لكل عضو او عضوة تحية ملئها الحب والأخاء ,,,
الموضوع طويل وقد راق لي عسى ان يروق لكم
تعرفون أحبابي لم نعد نستمتع بالواقع مثل طفولتنا وكلما تقدم بنا العمر زادنا الحنين في التنقيب عن الماضي الجميل ,,,
دخل عمرو بن معد يكرب - على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له عمر: يا عمرو ، أخبرني عن أشجع من لقيت ، فقال: والله يا أمير المؤمنين لأخبرك عن أجبن الناس وأحيل الناس، وأشجع الناس:
فقال :- خرجت مرة أريد الغارة، فبينما أنا أسير بفرس مشدود، و رمح مركوز وإذا رجل جالس، وهو كأعظم ما يكون من الرجال خلقا، وهو محتب بسيف.
فقلت له: خذ حذرك فإني قاتلك. فقال: ومن أنت ؟ قلت: عمرو بن معد يكرب، فشهق شهقة، فمات.
وخرجت يوماً حتى انتهيت إلي حيٍ، فإذا بفرسٍ مشدود ورمحٍ مركوز وإذا صاحبه في وهدة يقضي حاجته.
فقلت له: خذ حذرك فإني قاتلك. قال: من أنت ؟ قلت: عمرو بن معد يكرب.
قال :أبا ثور (كنية عمرو) ما أنصفتني !! أنت على ظهر فرسك وأنا في بئر، فأعطني عهداً أنك لا تقتلني حتى أركب فرسي ، وآخذ حذري ، فأعطيته عهداً ألا أقتله حتى يركب فرسه ، و يأخذ حذره.
فخرج من الموضع الذي كان فيه ، وأحتبى بسيفه وجلس . فقلت: ما هذا؟ قال: ما أنا براكبٍ فرسي ، ولا بمقاتلك ، فإن نكثت عهدك فأنت أعلم ، فتركته ومضيت. فهذا يا أمير المؤمنين - أحيل من رأيت!
ثم إني خرجت يوما آخر ، حتى انتهيت إلى موضع كنت أقطع فيه ، فلم أر أحدا ، فأجريت فرسي يمينا وشمالا ، فظهر لي فارس.
فلما دنا مني إذا هو غلام قد أقبل نحو اليمامة. فلما قرب منى سلم فرددت عليه وقلت: من الفتى ؟ قال: أنا الحارث بن سعد ، فارس الشهباء، فقلت: خذ حذرك ، فإني قاتلك ، فقال: الويل لك ! من أنت؟ قلت: عمرو بن معد يكرب. قال: الحقير الذليل ، والله ما يمنعني من قتلك إلا استصغارك فتصاغرت نفسي إلي وعظم عندي ما إستقبلنى به.
فقلت له: خذ حذرك ، فوالله لا ينصرف إلا أحدنا ،
قال: اغرب ، ثكلتك أمك! فإني من أهل بيت ما جبنا عن فارس قط.
فقلت: هو الذي تسمع قال: اختر لنفسك ، إما أن تُطْرد لي ، وإما أن أطْرِد لك ، فاغتنمتها منه فقلت: أطردك. فأطرد ، وحملت عليه حتى إذا قلت: أني وضعت الرمح بين كتفيه ، إذا هو قد صار حزاماً لفرسه ثم اتبعني ، فقرع بالقناة رأسي وقال: يا عمرو ، خذها إليك واحدة ، فوالله لولا أني أكره قتل مثلك لقتلتك ، فتصاغرت إلى نفسي ، وكان الموت والله يا أمير المؤمنين أحب إلي مما رأيت ، فقلت: والله لا ينصرف إلا أحدنا ، فقال: اختر لنفسك ، فقلت: أطرد لي. فأطرد لى ؛ فظننت أنى قد تمكنت منه وأتبعته حتى إذا قلت: إني قد وضعت الرمح بين كتفيه فإذا هو قد صار لببا لفرسه ، ثم اتبعني فقرع رأسي بالقناة ، وقال :يا عمرو خذها إليك ثانية.
فتصاغرت إلي نفسي فقلت: و الله لا ينصرف إلا أحدنا.
فقال: اختر لنفسك. فقلت: اطرد لي حتى إذا قلت: إني وضعت الرمح بين
كتفيه وثب عن فرسه ، فإذا هو على الأرض ، فأخطأته ومضيت فإستوى على فرسه واتبعني فقرع بالقناة رأسي ، وقال: يا عمرو ، خذها إليك ثالثة. لولا أنى أكره قتل مثلك لقتلتك.
فقلت له: اقتلني ، فإن الموت أحب إلي مما أرى بنفسي ، وأن تسمع فتيان العرب بهذا. فقال: يا عمرو ، إنما العفو ثلاث ، وإني إن استمكنت منك الرابعة قتلتك ، وأنشأ يقول:
وكّدْت أغلاظاً مـن الأيمـان إن عدت يا عمرو الى الطعانِ
لتوجـرنّ لهـب السـنـان أولا، فلسـتُ من بني شيبـانِ
فلما قال هذا كرهت الموت ، وهبته هيبة شديدة ، وقلت: إن لي إليك حاجة ؟
قال: ما هي ؟ قلت: أكون لك صاحباً ، ورضيت بذلك يا أمير المؤمنين! قال :لست من أصاحبي. فكان ذلك والله أشد على , وأعظم مما صنع.
