الاقتصاديه تبرأ رؤساء تنفيذيون في شركات تأمين مدرجة في سوق الأسهم من السمة المضاربية التي تسيطر على أداء أسهم شركات التأمين، مؤكدين أنها لا تعكس علاقة حقيقية مع القوائم المالية التي تعلن بصفة دورية، وأشاروا إلى أن أسعار أسهم شركات التأمين تخضع للمضاربة بشكل بحت، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالوضع المالي للشركة أو نتائجها. وقدم رؤساء شركات تأمين ضمن الحلقة الرابعة والأخيرة من ملف "الاقتصادية" عن قطاع التأمين، نصيحة إلى متداولي سوق الأسهم بضرورة تتبع الأسس العلمية والمنطقية وتحليلات الخبراء وإرشادات هيئة السوق المالية وذلك لتجنب الخسائر التي تنتج عن المضاربة غير المنطقية، والتي تكبد بعض المتداولين خسائر فادحة.
عودة وهنا يؤكد باسم عودة الرئيس التنفيذي لشركة درع العربي، أن المتعاملين في سوق الأسهم لديهم اعتبارات خاصة بهم، لا نستطيع فهمها أو الاعتراض عليها والسوق مفتوح للمتداولين للبيع والشراء مما ينتج عنه أحياناً ارتفاع لأسعار بعض الأسهم دون سبب منطقي يبرر ذلك. ويأتي حديث الرؤساء بعد أن كانت الحلقة الثانية من ملف "الاقتصادية" قد كشفت عن تداول أسهم عدد من شركات التأمين في السوق السعودية بقيم تفوق رأسمالها المعلن. عدم وجود رابط بين أداء الشركات والنتائج الفعلية المنشورة ضمن القوائم المالية التي تلتزم الشركات بنشرها بشكل كل ربع سنوي من ناحية، وسعر السهم من ناحية أخرى. وبأسعار تفوق أيضاً بكثير أسعار أسهم الكثير من الشركات في قطاعات أخرى تحقق ربحية عالية، ما يعني أن أسعار بعض شركات قطاع التأمين المدرجة بحاجة فعلية إلى إعادة تقييم. وأكد الرؤساء التنفيذيون وجود مجموعة من التحديات التي تواجه القطاع، من أهمها نقص الكوادر البشرية المدربة، وحدة المنافسة، والتشريعات والأنظمة، وانخفاض الإنفاق على التأمين، وندرة قنوات البيع المؤهلة، إضافة إلى صعوبة إعادة التأمين، وضعف الوعي التأميني. وفي الحلقة الثالثة استعرضت التحديات التي تواجه صناعة التأمين في السعودية، ومن أهمها عدم وجود خبراء اكتواريين (من يقومون بتقدير المخاطر وتقييمها، ووضع الأسعار المناسبة، ودراسة حالات السوق، ومدى المخاطر المتوقعة) بكفاءة عالية وبمهنية فائقة تكرس مجهودها للرقي بتلك الصناعة. وأظهرت الدراسة عدم وجودهم سوى في شركتين فقط، وذلك بحسب القائمة المصدرة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي بأسماء شركات التأمين وشركات المهن الحرة لعام 2011م. كما اعتبرت الدراسة أن إلحاق الكوادر المؤهلة ببيئة التأمين أحد تحديات قطاع التأمين. وطالبت الدراسة بالاستقلالية في العمل دون الرجوع إلى جهة معنية، إضافة إلى اقتراحها إنشاء هيئة عليا للإشراف على القطاع. وأرجع الرؤساء التنفيذيون سوء نتائج شركات التأمين إلى حدة المنافسة في الأسعار، وتذبذب عوائد الاستثمارات، إضافة إلى ارتفاع المطالبات والمصروفات التشغيلية والتأسيسية لدى بعض الشركات، ما يؤثر في قدرة الشركات على تحقيق . وأكدوا ضرورة التفرقة بين الشركات التي تعمل في السوق منذ 30 عاماً والتي ظهرت بأسماء جديدة أخيراً من جهة، والشركات الجديدة والتي تحتاج إلى وقت للوصول إلى نقطة التعادل من جهة أخرى. وفيما يلي التفاصيل:
ما أبرز المعوقات والتحديات التي تواجه قطاع التأمين؟ توجد عدة نقاط تعتبر تحديات لأي شركة تأمين، ومن أهم هذه النقاط:
نقص الكوادر البشرية المدربة
الروقي في البداية جاء تأكيد الدكتور متعب الروقي الرئيس التنفيذي في شركة وقاية للتأمين، أن قطاع التأمين يعاني نقصا في الكوادر البشرية المدربة بشكل يساعد على تطور هذه الصناعة وخصوصا نقص السعوديين في المناصب القيادية، ويمكن أن يكون السبب أن نشاط التأمين يعتبر حديثاً نوعا ما على المجتمع، ولا يعفي ذلك الشركات من الاهتمام بالشباب وتمكينهم من صنع القرار. وأشار إلى أن شركات التأمين تقوم بالمساهمة بحل هذه المشكلة من خلال برامج تطويرية للموظفين، وهذه البرامج تأخذ وقتا طويلا للحصول على نتائج مرضية، غير أن المطلب الأساسي هو تولي الجامعات هذه البرامج وذلك من خلال زيادة عدد الجامعات التي تؤهل الأشخاص عن طريق بكالوريس متخصص في التأمين يختصر هذه المسافات، كما أن بعض الشركات حتى الآن لم تسهم بشكل فعال في وضع برامج للشباب للوصول إلى المناصب القيادية والتي تحتاج إلى خطط وجرأة من الإدارة لتأهيل الشاب السعودي لهذه المناصب. وطالب الروقي جميع رؤساء الشركات بالاهتمام بالشباب وتطويرهم بوضع برامج لهم وابتعاثهم في دورات خارجية، فجميع مشكلات التأمين يمكن حلها إذا وضعنا شبابنا في أماكنهم التي يستحقونها.
