمبر 2018 للقطاع الخاص، مشدّدا على أن اتحاد الشغل لن يقبل بأية موازنة لا تنهض بأوضاع الأجراء والمهمّشين، ولن يقبل أن يدفع العمّال فاتورة كل أزمة إقتصادية بمفردهم.
ومن جانبه، قال الأمين العام المساعد والمتحدثّ باسم الاتحاد التونسي للشغل سامي الطاهري، إن ما ورد في المنشور الحكومي لمشروع موازنة 2021 هي مواصلة للسياسة اللاإجتماعية والحلول السهلة لمواجهة الأزمة الإقتصادية، وذلك عبر تعبئة الموارد المالية للبلاد من عرق الأجراء وجيوبهم.
وفي السياق ذاته، وصف المكتب التّنفيذي لاتّحاد أصحاب الشهادات المعطّلين عن العمل، خطوة رئاسة الحكومة حول إقرار عدم فتح باب الانتدابات المدرج ضمن مشروع ميزانية الدّولة لسنة 2021 "بالخطيرة وغير محسوبة العواقب"، وحذّر الحكومة من عدم الرّجوع عن هذه القرارات، لما تمثّله من استفزاز للفئة التي تعاني البطالة، داعيا منخرطيه وهياكله للاستعداد للشّروع في سلسلة من التحركات الاحتجاجية لفرض ملفّ التّشغيل والانتداب كأولويّة قصوى.
ويشير هذ االتباين في الخيارات بين الاتحاد التونسي للشغل ذو التأثير القوي في البلاد والحكومة، إلى احتمال اندلاع صراع وخلافات بينهما، قد تعمق الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ ثورة 2011، ويزيد من حالة الإحتقان الإجتماعي.
وتواجه تونس التي تعتمد على السياحة في نحو 10 بالمائة من دخلها، هذا العام، "كارثة اقتصادية" غير مسبوقة، مع توقع فقدان عائدات هذا القطاع بسبب قيود السفر وفرض إجراءات العزل العام لمكافحة انتشار فيروس كورونا، وهو وضع قال مسؤولون حكوميون، إنه سيدفع لاتخاذ إجراءات "مؤلمة وموجعة"وفرض ضرائب إضافية، إذا لم يتم إيجاد تمويلات كافية تحدّ من الآثار السلبية لأزمة كورونا، لكن هذه الخيارات قد تضع الحكومة في مواجهة مباشرة مع اتحاد الشغل، الذي يطالب بتنفيذ اتفاقيات سابقة تتعلق بالزيادة في الرواتب، ومع الشارع لإحتواء سلسلة من الإحتجاجات.