المختصر/ يبدو أن الولايات المتحدة، مع نهايات القرن الماضي، وبدايات القرن الحالي، ومع تفردها كقطب عالمي أوحد، كانت ترمي إلى إعادة رسم مناطق النفوذ، -وليس الخرائط-، وإلى تغيير مراكز الإدارة في المنطقة، اعتمادا على دراسات لمراكز تخطيط استراتيجي، أو دراسات لكتاب مؤثرين، كان لهم شأن في توجيه سياسياتها الخارجية. ترتكز النظرة الاستراتييجة الأمريكية للمنطقة على تقوية إيران، واحتواء الدول العربية، واضعافها، حيث سيتم ايراد مثالين على ذلك، هما: 1– نصائح زلماي خليل زاده، الافغاني الأصل، والمولود في مدينة مزار الشرف، وأحد أقطاب اليمين الامريكي المتعصف، وهو متزوج من أمريكية، من أصل يهودي نمساوي، وهو صاحب نظرية “تقوية إيران…احتواء العراق”. حيث كان مؤثرا في السياسة الخارجية الامريكية، وقد ارسلته واشنطن كثاني سفير لها في بغداد، بعد احتلال العراق، وكان يرى أن ضعف إيران في منطقة الخليج يعتبر مشكلة حرجة لأمريكا، ولابد ن تقويتها على حساب الدول العربية.
2– تقرير مؤسسة رند الامريكية لعام 2005. حيث مما احتواه التقرير ما يأتي: ” إن التيار المعتدل هم من : يزورون الأضرحة، والمتصوفون، ومن لا يجتهدون”. كما يذكر: “إن هنالك مصلحة للولايات المتحدة للانحياز بسياساتها إلى جانب الجماعات الشيعية، التي تطمح في الحصول على قدر أكبر من المشاركة في الحكم، والمزيد من حرية التعبير، السياسية والدينية “، وأنه “إذا أمكن تحقيق هذا التوافق، فإنه قد يشكل حاجزاً أمام الحركات الإسلامية المتطرفة، وقد يخلق أُساس لموقفٍ أمريكيٍ مستقر في الشرق الأوسط “!. “ونلاحظ هنا أن هذه السياسة أو التوصية نفذتها وزارة الدفاع الأمريكية في العراق بالفعل عبر تهميش السنة الذين يقودون الجهاد ضد الاحتلال، والتعامل مع الشيعة لضرب هؤلاء السنة!!”. فالسياسة الأمريكية في شرق أوسطها الجديد، كانت ترمي إلى تحالف مصلحي شيعي، أمريكي، صهيوني، ظهرت آثاره في تسهيل احتلال افغانستان مقابل تعزيز مكانة اقلية الهزارة الشيعية الموالية لايران من مفاصل سياسية عدة، وكذلك تمكين امريكا من احتلال العراق، والسطو على نفطه، مقابل السيطرة السياسية، والدينية لايران. فهل يعود ذلك للجماعات السنية “المتطرفة”؟، أم لأن الشيعة لا يجتهدون، ويأتمرون بمرجعية واحدة، آراؤها مقدسة؟، أم لتأصيل تاريخي، يرى أن للسنة دوما مشروع حضاري، بينما مشروع الشيعة يتركز على “النواصب”. كلها طروحات، تحاول تفسير الاستراتيجية الامريكية المرسوة لادارة المنطقة، لكن ما خرق هذه الخطة، هو انطلاق الثورة السورية، حيث عملت، وتعمل تلك الثورة المباركة على ما يأتي: – حيث ألغت نفوذ سوريا في لبنان، وأضعفت حزب إيران في لبنان. – انتصار الثورة سيعيد العراق الى حضنه العربي، لذا فقد بدأ المالكي يستشعر خفوت قوى، وصعود أخرى، فأصدر قرارا بإعدام نائب رئيس جمهورية سني –طارق الهاشمي-، وطرد نائب رئيس وزراء سني من مكتبه –صالح المطلق-، وبدأ عمليات اعدام جماعية كبيرة لشباب من السنة تحت حجة الارهاب. كما إن قواته سدت الحدود العراقية بوجه الهاربين من جحيم براميا الاجرام، وبدأت تطلق النيران عليهم، لمنعهم من دخول العراق. – انتصار الثورة السورية، سيحجم ايران، ويجعلها تنكفئ على نفسها إلى حد كبير، حيث ستتسيد المنطقة قواها الأصيلة. لكل ما ورد، وغيره، فقد ضربت الثورة السورية التخطيط العالمي، لتمكين ايران من ادارة المنطقة، وتهميش السنة، في لعبة مصالح متبادلة، وما تصريح لافروف بالخوف من حكم السنة، ببعيد عن رؤى مؤسسات، وراسمي سياسة امريكيون كثر. ولعل تصريح بن غوريون، رئيس وزراء اسرائيل عام 1948، ولمدة 13 عاما يوضح تلك السياسة التي افشلتها الثورة، حيث قال”ان الخطر الحقيقي الذي يهددنا مباشرة وعنيفا هو الخطر الاسلامي , فالمسلمون عالم مستقل كل الاستقلال عن عالمنا الغربي , فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص بهم , ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات اصالة. فهم جديرون ان يقيموا قواعد عالم جديد دون حاجة الى اذابة شخصيتهم الحضارية والروحية في الحضارة الغربية. ان اخشى ما نخشاه ان يظهر في العالم العربي محمد جديد …”. يقصد بالمسلمين أهل السنة.