محمد النعمه -الرياض–( أنحاء) :- خرج الإعلامي السعودي المعروف جمال خاشقجي عن جلباب صمته مسلطاً الضوء على سوء الأوضاع الإعلامية والثقافية والفنية بالسعودية ، مرجعاً الأسباب إلى التيار اليميني المحافظ و غياب الخطوط الحمراء تحت مظلة التحريم الفقهي المختلف عليه . هيبة الإعلام ضائعة مدير قناة العرب الإخبارية جمال خاشقجي أوضح لـ ” أنحاء” بأن الاعلام في السعودية يعاني من الحصول على المعلومة الصحيحة من مصدرها الرسمي وذلك لأن المسؤول عن تلك المعلومة في الحقيقة لا يحترم وسائل الاعلام ولا يخشى محاسبتها وذلك يعود لأسباب كثيرة أهمها ” أن المسئول لا يشعر بأن المواطن إذا غضب عليه سيخسر وظيفته ” . وذكر مستشهداً ” كنت في بريطانيا أذهب إلى استديو قناة BBC لأتحدث عن قضية الإرهاب في السعودية في وقت ضربات الإرهابيين للمملكة ، وأذكر في أكثر من مره كنت أنتظر في الغرفة الخضراء وكان يجلس بجواري وزيرة الشؤون الاجتماعية البريطانية والسفير البريطاني في أفغانستان و مدير مصلحة الطيران وغيرهم من المسئولين ينتظرون دورهم للحديث في الثامنة صباحاً عبر الإذاعة البريطانية ، وهذا المشهد لا نراه في السعودية أبداً بل ولا نتخيل أن يقوم مسئول سعودي بعمل ذلك ” . [IMG]http://an7a.com/wp-*******/uploads/2012/12/خاشقجي-لأنحاء.jpg[/IMG] “أهل الخير” شوهوا الثقافة وعن وزارة الإعلام ذكر خاشقجي ” أنه لا يتوقع أن تغلق الوزارة ، كما حدث في بعض الدول العربية بعد الربيع العربي ، حيث أن السعودية لم تدخل في ( غرفة ) الربيع العربي والديمقراطية كما دخلت الدول العربية الأخرى ” ، وعن هيئة التلفزيون ذكر ” أن هذه الهيئة تأسست ليصبح التلفزيون أكثر احترافية وليس لإلغاء وزارة الإعلام ، و الهيئة سيكون لها إيجابيات من أهمها هو إبعاد الموظفين الغير إعلاميين في التلفزيون الذين جلبتهم البيروقراطية الحكومية ” . وعن الجانب الثقافي لوزارة الإعلام قال خاشقجي : ” سمعت من وزير الإعلام السعودي خوجه أنه يتمنى أن يكون أخر وزير إعلام و أول وزير ثقافة ” وأضاف ” أرفض ما يوجه لوزارة الثقافة والإعلام من أن دورها الثقافي الوحيد هو منع الكتب ، والحقيقة أن هناك تيار شعبي كبير هو من يساهم في منع الكتب ، وعندما تحاول الوزارة أن تفتح أبواب جديدة للثقافة يأتي بعض من يسمون ( أهل الخير ) ويغلقوها للأسف ، وهذه حالة ننفرد بها نحن كسعوديين “ وأضاف خاشقجي قائلاً : ” أن التحديات التي تواجه وزير الثقافة والإعلام تحديات كبيرة ، حيث أن المسئولين عجزوا عن إقامة حفلات غنائية ومسرحية في اليوم الوطني تحتوي الشباب والمراهقين الذين انتشروا في الشوارع في اليوم الوطني وذلك بسبب ضغوطات هذا التيار التي كانت أقوى من المسئول ” . وأضاف خاشقجي ساخراً ” الوزارة تقوم بأعمالها بالكتمان ، إلى أن يأتي الموسيقار الروسي الكبير لكي يحيي ليلة خاصة للروسيين ، وقبل الليلة بخمس دقائق يتسلل أحدهم ليخبر الروسيين أن الحفلة قد ألغيت بسبب ضغوط تيار شعبي ! “ فنون مغيبة بسبب القيود وأضاف قائلاً : خرجت من مكتب وزيرة الثقافة في البحرين مي الخليفة فوجدت لوحات تشكيلية جميلة على الممرات داخل مبنى الوزارة ، وهنا تساءلت كيف للبحرين الصغيرة مساحةً مقارنة بالسعودية أن يكون فيها كل هذا الفن التشكيلي بهذا الإبداع والاحترافية ، ونحن في السعودية نفوق البحرين بعشرة أضعاف لا نملك هذه الحركة التشكيلية القوية ، والإجابة التي وصلت لها هي أن ( القيود ومساحة الحرية الضيقة لدينا هي السبب في تدني مستوى الفنون ) ، حتى أن الشاب المبدع في هذا المجال يواجه ضغوط كبيرة ، فهذه يوبخه وهذا يقول له الرسم حرام ! ” . وأضاف خاشقجي انه حدثت له قصة طريقة مع ابنة أخته ، تدل على أن المجتمع يعاني من ضغوط وقيود ضد الإبداع ، ” حيث أنها بدأت تغني النشيد الوطني السعودي وقام هو بتلحين النشيد لها فتوقفت وقالت له : ( لا تلحن النشيد لأن معلمتي تقول أن النغمة الموسيقية حرام ) ” ، فعلق قائلاً ” كيف ستبدع هذه الطفلة عندما تكبر إذا كانت تواجه بكل هذه القيود ! ” . مسرح التلفزيون حرام ! وعن مسرح التلفزيون قال خاشقجي : ” أن هذا المسرح كان كنزاً ويمكن أن يكون أيضاً كنز مادياً و فنياً ، فهذا المسرح اخرج الكثير من الفنانين السعوديين ، حيث كان يقيم حفلات في حائل و المدينة المنورة والرياض وجدة وغيرها ، ولكن توقف وحتى عودة المسرح أصبحت مستحيلة حالياً ، حيث أن الرافض لهذه النشاطات سيبقى موجود للأبد والمفروض على الدولة أن تكون أقوى ممن يقول ( هذا حرام ولا يجوز ) ، يجب أن لا تتوقف الفنون بسبب رغبات هؤلاء “ وقال خاشقجي : ” أن كل دولة فيها ( يمين محافظ ) يحاول دائماً أن يمنع كل شي ويشل الحركة الثقافية والفنية في كل بلد ، وهؤلاء يجب أن تكون الدولة أقوى منهم “ إنشاء مدينة إعلامية بالسعودية من المستحيلات وعن المدينة الإعلامية قال خاشقجي : ” المدن الإقتصادية والإعلامية والصناعية وغيرها من المدن يمكن أن تشكل وظائف ، ونحن في حاجة كبيرة لمدينة إعلامية في السعودية إلا أنني لا أعتقد أن هذا ممكن ، لعدم وجود ضمانات أو ( خطوط حمراء ) واضحة في السعودية وهذا ما سيمنع أصحاب القنوات من العمل في السعودية ، فالمسموح اليوم ممنوع غداً و الممنوع اليوم مسموح غداً ، ومع الثورات العربية الأخيرة أعتقد أن الدول التي دخلت الربيع العربي سيكون لها وجود قوي في الساحة الإعلامية مما سيجعل مهمة نجاح مدينة إعلامية في السعودية ضعيفة جداً أو مستحيلة مقارنة بالدول الأخرى الأقل قيود ” وفي نهاية حديثة قال خاشقجي متأسفاً على الوضع الحالي في السعودية : ” قيودنا كثيرة .. وعقدنا أكثر ولن ننافس احد “.