التراجع المخيف الذي تشهده الرياضة السعودية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص في الأعوام الماضية جعل الكثيرين يتحدثون ويقدمون روشتة العلاج الذي أصبح مستعصياً في الآونة الأخيرة، إذ بات الحصول على المعالج أمراً اشبه بالمستحيل، والسبب ان العلة تشمل أجزاء الجسد الرياضي من عقل وأكتاف وظهر وبطن، حتى وصل المرض للقلب الذي يعتبر المحرك الرئيسي للجسم وهذا اثر عليها بشكل مباشر وحرمها من التقدم خطوة الى الامام بعدما كانت تقف في الواجهة القارية ويحسب للمنتخبات السعودية في مختلف فئاتها الف حساب.
عجز المسيرون عن إيجاد سرير تتم عليه معالجة علة رياضتنا، وعودة الفرحة لشفاه محبيها داخلياً وخارجياً، بعدما كانت تسعد ملايين المتابعين الذين نفروها أخيراً، وأصبحوا لا يستطيعون تحمل ذكرها لما وصلت إليه، ما يحدث في رياضتنا أمر محير علاجه ليس بالصعب وليس بالسهل في آن واحد، لأن الوقت أزف ويجب معالجة المشكلة قبل أن نعود للصفر من جديد كون الأجواء تساعد على النجاح ولا غيره، والدولة تدعم الرياضة بالأموال الطائلة التي لم يجن ثمارها بعد.
ما تقدم سرد لما هو آت من حقائق تلجم من يؤكدون أن المادة عصب الرياضة الأساسي، والمطالبات غير المعقولة بزيادة الدعم من قبل وزارة المالية، كون ما نشاهده من حقائق تنفي ذلك خصوصاً في عام 2012 فقط، فالمنتخب السعودي الأول لكرة القدم يفشل في التأهل لكأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا بعد أن خرج على يد كوريا الشمالية والبحرين، ويعود مرة أخرى ويفشل في الوصول لكأس العالم 2014 في البرازيل أمام عمان وتايلند، كما ان الأندية السعودية غائبة عن تحقيق بطولات الخليج والعرب وآسيا منذ 2005، على حساب فرق خليجية وآسيوية أقل منها قدرة وسمعة، والألعاب المختلفة كالسلة والطائرة واليد والجمباز والتايكوندو والكاراتيه وغيرها لا إنجازات تذكر، وتكمن العلة في عدم وجود مسيرين محترفين يعرفون كيف يعيدون رياضتنا، فقط يرددون بعد كل إخفاق ليس لدينا أموال، والمنتخبات الأفريقية الفقيرة جداً تحقق نتائج ملفتة، وتصل للعالمية مراراً وتكراراً من دون دعم مادي من الدولة، منتخب لبنان والأردن وعمان -مع كامل الاحترام والتقدير لهم- تقدموا في تصنيف (الفيفا) على صعيد كرة القدم وهزموا المنتخب السعودي بكل أريحية، على الرغم من عدم وجود مادة، ومسيرو رياضتنا يطالبون بالمزيد من الأموال حتى يحققوا الإنجازات حسب قولهم وتارة يلومون وزارة المالية، فلبنان هزم كوريا الجنوبية في تصفيات كأس العالم، والأردن هزم أستراليا في التصفيات ذاتها، والمنتخب السعودي يخسر من أسبانيا بخماسية تاريخية رغم أن المتادور الأسباني فاز في وقت سابق على أحد أضعف منتخبات العالم بورتوريكو بنتيجة 2-0، أي إننا أصبحنا بعدهم للأسف.
الأهلي المصري والترجي التونسي يبلغان نهائي دوري أبطال أفريقيا على الرغم من توقف الدوري المصري لأكثر من عام، والمعاناة السياسية الكبيرة التي تشهدها الكرة التونسية، ويصبح أحدهم لا محاله متواجداً في كأس العالم للأندية العام المقبل، والأندية السعودية تعاني الأمرين في بطولات آسيا، وعلى الرغم من التأهل المنتظر لأحد قطبي جدة الاتحاد أو الأهلي لنهائي دوري أبطال آسيا 2012 إلا ان الواقع يقول إن الفريق الكوري من الصعب التغلب عليه في نهائي البطولة، مع تنمياتنا بكل تأكيد بأن يتوشح الفريق السعودي الذي يصل للنهائي باللقب.
في مسك الختام نقول كرة القدم تحتاج للروح بشكل كبير ووجود اللاعب المميز قبل أن يتواجد المال الذي بلاشك يعتبر أمرا مهماً، لكنه لا يجب أن يكون بالطريقة التي تدار بها أنديتنا من قبل رؤساء مخلصين يتعبون ليل نهار لخدمة الرياضة لكن افتقارهم للخبرة الاحترافية حد من إنتاجيتهم بكل تأكيد وأصبحت الرياضة السعودية تحتضر، وتناشد منقذين لها، يعملون وفق رؤية احترافية تساهم في دفع عجلة رياضتنا للأمام بأسرع وقت ممكن فما تحققه المنتخبات والأندية العربية من إنجازات من دون وجود دعم مادي يجب أن يكون محور اهتمام الجميع، فالمادة كانت ولا زالت شماعة لأي إخفاق، فكيف نقول عن هذه المنتخبات والأندية التي حققت ما عجزنا عنه فقط بروح وتكتيك من مدربين مجتهدين يعملون من أجل المتعة والإنجازات، وفي هذه الطريق وفروا أموالهم وحققوا تطلعات جماهيرهم، كما يجب أن تكون هناك وقفة صادقة من محبي رياضة الوطن وأخذ ما حققته المنتخبات العربية والأندية متواضعة الإمكانيات أنموذجاً، وأن نتخلى عن المكابرة، وننسى الأفضلية في كل شيء والتي للأسف كانت واقعاً حقيقياً، والآن أصبحت من الماضي بكل تأكيد، وكلي أمل أن يكون المستقبل مشرقا للرياضة السعودية، وأن تفتح قلوب المسؤولين لما يكتب المحبون لرياضة وطننا الغالي كون الإعلام كما يرددون شريكا في النجاح والفشل.