هذه القصيدة للشاعر صالح عبد القدوس وهو شاعر حكيم، كان متكلماً يعظ الناس في البصرة وشعره كله أمثال وحكم وآداب، اتهم عند المهدي العباسي بالزندقة فقتله في بغداد ( ويبدو أن التهمة ملفقة ) عمي في آخر عمره.وهو من شعراء الدولة العباسية عاصر الخليفتين المهدي والرشيد شعره جيد وله أبيات في الحكمة والزهد في الدنيا ومحاسبة النفس ، وقد ذكره الثعالبي في كتابه " لباب الآداب " وقال عنه : كل شعره حكم وأمثال .. كان مولي لبني أسد وكان حكيما أديبا فاضلا شاعرا مجيدا وكان يجلس للوعظ في مسجد البصرة اسمه لمع في سماء الشعر وحلّق في فضائه ..
أغلب شعره من الحكمة وهو يترجم رجاحة العقل وتفعيله والزهد في الدنيا والنأي عنها ولذلك يعدّ الشاعر من القلائل الذين نؤوا بأنفسهم عن التكسب بالشعر
ينسب البعض ومنهم الشيعة القصيدة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وهذا لم يثبت ومن يقرأ البيتين اللذين ميزتهما بالأحمر يعرف أنهما أضيفا على القصيدة
صَرَمَتْ حِبَاْلَكَ بَعْدَ وَصْلِكَ زَيْنَبُ *** و الدهر فيه تصرّم وتقلب نشرت ذوائبها التي تزهو بها *** سوداً ورأسك كالثغامة أشيب و استنفرتْ لما رأتك وطالما *** كانت تحنُّ إلى لقاك وترهب و كذاكَ وصل الغانيات فإنه *** آل ببلقعة ٍ وبرق خلب فَدَعِ الصِّبا فَلَقَد عَدَاكَ زَمَانُهُ *** وازْهَدْ فَعُمْرُكَ منه ولّى الأَطْيَبُ ذهب الشباب فما له من عودة *** و أتى المشيب فأين منه المهرب ضيفٌ ألمَّ اليك لم تحفل به *** فَتَرى له أَسَفا وَدَمْعا يسْكُبُ دَعْ عَنْكَ ما قَدْ فات في زَمَنِ الصِّبا *** واذكر ذنوبكَ وابكها يا مذنب واخْشَ مناقَشَة َ الحِسَابِ فإِنَّه *** لا بدّ يحصى ما جنيت ويكتب لم يَنْسَهُ المَلِكانِ حين نَسِيْتَه *** بَلْ أَثْبَتَاهُ وَأَنْتَ لاهٍ تَلْعَبُ و الروح فيك وديعة أودعتها *** سنردّها بالرغم منك وتسلب وَغُرورُ دُنْياكَ التي تَسْعَى لها *** دارٌ حَقِيقَتُها متاعٌ يَذْهَبُ و الليل فاعلم والنهار كلاهما *** أَنْفَاسُنا فيها تُعَدُّ وَتُحْسَبُ وجميعُ ما حَصَّلْتَهُ وَجَمَعْتَهُ *** حَقًّا يَقِينا بَعْدَ مَوْتِكَ يُنْهَبُ تَبًّا لدارٍ لا يَدُومُ نَعيمُها *** و مشيدها عما قليلُ يخرب فاسمعْ ، هُديتَ ، نصائحا أَوْلاكها *** برٌ لبيبٌ عاقلٌ متأدب صَحِبَ الزَّمانَ وَأَهْلَه مستبصرا *** ورأى الأمورَ بما تؤوب وتُعْقَبُ أَهْدى النَّصيحة َ فاتَّعظ بمقالة *** فهو التقيُّ اللوذعيُّ الأدرب لا تأمن الدهر الصروف فإنه *** لا زال قدماً للرحال يهذب و كذلك الأيام في غدواتها *** مرت يذلُّ لهاالأعزُّ الأنجب فعليك تقوى الله فالزمها تفزْ *** إِنَّ التّقِيَّ هو البهيُّ الأَهْيَبُ واعْمَلْ لطاعته تَنَلْ مِنْهُ الرِّضا *** إنَّ المطيع لربه لمقرب فاقْنَعْ ففي بَعضِ القناعَة ِ رَاحَة *** واليَأْسُ ممّا فات فهو المَطْلَبُ وَتَوَقَّ من غَدْرِ النِّساءِ خِيَانَة *** فجميعهن مكائد لكّ تنصب لا تأمن الانثى حياتك إنها *** كالأُفْعُوانِ يُراعُ منه الأَنْيُبُ لا تأمن الانثى زمانك كله *** يوما ، وَلَوْ حَلَفْتْ يَمينا تَكْذِبُ تُغري بطيب حَديْثِها وَكَلامِها *** وإذا سطت فهي الثقيل الأشطب والْقَ عَدُوَّكَ بالتَّحِيَّة ِ لا تكنْ *** مِنْهُ زمانَك خائفا تترقَّبُ واحْذَرْهُ يوما إِنْ أتى لك باسما *** فاللَّيْثُ يَبْدو نابُه إذْ يَغْضَبُ إن الحقود وإن تقادمَ عهده *** فالحقْدُ باقٍ في الصُّدورِ مُغَيَّبُ وإن الصديق رأيته متعلقاً *** فهو العدوُّ وحقُّه يُتَجنَّبُ لا خير في ودِّ امرءٍ متملقٍ *** حلو اللسان وقلبه يتلهب يلقاك يحلف أنه بك واثقٌ *** وإِذا توارى عنك فهو العَقْرَبُ يعطيك من طرف اللسان حلاوة *** وَيَرُوغُ مِنْكَ كما يَروغُ الثَّعْلَبُ واختَرْ قَرِيْنَك واصْطَفِيهِ مُفَاخِرا *** إِنّ القَرِيْنَ إلى المقْارَنِ يُنْسَبُ إنَّ الغنيَّ من الرجال مكرمٌ *** و تراه يرجى مالديه ويرهب وَيُبَشُّ بالتَّرْحِيْبِ عِندَ قُدومِهِ *** ويقام عند سلامه ويقرب والفَقْرُ شَيْنٌ للرِّجالِ فإِنَّهُ *** يزرى به الشهم الأديب الأنسب واخفض جناحك للأقارب كلهم *** بتذللٍ واسمح لهم إن أذنبوا و دع الكذب فلا يكن لك صاحباً *** إِنّ الكذوب لَبِئْسَ خِلٌّ يُصْحَبُ وَذَرِ الحَسُودَ ولو صفا لَكَ مرَّة *** أبْعِدْهُ عَنْ رُؤْيَاكَ لا يُسْتجْلَبُ و زن الكلام إذا نطقت ولا تكن *** ثرثارَة ً في كلِّ نادٍ تَخْطُبُ و احفظ لسانك واحترز من لفظه *** فالمرء يسلم باللسان ويعطب والسِّرُّ فاكُتُمْهُ ولا تَنطِق به *** فهو الأسير لديك اذ لا ينشب وَاحْرَصْ على حِفْظِ القُلُوْبِ مِنَ الأَذَى *** فرجوعها بعد التنافر يصعب إِنّ القُلوبَ إذا تنافر ودُّها *** شِبْهُ الزُجَاجَة ِ كسْرُها لا يُشْعَبُ وكذاك سِرُّ المَرْءِ إنْ لَمْ يَطْوِهِ *** نشرته ألسنة ٌ تزيد وتكذب لاْ تَحْرَصَنَ فالحِرْصُ ليسَ بِزَائدٍ *** في الرزق بل يشقي الحريص ويتعب وَيَظَلُّ مَلْهُوفا يَرُوْمُ تَحَيُّلاً *** والرِّزْقُ ليس بحيلة يُسْتَجْلَبُ كم عاجزٍ في الناس يؤتى رزقهُ *** رغداًو يحرم كيس ويخيب أَدِّ الأَمَانَة َ والخِيَانَة َ فاجْتَنِبْ *** وَاعْدُلْ ولا تَظْلِمْ ، يَطِبْ لك مَكْسَبُ وإذا بُلِيْتَ بِنْكبَة ٍ فاصْبِرْ لها *** من ذا رأيت مسلّماً لا ينكب و إذا أصابك في زمانك شدة *** و أصابك الخطب الكريه الأصعب فَاضرع لِرَبِّكَ إِنَّهُ أَدْنَى لِمَنْ *** يدعوه من حبل الوريد وأقرب كن مااستطعت عن الأنام بمعزلٍ *** إِنَّ الكَّثِيْرَ مِنَ الوَرَى لا يُصْحَبُ واجعل جليسك سيداً تحظى به *** حَبْرٌ لَبِيْبٌ عاقِلٌ مِتَأَدِّبُ واحْذَرْ مِنَ المَظْلُومِ سَهْما صائبا *** و اعلم بأن دعاءه لا يحجب وإذا رَأَيْتَ الرِّزْقَ ضاق بِبَلْدَة ٍ *** و خشيت فيها أن يضيق المكسب فارْحَلْ فأَرْضُ اللِه واسِعَة ٌ الفَضَا *** طُولاً وعرْضا شَرْقُها والمَغْرِبُ فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي *** فالنصح أغلى ما يباع ويوهب خُذْها إِلَيْكَ قَصِيْدَة ً مَنْظُومَة *** جاءَتْ كَنَظْمِ الدُّرِّ بَلْ هِيَ أَعْجَبُ حِكَمٌ وآدابٌ وَجُلُّ مَواعِظٍ *** أَمْثالُها لذوي البصائِر تُكْتَبُ فاصغ لوعظ قصيدة أولاكها *** طود العلوم الشامخات الأهيب أعني عليًّا وابنَ عمِّ محمَّدٍ *** مَنْ نالَه الشَرَفُ الرفيعُ الأَنْسَبُ يا ربّ صلِّ على النبيِّ وآله *** عَدَدَ الخلائِقِ حصْرُها لا يُحْسَبُ