الإثنين 03/12/2012
(1)
الفزّاعة : تمثال بدائي بسيط ، يتشكل من قطعتين على شكل صليب ويغطى بقماش يوحي لك من بعيد أنه رجل يقف في منتصف الحقل .. ابتكره أهل الحقول ليطرد الطيور حتى لا تأكل حبوبهم ، ويحميها من اللصوص .. أحياناً .
يُقال أن أول من ابتكر « الفزّاعة « هم الفراعنة ، ولكل أمة من أمم الأرض « فزّاعاتها « المختلفة ، وتغطى بملابس تشبه ملابسهم ، وتأخذ أسماء تشبه أسماءهم .
(2)
الخيال الشعبي استطاع أن يحوّل « الفزّاعة « من تمثال إلى حكاية شعبية تُروى للصغار لـ « تفزعهم « وتمنعهم من مخالفة أوامر الكبار .. عودوا بالذاكرة لكل حكايات الطفولة التي شكّلتنا ، ستجدونها مليئة بـ « الفزّاعات « والوحوش المرعبة !
(3)
السياسي يستطيع ـ وبمهارة ـ أن يصنع كل يوم « فزّاعة « جديدة :
ينصبها في كل زوايا الحقل .
يمنحها حجماً أكبر من الحجم المعتاد .
يجعلها ـ عبر الإعلام ـ ترتدي الملابس المخيفة .
بعد فترة تنظر إليها برعب وهي ليست سوى قطعة قماش معلقة في عصا تم نصبه في عقلك !
(4)
الرئيس الأكثر حماقة في تاريخ أمريكا ( وربما في التاريخ البشري ) جورج بوش الابن استطاع عبر فزّاعة « الإرهاب « أن يربك العالم ويشعل حربين ويحتل بلدين ، ولقوة أمريكا وإعلامها وجيوشها المدججة بالأسلحة والأقلام والأفلام ومراكز الدراسات تحوّل « الإرهاب « خلال عقد إلى : « فزّاعة « عالمية !
(5)
في رأس كل منا « فزّاعة « لها شكل مختلف ..
هذه « فزّاعة « نصبها السياسي ، وتلك « فزّاعة « صنعتها الثقافة ، و « فزّاعة « ثالثة توارثناها من أجدادنا .. كما حكايات الجدات المرعبة !
ومهمة كل فزّاعة طرد طيور الأفكار الحرة من حقل رأسك .
(6)
أهل الحقول يقولون :
حتى العصافير ، بعد فترة ، تبدأ بالتعوّد على « الفزّاعة « ..
يبدأ خوفها منها بالتلاشي تدريجياً .
تكتشف ـ بطريقة ما ـ أنها وهم ، وليست سوى شيء فارغ .
تدور حولها ، وتغني على إحدى يديّ الفزّاعة ، وتأكل الحَب فوق رأسها !
(7)
الآن ـ وفي العالم العربي تحديداً ـ « الفزّاعة « الأكثر رواجاً ، والتي يروجها الكثير من الكتبة ، والمرتزقة ، وبطريقة تدعو للغثيان ، لها عنوان واحد .. هو : « الإخوان « !
لا تستغربوا إذا قال لكم أحدهم غداً : إن الإخوان هم سبب الاحتباس الحراري ، وثقب طبقة الأوزون ، وتراجع نتائج ريال مدريد في الدوري الأسباني !