فلم أزل به أطلب إليه حتى قال: ويحك ! وهل تدري أين أريد ؟ قلت: لا. قال: أريد الموت عياناً. فقلت: رضيت بالموت معك. فقال: امضِ بنا. فسرنا جميع يومنا وليلتنا حتى جنا الليل ، وذهب شطره.
فوردنا على حيّ من أحياء العرب ، فقال: يا عمرو ، في هذا الحي الموت. ثم أومأ إلى قبة في الحي ، فقال: في تلك القبـة الموت الأحمـر فإما أن تمسك عليّ فرسي ، فأنزل ، فآتي بحاجتي ، وإما أن أمسك عليك فرسك ، فتنزل فتأتي بحاجتي.
فقلت: بل انزل أنت ، فأنت أعلم بموضع حاجتك ، فرمى إلىّ بعنان فرسه ونزل ، فرضيت لنفسي يا أمير المؤمنين أن أكون له سائسا.
ثم مضى حتى دخل القبة ، فاستخرج منها جارية ، لم تر عيناي قط مثلها حسنا وجمالا ، فحملها على ناقة ، ثم قال: يا عمرو. قلت: لبيك! قال: عليك بزمام الناقة.
وسرنا بين يديه ، وهو خلفنا حتى أصبحنا ، فقال لي: يا عمرو. قلت: لبيك! ما تشاء؟ قال: التفت ، فانظر هل ترى أحداً ؟ فالتفت ، وقلت: أرى جمالا. قال: أسرع في السير ، ثم قال: يا عمرو. قلت: لبيك ! قال: انظر فإن كان القوم قليلا ، فالجلد والقوة والموت. وإن كانوا كثيرا فليسوا بشيء. فالتفت ، فقلت: هم أربعة أو خمسة. قال: أسرع في السير، وسمع وقع الخيل ، فقال: يا عمرو ، قلت: لبيك! قال: كن على يمين الطريق وقف ، وحول وجوه دوابنا إلى الطريق ، ففعلت ، ووقفت على يمين الراحلة ووقف هو عن يسارها.
ودنا القوم منا ، فإذا هم ثلاثة نفر فيهم شيخ ، وهو أبو الجارية وأخواها وهما غلامان شابان ، فسلموا فرددنا السلام ، ووقفوا عن يسار الطريق فقال الشيخ: خلّ عن الجارية يا ابن أخي ، فقال: ما كنت لأخليها ، ولا لهذا أخذتها! فقال لأصغر ابنيه: اخرج إليه ، فخرج وهو يجر رمحه وحمل عليه الحارث وهو يقول:
من دون ماترجوه خضب من فارس مستلئم مقاتـل
ينمى الى شيبان خير وائل ما كان سيري نحوها بباطل
ثم شد عليه ، فطعنه طعنة دق منها صلبه ، فسقط ميتا. فقال الشيخ لابنه الأخر: اخرج إليه يا ابني ، فلا خير في الحياة على الذل فخرج إليه وأقبل الحارث يقول:
لقد رأيـت كـيف كـانت والطعن للقرن الشديد همتي
والموت خير من فراق خلتي فقتـلتي اليـوم ولا مذلتـي
ثم شد عليه فطعنه طعنة سقط منها ميتاً.
فقال له الشيخ: خلّ عن الظعينة يا ابن أخي ، فإني لست كمن رأيت قال: ما كنت لأخليها ولا لهذا قصدت. فقال له الشيخ: اختر يا بن أخي فإن شئت طاردتك وان شئت نازلتك ، فاغتنمها الفتى ونزل. ونزل الشيخ وهو يقول:
ما أرتجي بعد فناء عمـري سأجعـل السنين مثل الشهـر
شيخ يحامي دون بيض الخدر إنّ استيباح البيض قصم الظهر
سوف ترى كيف يكون صبري فأقبل الحارث وهو يقول:
بعد ارتحالي وطويل سفري وقد ظفرت وشفيت صدري
والموت خير من لباس الغدر والعار أهديـه لـحي بكـر
ثم دنا ، فقال الشيخ: يا ابن أخي ، إن شئت نازلتك ، إن بقيت فيك قوة ضربتني ، وإن شئت فاضربني ، فإن بقيت فيّ قوة ضربتك. فاغتنمها الفتى ، فقال: أنا أبدؤك. قال: هات. فرفع الحارث السيف ، فلمـا نظـر
الشيخ أنه قد أهوى به إلي رأسه ، ضرب بطنه ضربة فقدّ أمعائه ووقعت ضربة الحارث في رأسه ، فسقطا ميتين.
فأخذت أربعة أفراس ، وأربعة أسياف. ثم أقبلت إلى الناقة فعقدت أعنة الأفراس بعضها إلى بعض وجعلت أقودها. فقالت الجارية: يا ، إلى أين؟ ولست لي بصاحب ، ولستَ كمن رأيت ، ولو كنت صاحبي لسلكت سبيلهم! فقلت: اسكتي ، قالت: فإن كنت صادقا فأعطني سيفا ورمحا فإن غلبتني فأنا لك ، وإن غلبتك قتلتك.
فقلت لها: ما أنا بمعطيك ذلك ، وقد عرفت أصلك ، وجرأة قومك وشجاعتهم ، فرمت بنفسها عن البعير وهي تقول:
أبعد شيخي وبعد إخوتي أطلب عيشاً بعدهم في لذة ؟
هلا تكون قبل ذا منيتي وأهوت الى الرمح ، فكادت تنتزعه من يدي. فلما رأيت ذلك خفت إن هي ظفرت بي أن تقتلني ، فقتلتها.