منذ أن لاحت بوادر الأزمة الماليّة العالميّة التي شغلت العالم ولا تزال، اتّجهت أنظار الناس والمراقبين إلى كلّ ما له علاقة بالمؤشّرات الاقتصاديّة والاستثماريّة من أسواق ماليّة وعملات وبورصة وذهب وغيرها،والتي بدأت أرقامها تتأرجح صعوداً وهبوطاً مثيرة الهلع والخوف في نفوس الناس والمراقبين لما لهذا التأرجح من دلالات غير مطمئنة وغير صحيّة على الأوضاع الاقتصاديّة العالميّة التي ما زالت تتأثّر بالهزّات الإرتداديّة للأزمة الماليّة العالميّة والتي ما زالت تحدث في أكثر من منطقة في العالم، وخير دليل على ذلك ما تشهده منطقة اليورو من أزمات متلاحقة تؤثّر تأثيراً كبيراً على الأوضاع الاقتصاديّة لدول تلك المنطقة. من بين أبرز المؤشّرات التي شغلت المراقبين والناس والمستثمرين منذ ما قبل الأزمة الماليّة العالميّة وحتّى الآن، ذلك المعدن الأصفر الذي صنع للونه جناحين وطار وحلّق بهما نحو الأعالي. فالذهب الذي تتابع أسعاره التحليق عالياً ووصلت إلى مستويات قياسيّة تؤشّر إلى عوامل اقتصاديّة واستثماريّة متعدّدة، أبرزها لجوء عدد كبير من المستثمرين والمصارف المركزيّة لدول عديدة إلى التهافت لشراء الذهب كخيار لحماية النقد الوطني من أي خطر قد يتعرّض له
وفى المانيا جاء تحذير مارتين بلسينغ مدير كومرس بنك خلال محاضرة له في برلين من المخاطر الناجمة عن تفكير البعض في بلدان اليورو بأفضلية العودة الى النقد الوطني وظهور ميول في المانيا للعودة الى المارك والتخلي عن اليورو من اجل تفادي كارثة مالية وطنية، جاء في وقت كثر فيه الحديث عن الصعوبات التي يواجهها النقد الاوروبي الموحد بسبب جبال الديون لعدد من بلدان التي تعتمده واحتمال دخوله في مرحلة فقدان الاتجاهات. فبرأي الخبير المالي ان مواصلة التمسك باليورو يشكل الحفاظ الدائم على السيادة الوطنية، واوروبا بحاجة الى ان تكون اكثر فاكثر اوروبية، وما حدث حتى الان دل على ان اوربا ومن دون نقد موحد لها مشروع فاشل. والحديث اليوم عن عودة كل بلد في منطقة اليورو الى نقده الوطني كبديل عن اندماج اوروبي كبير سيسبب خسائر للنقد نفسه، فالمارك الالماني سوف يفقد اكثر من 30 في المائة من قيمته ويثقل كاهل الصادرات.وتابع، ان تثبيت سياسة اندماج اوروبا يحتاج الى اجراءات انتقالية وبعض الوقت، ايضا رفع سقف مظلة الانقاذ التي تم اقرارها لانقاذ بلدان اليورو المتعثرة، وهذا سيساهم ايضا في التخفيف عن كاهل المصرف المركزي الاوروبي في مواصلته شرائه السندات الحكومية لبلدان اليورو التي تواجه صعوبات مالية. ومع ان اليونان هي التي ينصب الاهتمام عليها لاعتبارها البلد المعرض للافلاس، الا ان بليسنغ لمح بان ايطاليا هي نواة المشكلة حاليا، مع ذلك بامكانها انقاذ نفسها، لكن عليها قبل كل شيء اظهار الرغبة في ذلك. فتخفيض تصنيف ايطاليا الذي اعلنته وكالة التصنيف الاميركية ستاندرز وبورز يثير قلقه ويفهمه على انه تحذير موجه مباشرة الى الحكومة في روما يجب ان تأخذه بعين الاعتبار. وهو يساند فكرة تأسيس نوع من يورو شمال، لكن كما قال يجب اولا توضيح مسألة جوهرية الا وهي هل ستكون فرنسا من ضمنه. فنقد موحد من هذا النوع من دون فرنسا لا فائدة منه، ايضا هل ستظل اليونان في محيط اليورو اذا ما اعلنت ا فلاسها؟ هذان امران تركهما ليسنغ من دون اجابة، مع ذلك لا يرى سماءا صافية فوق بلدان اليورو اذا ما افلست اليونان، فهذا سوف يكون له تبعات صعبة. وقدم خبير المالي فاتورة ليست طويلة للبلدان والمصارف لما سيؤول اليه التخلي عن اليورو. فحتى 30 في المائة من السندات الحكومية للدول موجودة في مصارفها، وهذا المصارف تستخدمها من اجل توفير احتياط من السيولة، واذا ما توجب على المصارف مستقبلا موازنته كضمان برأسمالها الخاص، فانها مضطرة الى بيع كميات هائلة من السندات، وقد ينتج عن ذلك مواجهة الحكومات صعوبات جامة من اجل تمويل نفسها، عندها يمكن الحديث عن مأزق حقيقي. وذكر بان كوميرس بنك نفسه كما مصارف اخرى يحاول منذ عامين التقليل من السندات الحكومية لديه بشكل قوي ، فالسندات الحكومية في المانيا تراجعت من 180 مليار يورو الى ما دون المائة مليار يورو حاليا