ندرة قنوات البيع المؤهلة وتابع الدكتور الروقي: إنه يتم بيع منتجات التأمين عن طريق البيع المباشر للشركة أو عن طريق وسيط أو وكيل تأمين مرخص من الجهات النظامية. ويعاني السوق بشكل عام نقصا حادا في قنوات البيع، وتقوم بعض الشركات بإنشاء وكالات خاصة بها تستنزف الكثير من الرساميل، الأمر الذي يحيد بالشركة عن عملها الأصلي وهو تقييم المخاطر وتقديم الخدمة. ويأتي الحل بزيادة استثمار رجال الأعمال في توفير قنوات بيع متخصصة تساعد في انتشار عملية البيع مما يخفف العبء على رأس المال العامل لشركة التأمين, صعوبة إعادة التأمين وقال الروقي: التأمين هو عملية لنقل الخطر من المؤمن له إلى شركة التأمين وتحتاج كذلك شركة التأمين إلى نقل الخطر أو جزء منه إلى شركة إعادة تأمين متخصصة، وأكبر المشكلات التي تواجه قطاع التأمين وجود شركة إعادة تأمين تقبل هذا الخطر بسبب تزايد الخسائر في القطاع، أو بسبب عدم معرفة طبيعة السوق. وقام عدد من شركات التأمين المساهمة، بإنشاء شركة متخصصة في إعادة التأمين وهي (إعادة) وذلك للحد من هذه المشكلة.
ضعف الوعي التأميني وأشار إلى أن الوعي التأميني بشكل عام متدن في المجتمع السعودي، حيث إن الكثير يجهل أهمية التأمين ولا يعرف الحاجة الفعلية له إلا بعد وقوع الخطر. ويأتي هنا دور شركات التأمين لوضع ورعاية العديد من الندوات والمؤتمرات التي تساعد في زيادة هذا الوعي وكذلك الإعلانات في الصحف المحلية لحل هذه المشكلة والمساهمة الفعالة في برامج المجتمع وتحمل المسؤولية الاجتماعية. موفرو الخدمة وبين أن المستشفيات والمراكز الطبية هي موفر الخدمة المباشر لعملية التأمين الطبي، وارتفاع أسعار الخدمة ينعكس بشكل مباشر على سعر التأمين، وكذلك مستوى الخدمة المقدمة من موفري الخدمة. وتقوم الشركات بعمل زيارات ميدانية لموفري الخدمة والتأكد من جودة الخدمة وتطبيق شروط الوثيقة، إضافة إلى زيادة المنافسة الشديدة بين الشركات يصعب عليها الحفاظ على هوامش ربحية معينة. ويحب على الشركات بشكل مستمر إعادة النظر في استراتيجيات النمو التي تنتهجها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها المنطقة، كما أن زيادة معدلات الربحية من خلال التركيز على المنتجات التأمينية المربحة والتي تضمن للشركات أفضل أسس الاستدامة على المدى الطويل.
