هي نفس المعادلة .. أحكمكم أو أقتلكم !!! .. وكما أحرق الأسد البلد وأعمل فيها قتلا وتدميرا على ماعبرت عنه شعارات ميليشياته الطائفية مبكرا ( الأسد أو نحرق البلد ) .. في مواجهة هتاف الحرية ، هاهو حزب السلاح الطائفي وميليشياته يضع لبنان وشعبه أمام نفس المعادلة .. ( فإما أن تخضعوا لإرادتي وسياساتي واملاءاتي وارتهاناتي الاقليمية .. وإما أن أشعل نيران الفتنة الطائفية وأحرق لبنان وأشرد شعبه ) ! .
هي نفس البصمة التي يتركها القاتل دائما في مسرح جريمته المفتوح ليمارس فيه عربدته واستباحته تحت شعار ( الممانعة والتصدي لمشاريع الهيمنة الصهيونية ) …
منذ سليم اللوزي وكمال جنبلاط وميشيل سورا مرورا بالمفتي حسن خالد والرؤساء الجميل ومعوض والحريري وصولا الى العميد الشهيد وسام الحسن ، القاتل واحد والأدوات نفسها .. نظام طائفي مافيوي أرخى بظله الثقيل على سوريا ولبنان ومحيطه الاقليمي لعقود واتخذ من شعبه وشعوب المنطقة رهينة يساوم بها العالم المتعاجز علنا وبكل صفاقة … إما أن تتركوني حاكما لسوريا ومهيمنا على لبنان وخادما لأمن اسرائيل وضامنا اقليميا للأمن والاستقرار كما كنت دائما أو أقلب الطاولة على الجميع وأشعل اللهيب في أثوابكم ومصالحكم .
مايحصل اليوم في سوريا من إفناء للشعب السوري وتدمير لاقتصاده ووطنه وارثه الحضاري ، وتلك الرسائل الدموية التي يرسلها للعالم عبر صندوق البريد اللبناني ومن قبله العراقي يرتب على السوريين واللبنانيين أولا مهمة ليست سهلة تتمثل في استمرار نضالهم وثورتهم بكل الوسائل والأدوات المشروعة المتاحة لهم والقادرين على ابتداعها حتى اسقاط سلطة العصابة وبتر أذرعها الأخطبوطية التي تعبث بلبنان وأمنه كما تعبث بالاستقرار الاقليمي .
إن الكتائب الفارسية المسلحة في لبنان هي الوجه القبيح الآخر لسلطة العصابة الطائفية المافيوية في دمشق .. وهي عدو مشترك للشعبين السوري واللبناني ليس فقط لكونها عدوة للحرية والكرامة بل لأنها أيضا جزء من منظومة اقليمية تسعى للهيمنة والتوسع وفرض رؤى وأفكار وسياسات ليست على علاقة بمصالح الشعبين بقدر ماهي في خدمة مصالح أخرى ترى الفرصة سانحة لإعادة احياء وهم الامبراطورية الفارسية … وهذا مايرتب على الحكومات العربية أيضا أن تستفيق من غفوتها المديدة وتغادر فراشها الوثير لتتلمس حجم الخطر الداهم ليس عليها فقط بل على شعوبها وثرواتها ومستقبل أوطانها .. فالخطر الفارسي التوسعي لايقل عن الخطر الصهيوني الاستيطاني وهشاشة العظام التي تعاني منها تلك النظم العربية التسلطية مايزال من الممكن معالجتها بالمزيد من الانفتاح والتصالح مع شعوبها وإعلاء شأنها وشأن حقوقها الانسانية لاعطاء بنية تلك المجتمعات مزيدا من المناعة والقوة ..
إن نصرة الشعبين السوري واللبناني ودعم ثوراتهم لاسقاط عصابات القتل والفتنة الحاكمة والمتحكمة فيها لايمثل قيمة اخلاقية وواجبا قيميا فقط بل حاجة وضرورة لدفع الخطر الداهم عليها من خلال كسر ذلك القوس الفارسي الممتد والمتمدد من البحرين الى العراق فسوريا ولبنان واليمن حتى ليكاد يطبق على تلك الممالك ويسقطها تحت سطوته ليكون المشرق العربي كله مجالا حيويا للنفوذ والهيمنتين الفارسية والصهيونية ويتحول العرب إلى مجرد أقنان وإماء على عتبات إيوان كسرى والهيكل المزعوم .
الصراع في سوريا لم يعد فقط بين عصابة تصر على الحكم والتسلط ، وشعب أكثر إصرارا على نيل حريته واسترداد كرامته بعد غيبوبة نصف قرن … إنه الآن صراعا من أجل دحر مشروع هيمنة فارسية طائفية بغيضة تريد احتواء المنطقة تحت عباءة الملالي …
وبالتالي فإن ماحصل ويحصل في لبنان ليس مجرد جرائم اغتيال مجردة عن أهداف كبرى يسعى منفذوها للتخلص من كل عقبة تقف في طريق ذلك المشروع … هكذا فقط يمكننا قراءة جريمة اغتيال العميد الشهيد وفي ذات السياق وذات المنحى تقرأ وتفهم كل جرائم القتل والترهيب والخطف والاغتيال التي تتقنها وتمارسها مرتزقة الأسد وعصاباته في لبنان .
وكما على السوريين استكمال ثورتهم وتحرير سوريا من الاحتلال الأسدي لبناء وطنهم الحر الكريم من جديد فإن على اللبنانيين أيضا وعلى وجه الخصوص فيه قوى الحرية والاستقلال استكمال أهداف ثورتهم واسقاط سلطة السلاح الفارسي وكل سلاح آخر يهدد استقرار بلدهم واستقلاله … وعلى هذا المجتمع الدولي أن يكف عن تعاجزه عن الفعل وإدراك حقيقة أن هذه المنطقة مقبلة على تحولات كبرى يتعين أن يكون له دور فاعل فيها أكبر من مجرد الفرجة على مشهد قد يفلح حزب السلاح في اشعال فتيل نار الجحيم الاقليمي فيه .