هذه الصورة الكارثية التي يحاول البعض خلقها في أذهان الناس وأن هناك فوضى داخلية واضطراب وفتنة وصراع على الحكم سوف يحدث لمرحلة ما بعد مغادرة الملك أما بسبب مرض أو وفاة والهدف من هذا كل نزع الثقة لدى الناس في الجبهة الداخلية لعل وعسى أن تتحول هذه الأوهام والأكاذيب لواقع وحقيقة يستطيع فيه هؤلاء المرجفون في خارج وداخل السعودية تحقيق أهدافهم أو جزء منها .
وهي في الحقيقة كما أسلفت مجرد أكاذيب وسيناريوهات مختلقة لا توجد إلا في ذهن صاحبها وأفراخه وهي في الغالب تنطلي على السذج والبسطاء من العوام وهم المتضرر الوحيد منها سواء على الصعيد النفسي والذهني أو المادي والعجيب أنهم أكثر الناس تمريرا لها والأعجب أن بعضهم صدقهم وبنى قرارته عليها .
السعودية مرت بعدة تجارب خرجت منها بسلام وأكثر قوة وتماسكا ولله الحمد سواء على الصعيد الداخلي والخارجي بسبب حنكة وعقلانية وهدوء صنّاع القرار فلا زال البعض يذكر حادثة الملك سعود رحمه الله ومقتل فيصل رحمه الله وحادثة جيهمان وتفجيرات الحج والمد القومي العربي والحركات اليسارية التي برزت في الستينات والسبعينات وحرب اليمن وحروب الخليج الثلاث وحرب أفغانستان والإرهاب بكل عنفه ودمويته ووفاة فهد وسلطان ونايف رحمهم الله وحرب الحوثيين وكلها أحداث جسيمة لم تؤثر في قوة الجبهة الداخلية وانتقال الحكم وتنصيب الملوك وولاة العهد.
ناهيك أن السعودية تعتبر دولة ذات ثقل اقتصادي وسياسي في المنطقة وهناك قوى عظمى يُهمها استقرار السعودية وخاصة في الجبهة الداخلية لأن أي فوضى في السعودية قد تؤثر في العالم وخاصة في المجال الاقتصادي والمجال السياسي الإقليمي فبالتأكيد أن هذه الدول تدعم استقرار السعودية وسلامة انتقال السلطة بكل أمان وسلاسة وهدوء , وكلنا نذكر حادثة غزو الكويت الشقيقة تلك الدولة الصغيرة التي لا تقارن نسبيا بالسعودية في الكثير من النواحي وتم من أجلها تجييش الجيوش من كل العالم لطرد البعثيين منها واعادة حكامها الشرعيين فكيف ببلد بحجم ومكانة السعودية, ناهيك أن كثير من المنظمات الدولية المؤثرة أيضا يهمها استقرار السعودية لأهمية الدور السعودي في دعم تلك المنظمات العالمية سواء الإنسانية أو الاقتصادية أو الأممية ...الخ .
ويجب أن لا نغفل الدور السعودي ودورها في العالم العربي والإسلامي لاستقرار الأوضاع والمصالحة بين الكثير من الفرقاء والذي يهم الكثير استمرار هذا الدور وفاعليته .
لذلك من المؤكد أن هناك تصوّر لهذه الحالة المتوقع حدوثها وحان وقتها تم فيها اعادة ترتيب البيت من الداخل سواء في طريقة انتقال المُلك بين أفراد الأسرة وسيناريو وبدائل جاهزة تم وضعها لأي طارئ قد يحدث داخليا ارتضاها العقلاء من أبناء الأسرة الحاكمة وخاصة محور القوة في الأسرة وأصحاب الحل والعقد والقوى المؤثرة في البلد ولن يتركوا أي شيء للصدفة أو حسن الظن لأنهم أذكى وأعقل من أن يفرطوا في بلد وكيان وقد اعتبروا من التاريخ وحوادثه , فالقضية محسومة ولاشك في ذلك .
لذلك يجب علينا أن لا نتصور أن الأوضاع الداخلية هشة أو متروكة للتوقعات والصدف وكأن البلد دولة صغيرة هامشية لا يهم العالم ما يجري فيها , فالواجب علينا احترام عقولنا إذا كنّا بالفعل نشعر أننا نملك عقول , فلا ترهقوا أذهانكم بخيالات لا توجد إلا في ذهن أصحابها .