ضربت الديون المشكوك في تحصيلها صافي البنوك السعودية على مدى الأشهر الثلاثة الماضية من العام الحالي، مقارنة بما كانت عليه في الفترة المماثلة من العام الماضي، حيث قادت إلى انخفاض صافي حجم ال خلال هذه الفترة من 9.6 في المائة، إلى 4.1 في المائة فقط، مما يعني أن قيمة حجم البنوك المشكوك في تحصيلها تمثل ما نسبته 5.5 في المائة من صافي حجم ال الإجمالي.
وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، أمس، من أحد مسؤولي القطاع المصرفي السعودي، فإنه تتوقع تقارير مصرفية داخليه أن تحوّل نسبة من حجم الديون المشكوك في تحصيلها خلال الأشهر الماضية، إلى بند ال للربع الأخير من العام الحالي.
من جهته، أكد تركي فدعق مدير إدارة الأبحاث والمشورة في شركة «البلاد للاستثمار» في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن فرصة تحويل المخصصات المالية التي تم تجنيبها خلال الأرباع التسعة الماضية إلى بند ال خلال الربع الأخير من العام الماضي ليست «مستبعدة»، إلا أنه قال: «كما أنه ليس مستبعدا أن ترتفع حجم المخصصات التي سيتم تجنيبها أيضا».
وأضاف فدعق: «إجمالي حجم دخل العمليات للبنوك السعودية خلال الأشهر الـ3 الماضية ارتفع بنسبة 9.6 في المائة، إلا أن صافي حجم ال بلغ ما نسبته 4.1 في المائة فقط، وهذا الأمر يعود إلى زيادة حجم المخصصات التي تم تجنيبها، وهو ما يعني أن البنوك جنبت جزءا كبيرا من حجم ال بسبب ديون مشكوك في تحصيلها».
ولفت مدير إدارة الأبحاث والمشورة في شركة «البلاد للاستثمار» إلى أن حجم الودائع لدى البنوك السعودية ارتفع خلال الأشهر الـ9 الماضية، مقارنة بما كانت عليه في الفترة المماثلة من العام الماضي بنسبة 14.7 في المائة، في حين بلغت نسبة نمو محفظة القروض 16.3 في المائة، وقال: «كما بلغت نسبة نمو الموجودات 12.8 في المائة، وجميع هذه الأرقام إيجابية».
وأوضح فدعق أن البنوك تلجأ إلى تجنيب جزء من المخصصات للديون المشكوك في تحصيلها كخط وقائي أخير، مضيفا: «بعض المقترضين قد يتعثرون لأسباب أو لأخرى، ولكن أعتقد أن تعثر الشركات التي تم إقراضها أكثر تأثيرا من تعثر الأفراد، نظرا لضخامة حجم التمويل».
ولفت مدير إدارة الأبحاث والمشورة في شركة «البلاد للاستثمار» إلى أن أعلى البنوك السعودية نموا في محفظة القروض خلال الأشهر الـ9 الماضية هي «الإنماء»، و«البلاد»، و«الجزيرة»، بنسب نمو بلغت على التوالي 45 في المائة، و32 في المائة، و30 في المائة.
وأضاف فدعق: «الشرائح الاستثمارية التي تعتمد عليها البنوك في عملياتها تختلف من بعضها، فهناك مصارف تعتمد على قطاع الشركات من إقراض وودائع، بينما هناك مصارف تعتمد على الأفراد، كما أن هناك مصارف تعتمد على الوساطة المالية، ومصارف أخرى تعتمد في عملياتها على الخزينة».
وأشار فدعق إلى أن نمو صافي البنوك السعودية للأشهر الـ9 الماضية، بلغ ما نسبته 12.4 في المائة، وقال: «أعلى نسبة نمو كانت من نصيب بنك البلاد، حيث بلغت نسبة النمو 252 في المائة، يليه بنك الجزيرة بنسبة 108 في المائة، يليه مصرف الإنماء بنسبة 78 في المائة».
يشار إلى أنه، في الوقت الذي عانت فيه بنوك عالمية من خسائر مالية متراكمة قد تقودها للخروج من السوق خلال الفترة الحالية، وصف خبراء اقتصاد سعوديون البنوك المحلية المعلنة للربع الثاني من العام الحالي بال الاستثنائية، التي تأتي في وقت حرج جدا يتمثل بالظروف السياسية التي تمر بها المنطقة، والأزمة المالية الأوروبية.
وأرجع هؤلاء خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو 3 أشهر ال الإيجابية المعلنة للبنوك السعودية إلى الاستقرار الاقتصادي في البلاد، إضافة إلى مصداقية القطاع المصرفي من الداخل وإدارته ذات الكفاءة.
وقال فضل البوعينين الخبير المالي والاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» حينها: «التأثير الأقوى على تعاملات سوق الأسهم ربما يكون من الخارج وليس من الداخل، وفي رأيي أن الأوضاع السياسية العسكرية في المنطقة تلقي بظلالها على سوق الأسهم السعودية خلال الأيام الحالية».
واستبعد البوعينين خلال حديثه أن تتجاوب السوق المالية السعودية مع البيانات الإيجابية التي تصدر تباعا من قبل الشركات المدرجة أو غيرها من الأخبار الإيجابية الداخلية، مضيفا: «خير مثال على صحة حديثي هو عدم تفاعل السوق المالية السعودية إيجابا مع نتائج القطاع المصرفي التي جاءت إيجابية في ظروف استثنائية».
وأشار البوعينين إلى أن معظم البنوك المعلنة جاءت أعلى من التوقعات، وقال: «كما أن بعض ال المعلنة كانت متوافقة مع توقعات الخبراء الاقتصاديين، ففي كلا الحالتين عندما يحقق القطاع المصرفي نموا حقيقيا، في الوقت الذي تخرج فيه بنوك عالمية من السوق بسبب خسائر متراكمة تتكبدها، يعتبر ذلك مؤشرا إيجابيا للغاية».
وأضاف البوعينين: «النتائج الإيجابية للبنوك السعودية تدل على أن هيكلية القطاع المصرفي في البلاد هيكلية ممتازة، مما يدعم ربحية القطاع، كما أنها تدل على الاستقرار الاقتصادي في البلاد، وعلى مصداقية القطاع المصرفي من الداخل وإدارته ذات الكفاءة، بعكس ما يحدث في بعض الدول الأوروبية من مشكلات مالية قد تقود بنوكها إلى محيط خطر».