غادر زعماء الكونغرس الأمريكي البيت الأبيض في وقت متأخر من يوم الجمعة في الولايات المتحدة الأمريكية، ممثلين بجناحي الكونغرس، مجلسي النواب والشيوخ، وعلى رأسهم زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد، وزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأمريكي جون بينر، بصمت دون إعطاء أية تصريحات للصحفيين عن ما دار في اجتماعهم المغلق في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وقد انعقد ذلك الاجتماع في البيت الأبيض لتدارس آلية تفادي ما بات يعرف بـ "الجرف المالي" أو الهاوية المالية، الأمر الذي يشكل الهاجس الأكبر لدى الأسواق المالية في الوقت الجاري، وسط تحذيرات من كون "الجرف المالي" سيدخل الاقتصاد الأمريكي في حالة من الركود مجدداً، وللتوضيح: "الجرف المالي هو عبارة عن رفع تلقائي للضرائب، يتزامن مع تخفيض الإنفاق الحكومي". هذا وتتأمل الأوساط الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية، بل وحول العالم بأسره، أن يتوصل الكونغرس الأمريكي بجناحيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ، إلى اتفاق حول الموازنة العامة قبيل نهاية العام الجاري، مما يجنب البلاد الدخول في حالة من الركود في أول أيام العام المقبل 2013. وقد تواردت التقارير عن عدم نيّة الرئيس أوباما تقديم عرض جديد للجمهوريين لتفادي الهاوية المالية، في حين أظهرت تقارير نشريت على وكالة رويترز للأنباء عن مصادر مطلعة داخل البيت الأبيض رفضت الكشف عن هويتها أن أوباما طلب من صنّاع القرار أثناء الاجتماع "إجراء تصويت على خطته القاضية بزيادة الضرائب على من يزيد دخلهم السنوي عن 250 ألف دولار مقابل وتمديد الإعفاءات المتعلقة بالتأمين ضد البطالة". ومن ناحيتها فقد أشارت تلك المصادر إلى أن خطة أوباما تلك ستحظى بموافقة الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ مساء الأحد، الأمر الذي سيجنب البلاد الدخول في دوّامة ما بات يعرف بـ "الجرف المالي" أو الهاوية المالية. ولا تبدو تلك المهمة سهلة أبداً، وبالأخص في ظل استمرار هيمنة الجمهوريين على مجلس النواب الأمريكي، وسيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ، الأمر الذي قد يظهر خلافات حول الموازنة، وبالتالي توجه البلاد نحو "الجرف المالي"، والذي سيدخل البلاد في حالة من الركود كما أسلفنا، نظراً لكونه سيقود تراجع أداء الاقتصاد بالتأكيد. أما مؤسسة ستاندرد آند بورز فقد أشارت عقب إغلاق الأسواق المالية يوم الجمعة إلى أن موضوع الجرف المالي أو الهاوية المالية لن يؤثر على تصنيفها الائتماني، مع الإشارة إلى أن مؤسسات أخرى كموديز كانت قد أكدت في الآونة الأخيرة على أن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن الميزانية في وقت مبكر من العام المقبل واستمرار ارتفاع ديون الولايات المتحدة، أمور من شأنها أن تؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، وذلك على لسان بارت أوسترفيلت المدير العام لمجموعة المخاطر السيادية في مؤسسة موديز. ولا يزال الرئيس الأمريكي باراك أوباما متفائل حيال التوصل لاتفاق في الأيام القادمة تجنب البلاد الدخول في دوّامة الجرف المالي أو الهاوية المالية، مشيراً إلى أن يوم الأحد قد يشهد اتفاقاً ما، مع الإشارة إلى أن أوباما أكد على أن الوقت بدأ ينفذ. يذكر بأن يوم الاثنين المقبل، سيشهد وصول الولايات المتحدة إلى سقف ديونها، أو إلى الحد الأعلى المسموح به للاقتراض في الولايات المتحدة، حيث كان وزير الخزانة الأمريكية تيموثي غيثنر قد حذّر الكونغرس الأمريكي في وقت سابق من بلوغ سقف الديون العامة والبالغ حوالي 17 مليار دولار أمريكي في ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة. وجاء في نص الرسالة التي أرسلها غيثنر إلى الكونغرس، "أكتب إليكم لأبلغكم أن الولايات المتحدة ستصل الى سقف الدين القانوني في 31 كانون الأول/ديسمبر 2012، لإعلامكم أن الخزانة سوف تبدأ قريباً بإتخاذ تدابير استثنائية معينة، وأشار إلى أن الوزارة مخولة قانونياً لتأجيل مؤقت للتاريخ الافتراضي لالتزاماتها القانونية". وشدّد غيثنر من خلال تلك الرسالة على أن هذه التدابير من شأنها خلق 200 مليار دولار، مما سيمنح الولايات المتحدة بعض الوقت أو بضعة أشهر إضافية، وأضاف أن تأثير هذا التدابير لا تزال غير واضحة وأنها من الممكن أن تلمس عدة قطاعات في الولايات المتحدة، والسبب في ذلك يعود إلى الهاوية المالية أو كما يحبذ البعض تسميتها بالجرف المالي