وهنا كشف باسم عودة الرئيس التنفيذي لشركة الدرع العربي عن أهم التحديات وهو ضعف نسبة النفوذ أو التغلغل لقطاع التأمين، بمعنى أبسط مساهمة قطاع التأمين مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، وكذلك انخفاض نسبة الإنفاق على التأمين. وربما يعود ذلك إلى أسباب مختلفة أهمها حداثة تنظيم قطاع التأمين، وضعف الوعي بأهمية التأمين. وتتجلى هذه العوامل في مجموعها بوضوح بالنظر إلى أقساط التأمين، حيث تمثل أقساط تأمين السيارات والتأمين الصحي ما يزيد على 70 في المائة من إجمالي الأقساط، وهذا يدل على أن نسبة كبيرة من أقساط التأمين تتأتى من "التأمين إلزامياً "للتأمين الطبي وتأمين المركبات الإلزامي ضد الغير، ما يتضح بجلاء انخفاض أقساط التأمين في القطاعات الأخرى غير الإلزامية. وأضاف عودة: زيادة عدد شركات التأمين نسبياً، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى زيادة المنافسة على جذب عدد كبير من العملاء، وربما يكون ذلك على حساب السعر، ما يعني زيادة التنافس بين الشركات عن طريق تخفيض الأسعار دون حساب للاعتبارات الفنية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية على نتائج و الشركات. ومن التحديات الأخرى المهمة، البيئة التنظيمية التي يخضع لها القطاع حيث إن مجموعة التشريعات والأنظمة والتعليمات التي تصدرها الجهات الرقابية المختلفة وعلى رأسها مؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة السوق المالية، ومجلس الضمان الصحي، والجهات الرسمية الأخرى، بهدف تحسين الحوكمة والإفصاح والشفافية، وضمان مصلحة العميل، واستقرار السوق، والتي تشكل في مجموعها أهدافاً سامية ونبيلة لا يختلف على أهميتها أحد ، إلا أن الالتزام بها ليس أمراً سهلاً وخصوصاً بالنظر إلى حداثة عهد العديد من الشركات وقلة خبرتها في هذا المجال.
وأضاف عودة أن قطاع التأمين لديه شح شديد في الكوادر البشرية المؤهلة للعمل في التأمين، رغم أن هناك مبادرات عديدة وتشجيعا كبيرا من الجهات الرقابية على تأهيل وتدريب المواطنين في هذا المجال الحيوي والمطلوب بشكل كبير لسوق العمل، إلا أن النقص لا يزال كبيراً، مطالبا في الوقت ذاته بإنشاء معاهد متخصصة، وفتح تخصصات جديدة في الجامعات السعودية، ويقع تركيزها على توفير برامج دراسية ذات محتوى متخصص ومفيد في هذا المجال. ووجه كلمته إلى الشباب من الجنسين للإقبال على التخصص وأن يهتم بقطاع التأمين، معتبرا أنه المستقبل الوظيفي الواعد لهم كونه يهتم بمتطلبات جميع فئات المجتمع.
واتفق فهد الحصني الرئيس التنفيذي للشركة السعودية لإعادة التأمين (إعادة) مع الروقي والعودة، أن قطاع التأمين يشهد منافسة حادة تتعدى إطارها الطبيعي وبخاصة في أنواع تأمين السيارات والتأمين الطبي، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي في قدرة الشركات على المحافظة على مستوى مقبول من الربحية، وقد يمتد ليضر بمستوى الملاءة. كما يشكل أداء الأسواق المالية المتواضع ضغطا على نتائج الاستثمارات لشركات التأمين. وأوضح الحصني أن انخفاض معدل الاحتفاظ يعد مؤشرا غير إيجابي حيث يصل متوسط ما يتم الاحتفاظ به من أقساط من قبل الشركات في السعودية إلى 19 في المائة من التأمينات العامة باستثناء التأمين الطبي وتأمين السيارات، مما يعكس هذا المعدل، الاعتماد الكبير على شركات إعادة التأمين، ويحرم شركات التأمين من بناء قاعدة احتياطيات قوية، ويحد أيضا من تطوير الخبرات الفنية لديها، إلا أن الشركات بدأت تركز على الاستفادة من الدراسات الإكتوارية المتخصصة والتي تساعد في تحديد المعدلات المثلى للاحتفاظ والتسعير على أسس فنية وذلك بتحفيز من مؤسسة النقد العربي السعودي. وأشار إلى أن الأسواق الناشئة كغيرها بحاجة إلى بناء كوادر وطنية متخصصة في سوق التأمين السعودي، لاسيما أن أكثر الشركات بدأت تستثمر في تأهيل وتطوير الكوادر الوطنية، ولكن بطبيعة الحال تحتاج هذه العملية إلى وقت حتى تؤتي ثمارها. هناك عدد من الشركات خلال سنة لم تحقق أي نتائج في ال؟ ما الأسباب؟ قال الدكتور الروقي يجب الأخذ في الحسبان الفرق بين الشركات التي تعمل في السوق منذ 30 عاما والتي ظهرت بأسماء جديدة أخيرا، حيث إن الشركات الجديدة والتي تحتاج إلى وقت معين للوصول إلى نقطة التعادل Break-even point وهى النقطة التي تتساوى فيها ال مع الخسائر، مضيفا أن كل مشروع يحتاج إلى أخذ المدة اللازمة حسب الخطة ليكون رابحا، حيث تبدأ بعض الشركات بوضع نسبة كبيرة من رأس المال في مرحلة التأسيس، ثم تبدأ بتخفيض هذه النسبة حسب خطة معينة إلى أن تصل نقطة التعادل. وطالب في الوقت ذاته بوجود رقابة لاصقة على أداء العام للشركة وتطور الربحية بشكل ربع سنوي، ومن ثم الوصول إلى حكم عادل على الشركة. واتفق عودة مع الروقي في أنه لا يمكن وضع كل الشركات في تصنيف واحد من حيث تحقيق ال وذلك لاختلاف ظروف كل شركة عن الأخرى، ولكن يمكن القول إن معظم الشركات المستقرة التي تجاوزت مرحلة التأسيس بدأت تحقق نتائج معقولة ومربحة تتفاوت حسب ظروف كل شركة. وأشار عودة إلى أن السوق يحتاج إلى نضج وزيادة الخبرة من ناحية وتدخل مؤسسة النقد لتصحيح الأخطاء والاختلالات، ستتحسن الصورة في المستقبل القريب وخصوصاً إذا تحسنت البيئة الاستثمارية، حيث إن قطاع التأمين تأتي من مصدرين هما أعمال التأمين وأعمال الاستثمار، والكل يعلم أن الاستثمار منخفضة جداً منذ الأزمة العالمية وحتى الآن. وجاء الحصني باختلاف الرأي مع زميليه في أن المنافسة الحادة تؤثر في مستوى الأسعار، إضافة إلى تذبذب عوائد الاستثمارات وبالتالي تتأثر قدرة الشركات على تحقيق ، إضافة إلى ارتفاع المطالبات والمصروفات التشغيلية والتأسيسية لدى بعض الشركات، إلا أننا نلاحظ أن الاتجاه العام في تحسن وبخاصة في ضوء النمو الحالي والمرتقب للسوق من جراء مبادرات التطوير الاقتصادي ومشاريع البنية التحتية، إضافة إلى تطور الإطار التشريعي في سوق التأمين.
الشركات الخاسرة نجد أن أداء أسهمها يحقق عوائد أقوى من شركات كبرى.. ما تعليقكم حيال ذلك؟
هنا بين الدكتور الروقي أن السوق في الوقت الحالي لا يعكس قوة وأداء الشركة بسبب قلة الأسهم لبعض الشركات وإنما تخضع للمضاربة. الاستقرار المالي للشركة من أهم عناصر الاستثمار، وقد طالب البعض بوضع سوق موازية ولكن لم يتم شيء بهذا الخصو،ص مشيرا إلى أن هناك اتهامات تقع على الإدارة التنفيذية لتحكمها بوضع السهم وهذا غير صحيح، ولكن الإنجازات المستمرة قد تؤثر بشكل غير مباشر في وضع السعر إذا استمررنا على هذه الحالة نفسها واستحواذ المضاربة على أسهم شركات التأمين. ورجح الدكتور الروقي أن الأسباب تعود إلى الأخبار التي تنشر على بعض الشركات عن التصنيف العالمي لها أو نشر نتائج مالية مشجعة ومع ذلك لا يتأثر سعر السهم. ويأتي هنا دورنا لتوضيح أهمية هذه الأخبار وقراءتها ومعرفة ماذا تعني. وهنا جاء اختلاف عودة مع زميله أنه لا يمكن الربط بين أداء الشركات والنتائج الفعلية المنشورة ضمن القوائم المالية التي تلتزم الشركات بنشرها بشكل ربع سنوي من ناحية وسعر السهم من ناحية أخرى، حيث إن سعر السهم يخضع للمضاربة ولا علاقة له من قريب أو بعيد بالوضع المالي للشركة أو نتائجها. وحيث إن المتعاملين بسوق الأسهم لديهم اعتبارات خاصة بهم لا نستطيع فهمها أو الاعتراض عليها، والسوق مفتوح للمتداولين للبيع والشراء مما ينتج عنه أحياناً ارتفاع لأسعار بعض الأسهم دون سبب منطقي يبرر ذلك. ونصح عودة جميع المتداولين في سوق الأسهم أن يتبعوا الأسس العلمية والمنطقية، وتحليلات الخبراء، وإرشادات هيئة السوق المالية، لتجنب الخسائر التي تنتج عن المضاربة دون أساس علمي أو منطقي.