كان إبراهيم شاهين فلسطينيا يقيم في مصر ويعمل محاسبا في مدينة العريش بمنطقة سيناء المصرية التي تعرضت للاحتلال بعد النكسة. تفنّن الإسرائيليون في التضييق على أهل سيناء، حتى لم يستطع المصري السيناوي قيادة سيارته من مدينته إلى مدينة أخرى في سيناء إلا بتصريح من سلطات الاحتلال.
شحّ الرزق في سيناء نتيجة ممارسات الاحتلال، ومما زاد الطين بلة بالنسبة لشاهين أنه كان قد فصل من عمله لتلقيه رشوة، فبات في حال يرثى لها.
رصد ضابط إسرائيلي في سيناء يكنى بأبي نعيم الموظف المفصول إبراهيم شاهين، الذي كان يتردد على مكتب التصاريح الإسرائيلي يوميا يطلب إذنا بالسفر إلى القاهرة لرؤية أولاده الذين كانوا يدرسون هناك.
بدأ أبو نعيم بوضع العراقيل أمام شاهين من وراء الستار، حتى صرخ شاهين في المكتب ذات يوم بأنه بات لا يستطيع تأمين قوت يومه.
تلاعب به أبو نعيم، واستماله بكيس دقيق وبعض الشاي والسكر، ثم طلب منه السفر إلى القاهرة وإرسال أسعار المواد الغذائية ليتعرف الإسرائيليون على الحالة المعيشية العامة للمصريين، فوافق شاهين بدون تردد، وتحول منذ تلك اللحظة إلى جاسوس مرتزق لدى الموساد الإسرائيلي.
امتلأ جيب شاهين بنقود الموساد الذي خلع عليه رتبة "مقدم"، وفرحت زوجته انشراح موسى المصرية المنحدرة من مدينة المنيا بجنوبي مصر، بعمل زوجها، وزيّنت له عمله برأي يقول بأنه لو لم يفعل ذلك لفعله غيره واستمتع بنقود الموساد.
عمل شاهين وزوجته وأبناؤه -الذين انضموا إلى مهنة الارتزاق من التجسس- بجد خلال السنوات التي تلت النكسة، حتى أخفقت العائلة بشكل كامل في استقاء معلومات عن عملية عبور الجيش المصري لقناة السويس.
سافرت انشراح زوجة شاهين إلى روما للقاء المخابرات الإسرائيلية قبل يوم واحد من العبور، واستشاط الضابط المسؤول عنها غضبا عندما علم بأنها لا تعلم بما يدور حولها بل حتى لم تسمع خبر العبور من نشرات الأخبار، فأمرها بالعودة إلى مصر في الحال، حيث كانت حرب رمضان مستعرة وأوصل الموساد للعائلة جهازا متطورا لإرسال البرقيات السرية.
اكتشف المصريون الجهاز الإسرائيلي بواسطة معدات متطورة استخدمتها المخابرات المصرية، وأغاروا على بيت شاهين فقبضوا عليه متلبسا وبحوزته الجهاز وعلى أبنائه، إلا أن الزوجة لم تكن موجودة في المنزل بل في تل أبيب لبحث عطل طرأ على جهاز الإرسال.
أقام رجال المخابرات المصرية في بيت شاهين ثلاثة أسابيع كاملة بانتظار وصول الزوجة انشراح، وعندما عادت من سفرها وتوجهت إلى منزلها ألقي القبض عليها وأرسلت من الجهاز الإسرائيلي رسالة إلى المخابرات الإسرائيلية قالوا فيها "إن المقدم إبراهيم شاهين والملازم الأول انشراح سقطا في أيدينا، ونشكركم على إرسال المفاتيح الخاصة بالجهاز، كنّا في انتظار وصولها منذ تسلم إبراهيم جهازكم المتطور. تحياتنا إلى السيد إيلي زعيرا مدير مخابراتكم".
تم تنفيذ حكم الإعدام بشاهين وأطلق سراح زوجته وأولاده ضمن صفقة تبادل أسرى بين مصر وإسرائيل، وانتقلوا للعيش في إسرائيل وغيروا أسماءهم إلى أسماء يهودية. وفي عام 1409 للهجرة، أي بعد حوالي 12 سنة من انتقال انشراح وأبنائها للعيش في إسرائيل، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية تقريرا قالت فيه إن انشراح الجاسوسة المصرية السابقة التي أصبح اسمها دينا بن ديفد، تعمل بتنظيف دورة مياه عامة للسيدات، بينما يعمل أبناؤها بمهن متواضعة.