سيدي اتمنى أن يصلكم خطابي بصورة أو أخرى،
وأنتم تنعمون في نعيم مقيم ..
أكتب إليكم سيدي بعد أن ضاق السبيل و احتار الدليل ،
فأنا يا سيدي مواطن !!
سعودي الجنسية وللأسف !!
أعود لأصول أعجمية وكم أتمنى أن تعود لي هويتي الأعجمية
لعلي أن أعيش بأمن وأمان ..
تركيا العثمانية ياسيدي أرض الأجداد
قدم منها جدي الأول بزوجه وأبنائه
وأقام في مكة عام 1320 هجرية فحج ولم يعد وليته عاد،
لقد باع كل أملاكه وأحضر معه ثروته
ولم يعد في وطنه إلا ذكريات الصبا والطفولة..
وقطع كل أمل للعودة !!
توفي جدي الأول رحمه الله بعد خمسة أعوام من مقدمه
وبقي جدي والد أبي بمكة
وتزوج بها وأنجب والدي
وليته لم يفعل !!
ولد أبي رحمه الله هنا وترعرع
ونشأ عربيا بحكم التعليم والعمل ..
وترك لغة الأجداد
وليته لم يفعل !!
لقد ضاعت هويتنا ياسيدي
وأصبحنا من أهل هذه الأرض المعطاء ..
أصبحنا من أهل مكة من طروش البحر ولا غرو..
عمل أبي في التجارة وبلغ له شأو ..
ننعت لأجله بأننا قد أكلنا خير بلدكم !!
و في عام 1351 وحدتم سيدي المملكة رسميا
وحمل أبي الجنسية بعدمدة وأصبح متجنساً مع أنه
ولا أبوه كانو يملكون جنسية على أرض البسيطة ..
أعني لم يكونوا مستعبدين لجنسية بعد !!
لقدكان الإسلام هويتهم !!
لم يعد بإمكانه إلا قبول ذلك
فليست له هوية بحكم اغترابه وتنكره للغته !!
توفي جدي والد أبي في نفس السنة التي ولد فيها أخي الأكبر عام 1375 هـ
بعد مغادرتكم عالمنا سيدي بعامين فقط ..
وليت الأمر توقف إلى هنا ،
فقد ولد لأبي أولاد كنت من ضمنهم
وليتني لم أولد ..
نحن الآن ياسيدي في سنة 1433 هـ توفي أبي وجدي وأبوه ..
وتخطيت أنا الأربعين من عمري
تزوجت وولد لي أولاد وكم أتمنى أني لم أفعل ..
أبنائي ينادون هنا من أبناء القبائل بالطروش
وبالمتجنسين ، قولا واحدا !!
يقول لي إبني تخاصمت مع أحدهم فقال : الله يلعن أبو اللي أعطاك الجنسية !!
قلت له : بل سامح الله جدي الأول أن حج ولم يعد ..
صحيح أن أبنائي ينعتون القبلي بالصربي
ولكن ليس لي في ذلك ناقة ولا جمل !!
كم هو مؤلم ياسيدي أن تعاني من عنصرية الكثيرين !!
كيف تحادث قوما لا يفهمون لغتك !!
ليس لديهم من لغة إلا العنصرية ..
ونسبا إلا الأصل القريب ..
ليوا من آدم ..
إذ آدم من تراب !!
ابنتي الصغرى بالصف الرابع الابتدائي ،
تقول لي : بابا صحيح نحنا طروش بحر وما لنا أصل ..
قلت لها : مين قال لك كذا ياحبيبتي ؟ قالت : زميلتي !!
دمعت عيني وترحمت على جدي الأول ..
أنا ياسيدي الطرش البحري وأدعى بالمتجنس ..
خدمت عمري كله هنا وأبي وجدي كذلك ولكن أين وأين !
لقد سببت لي هذه الجنسية صداعا وألما وذلاً ..
بودي سيدي أن أجد طريقة شريفة لأجد موطنا يضمن لي كرامتي ،
ولا ينظر إلي بنظرة الدون ..
يا سيدي ليس زهدا بجنسيتكم أود أن أجد غيرها ..
ولا كرها لأرضكم أيغي وطنا عوضا عنها !!
ولكن هربا من ذلك الشعور
الذي ينغص العيش وخوفا من أن يرث أبنائي
تلك التركة الثقيلة ..
بودي سيدي وإن لم أعد أجيد حرفا أوكلمة في التركية ،
أن أعود إلى أرض جدي الأول
وأن أعيد بناء أرضه !!
أحيا بها وأموت ..
فلا فرق إندفت هنا أو هناك ..
لكنه للأسف ليس له
ولا لجدي
ولا لأبي
وليس لي
إلا هذه الأرض !!
..