القحطاني: القرار يستنزف 30 مليار ريال من جيوب المواطنين
العمري: على وزارة العمل أن تكشف للرأي العام عن عقودها مع المكاتب الاستشارية
البشري: قرارات العمل لن تساعد في حل البطالة، وتوظيف السعوديين في القطاع الخاص
فدعق: لا تعارض بين نطاقات وقرار وزارة العمل الأخير
دعاء بهاء الدين – ريم سليمان – سبق – جدة: انتقد خبراء اقتصاديون قرار وزارة العمل الأخير الذي يلزم مؤسسات القطاع الخاص بدفع 2400 ريال سنوياً عن كل عامل أجنبي، وذلك في المؤسسات التي يزيد فيها عدد العمال الأجانب على السعوديين.
ووصف الخبراء في حديثهم لـ "سبق" قرارات الوزارة بالمتناقضة، والعشوائية، مؤكدين أن الوزارة تعمل دون استراتيجية واضحة، وأن قراراتها لم تحل مشكلة البطالة، وقدروا حجم ما يستنزفه هذا القرار الأخير من جيوب المواطنين بنحو 30 مليار ريال، في الوقت الذي تجني فيه الدولة قرابة 13 مليار ريال سنوياً.
سلاح ذو حدين
في البداية وصف المفكر الاقتصادي دكتور محمد دليم القحطاني قرار وزارة العمل الأخير بأنه سلاح ذو حدين، وقال: إذا كان صدور هذا القرار لدعم رجال الأعمال، وإفساح المجال للاستقدام، فهذا ما تتمناه مؤسسات القطاع الخاص، وأما إذا كان الهدف منه الحد من العمالة الوافدة "فكأنه لم يكن"، محذّراً من التأثير السلبي لهذا القرار على الاقتصاد السعودي.
وقدّر القحطاني عدد العمالة الوافدة بما يقارب 9 ملايين وافد منهم 4 ونصف المليون يعملون في الشركات الخاصة، مضيفاً أنه إذا دفعت المؤسسات الخاصة عن كل عامل 200 ريال شهرياً ؛ أي بما يوازي 2400 ريال لكل عامل سنوياً، فإن الدولة سوف تجمع ما يقرب من عشرة مليارات سنوياً.
"قصمة ظهر"
ورأى أن رجل الأعمال لن يتضرر نهائياً من هذا القرار، بل سيقع الضرر على عاتق المستهلك النهائي، موضحاً أن شركات القطاع الخاص ستتحمل ضعف هذه التكلفة على المستهلك، مما يؤثر سلبياً على مستوى الأسعار والتضخم وارتفاع الإيجارات، وزيادة مطالب العاملين.
ولفت المفكر الاقتصادي إلى أن المواطنين سيتحملون ضريبة هذا القرار من جيوبهم، مقدّراً أن كل مواطن سعودي سيتحمل تكلفة 2000 ريال سنوياً، أي أنه استنزاف للمواطنين بما يقدر بنحو 30 مليار ريال سنوياً، معتبراً هذا القرار "قصمة ظهر"، وقاتلاً تماماً لمشروع نطاقات، وقال: وزارة العمل لم تجد أي حلول عملية وواقعية لمشكلة البطالة حتى الآن.
تناقض واضح
رأى الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالحميد العمري أن القرار الأخير لوزارة العمل يؤكد أن الوزارة تسير على غير هدى بل وتميل إلى التخبط، وعن حجم الخسارة التي ستتحملها الشركات والمؤسسات أجاب: سوف يدخل خزانة العمل إزاء هذا القرار ما يقرب من 12 أو 13 مليار ريال سنوياً، وقال: هناك تناقض واضح في القرارات التي تتخذها الوزارة، وكل قرار يتعارض مع ما سبقه، متسائلاً: ما مصير الشركات التي اندرجت في النطاق الأخضر، ولماذا يُفرض عليها الآن عبء مالي جديد، وقد امتثلت للقرارات السابقة؟
وأكد العمري أنه من الواجب على وزارة العمل بعد هذا القرار المتخبط أن تفصح عن الجهات الاستشارية التي تخطط لها سواء كانت محلية أو أجنبية والخبرات والمؤهلات لديها، وقيمة هذه العقود، قائلاً: من الواضح أن هناك من يحرك قرارات الوزارة ومن يصنعها، حتى بات دورها ناطقاً عن جهات أخرى دون تفكير ووعي.
طرد المنشآت الصغيرة
وتحدث لـ "سبق" الخبير الاقتصادي عن اقتراحه على وزارة العمل فرض رسوم على الشركات التي لم تحقق معدل التوطين وفق ضوابط، منتقداً الطريقة التي تم بها، حيث عاقب الجميع دون النظر إلى الجهد، والنجاح في التوطين، حيث ساوت الوزارة بين الشركة التي التزمت، وبين التي خالفت القرار، مما يؤكد أن الهدف بات جمع الأموال فقط.
وطالب هيئة مكافحة الفساد بالإشراف على الوزارة ومراجعة قيمة العقود، والإشراف على العوائد المادية التي ستدخل إزاء هذا القرار، معرباً عن أسفه من آثار هذا القرار على طرد المنشآت الصغيرة واختفائها، حيث لم يفرق بين منشأة صغيرة أو كبيرة، وبين النطاقين الأحمر والأخضر، ولا بين الأنشطة وحساسيتها، ورغبة السعوديين في العمل فيها أم لا.
تضخم في الأسعار
ورأى الخبير الاقتصادي محمد البشري أن قرار العمل فاشل يضاف إلى القرارات الفاشلة السابقة، ولن يساعد في حل البطالة وتوظيف السعوديين في القطاع الخاص، مؤكداً أن الشركات لم تتحمل أي خسارة بل سيتحملها المستهلك النهائي؛ بمعنى أنه ستقوم الشركات أو المؤسسات بتمرير هذه التكلفة على المستهلك وستظهر نتائجها على أسعار المنتجات والخدمات، وبالتالي سيحدث تضخم في الأسعار.
وأفاد البشري بأنه كان ينبغي أن يتم التدرج في تطبيق القرار، ومنح مهلة زمنية لتطبيقه، حتى تستطيع المنشآت تعديل وضعها، مبدياً تعجبه من هذا القرار الذي سيضر بقطاعات عديدة كالمقاولات والتشغيل والصيانة؛ حيث هناك كثافة في معدل العمالة غير السعودية، وعلل ذلك بأنها مهن غير مرغوبة من السعوديين.
تشجيع غير مباشر
فيما رأى المحلل المالي تركي فدعق أنه لا تعارض بين قرار وزارة العمل وبرنامج نطاقات، معتبراً هذا القرار تشجيعاً غير مباشر من وزارة العمل للشركات الخاصة على توظيف السعوديين، ولفت إلى أن هذا القرار يضاعف من تكلفة العمالة الوافدة، وبالتالي سوف يقلّص من هوامش ربحية الشركات الخاصة كما لفت إلى التأثير السلبي لهذا القرار على القطاعات التي تعتمد على العمالة الأجنبية، بنسبة أكثر من 50 %.