وأوضحت صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها التي جاءت بعنوان ( الأسواق النفطية والانتصار السعودي) : إذا كانت الأسواق مزدحمة ورياحها غير مواتية، فالكبار وحدهم هم القادرون على تنفيذ صفقات جيدة، والمحافظة على عملائهم، وكانت السعودية ولم تزل أحد أكبر منتجي ومصدري النفط في العالم، لكن هذا الوضع كلفها كثيرا في العقود الماضية، حيث لعبت دور التوازن، وبحكم مركزها الإقليمي والعالمي كانت تقدم تضحيات كبيرة وتتحمل نتائج التخفيضات أو حتى تغطية النقص من جانب أي دولة تواجه ظروفا استثنائية، وتعمل على كبح جماح الأسعار حتى لا تفقد الأسواق توازنها ويتعرض اقتصاد العالم للصدمات في أسعار الطاقة. كل ذلك كان يأتي دائما على حساب حصة السعودية في الأسواق والعملاء الرئيسين وموقفها التفاوضي. وفي تقرير نشرته "الاقتصادية"، فإن المملكة كانت قد فقدت بعضا من حصتها في الهند - مثلا - مع انهيار الأسعار في 2015، وحدث هذا أيضا مرات عديدة في السابق كلما سارعت المملكة وحيدة إلى تخفيض الإنتاج أملا في قيام الآخرين بخطوات مماثلة للمحافظة على توازن السوق وعلى أساس أن المملكة ستظل المصدر الأعلى عالميا. لكن هذا السيناريو لم يعد مجديا، خاصة مع انهيار الأسعار تماما بسبب الإغلاق الكبير الذي تسبب فيه كورونا في أنحاء العالم، وبدا الأمر كأن هناك إغراقا للأسواق بالنفط، ما تسبب في انخفاض الأسعار، لكن الحقيقة أن الطلب توقف أو تراجع بصورة عنيفة وجوهرية بسبب سياسات الإغلاق، ولا شك هنا أن فرص وحصص المبيعات تقلصت أيضا، فإذا كانت أي دولة مستوردة للنفط وتتعامل مع مصدرين عدة في وقت واحد، فقد أصبح يكفيها الآن مع الأزمة الحالية مصدر واحد وبعدد أقل بكثير من الكميات المعهودة، وعلى بقية المنتجين انتظار الأوقات الجيدة للعودة إلى السوق. هنا لم تعد القواعد القديمة قابلة للعمل، أو التطبيق، وبدأ في عالم النفط ما يشبه المعركة الحاسمة للدفاع عن الحصص، وظهر للعالم أجمع قدرة الاقتصاد السعودي على ذلك. وأضافت أن السعودية لن تقف مكتوفة اليد في سوق عمتها الفوضى بينما تفقد حصصها لمنتجين أقل بكثير من قدرة المملكة على الإنتاج أو تحمل تكلفته، والمخطط السعودي بصير كفاية ليرى الوضع في الأسواق ويدرس جميع الخيارات المتاحة له، لذا قرر أن الاقتصاد العالمي والسوق النفطية تمر بحالة لا سابقة لها، وأن القرار يعتمد على معطيات الحالة الراهنة التي تتطلب الدفاع عن الاقتصاد الوطني بكل شجاعة. وهي القرارات التي وصفتها وكالات البحث العالمية بالسياسات الشرسة لحماية حصتها السوقية في آسيا، كما أشارت هذه المراكز ومن بينها معهد أكسفورد لدراسات الطاقة إلى "أن السعوديين يحققون نجاحات"، وموقفهم ومستقبلهم قوي في أسواق النفط العالمية. وهذا الوضع يعزز موقفها المحوري في الأسواق محافظة على صدارتها الريادية. وهي قادرة على مواجهة كل التقلبات ولديها القدرة في الوقت نفسه على المحافظة على توازن الأسواق النفطية. فالتقارير اليوم تشير إلى أن القرار السعودي في التصدي للأزمة كان قرار صحيحا، بينما ترصد وكالات الأنباء المهتمة بالأسواق العالمية مثل وكالة "بلومبيرج" ذلك النجاح، وتؤكد أن السعودية تعد أكبر مصدر للبترول في العالم، وتحقق انتصارا في المنافسة والاستحواذ على المبيعات، عبر قيامها بتخفيض أسعار الخام الخاص بها. وأشارت بيانات صادرات النفط الخام خلال الشهر الماضي؛ إلى أن المملكة الدولة الوحيدة بين أكبر أربعة منتجين في "أوبك" قامت بزيادة مبيعاتها إلى الهند لشهر نيسان (أبريل)، وفقا لخدمة وكالة "بلومبيرج" لتتبع ناقلات البترول، كما أن حصة السعودية في الشحنات المصدرة إلى الصين زادت بمقدار الضعف، وكذلك زادت صادرات المملكة من البترول إلى الولايات المتحدة بنحو برميل في اليوم، وهو أكبر مستوى تصل إليه منذ آب (أغسطس) 2018. وأكدت أن جميع الوكالات العالمية وبعد اتضاح الصورة الحقيقية للأسواق وانتقال أزمة الحصص إلى جميع المنتجات والاقتصادات الأخرى، أن للمملكة كل الحق في أن تكافح كغيرها من المنتجين في مواجهة التراجع الذي شهده الطلب نتيجة إجراءات الإغلاق بسبب انتشار وباء كورونا، وأن سياستها التسعيرية والتصديرية سليمة تماما، تفرضها قواعد السوق والمنافسة العادلة، حيث ارتكزت شركة أرامكو على مزاياها التنافسية لإيجاد موضع للخام الذي تنتجه وسط الزيادة الكبيرة في المعروض، وهو ما قاد إلى ارتفاع الصادرات السعودية إلى الصين بأكثر من الضعف في نيسان (أبريل)، حيث بلغت 2.2 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى لها منذ أن بدأت وكالة "بلومبيرج" في تتبع التدفقات البترولية أوائل عام 2017، كما وصلت شحنات الخام السعودي المتجهة إلى الهند إلى أعلى مستوياتها خلال ثلاثة أعوام على الأقل، حيث بلغت 1.1 مليون برميل يوميا، وعادت بذلك إلى قمة المصدرين للهند بعد أن استطاعت الزيادة في الصادرات البترولية إلى الهند بمقدار التراجع الذي شهدته مبيعات دول أخرى. وختمت :ومع عودة الأسعار إلى التحسن تدريجيا كلما زادت دول العالم تخفيف الإجراءات الاحترازية وفتح الأسواق، وهو ما يعني خروج المملكة منتصرة في هذه الأزمة الخانقة، وسيكون لذلك أثره الإيجابي طويل الأجل في الاقتصاد السعودي عموما وسرعة عودته إلى مستويات ما قبل الأزمة، كما سيعزز الموقف التفاوضي للمملكة في أي مناقشات مقبلة حول تنظيم السوق والحصص. // انتهى //07:44ت م 0010