"وزارة الداخلية – جوانتانامو- البعبع – الصراف- أم المعارك -الخروف".. إنها أسماء قد تبدو بسيطة، وربما فكاهية، وتدعو إلى الضحك، إلا أنها تؤلم الزوجة كثيراً إذا علمت أن أياً منها هو اسمها على جوال زوجها، وربما تطلب الطلاق. وبالعكس، قد يشعر الزوج بالإهانة عندما يعلم أن زوجته تراه كـ"الخروف" مثلاً.
وبالرغم من أنها لا تعدو كونها أسماء إلا أنها باتت تحمل في طياتها معاني عدة.
"سبق" تحاول أن تعرف مدلولات الأسماء، ومدى تأثيرها في الحياة الزوجية.
دلالات الأسماء
أم أحمد، ربة منزل، قالت لـ"سبق": لا أرى غضاضة في الأسماء؛ فهي لا تعني لي الكثير، ولا أسعى لأن أعرف اسمي على جوال زوجي. وردًّا على سؤالها عن الاسم الذي تطلقه على زوجها في الجوال ضحكت وقالت: "(أبويا)، وقد سميته بهذا لأنه رب الأسرة".
أما المعلمة "ن- أ" فرأت أن الاسم يحمل دلالات عدة للمرأة، وقالت: اكتشفت بعض فترة أن اسمي على جوال زوجي جوانتانامو؛ فتألمت كثيراً من الاسم وصورتي عند زوجي، وتشاجرت معه، وبالفعل غيَّره، لكن سرعان ما عاد وكتب "أم العيال"، وعندما سألته لماذا لا يكتب اسمي صريحاً أجابني بأنها (خصوصية، ولا أحب أن يعرف أحد اسم زوجتي)، واقتنعت بكلامه، وصار اسمي أم العيال.
فيما رأى عماد الحارثي أن هناك أسماء يكتبها الرجال من باب التهريج، ولا يحق للزوجة أن تتأثر بتلك الأشياء، طالما أن علاقتها مع زوجها لا تتغير، ولا يجب أن تقف عليها الزوجة وتختلق المشاكل. وبسؤاله عن الاسم الذي اختاره لزوجته ضحك، وقال: أم المعارك.
فيما قالت إحدى النساء - رفضت ذكر اسمها - إنها كتبت اسم زوجها على جوالها الخاص "الخروف". وعن سبب التسمية قالت: سمعت الاسم من إحدى صديقاتي، وأعجبني كثيراً، خاصة أن زوجي شخصيته ضعيفة جداً أمام أهله، ودائماً ما نتشاجر بسبب ذلك، حتى صارت كلمة خروف علامة بيني وبين أصدقائي للتحدث عنه دون أن يدري أحد.
معانٍ سلبية
وأوضح المحلل النفسي ومستشار العلاقات الأسرية والمجتمعية الدكتور هاني الغامدي أن بعض الأزواج يسجلون أسماء مستعارة لزوجاتهم على الجوال، لافتاً إلى أن بعضهم يستخدم أسماء لا تليق بمكانة الزوجة في حياته. وقسَّم الغامدي نفسياً الأزواج الذين يلجؤون لذلك إلى قسمين: بعضهم يجد من خلال إطلاق هذه الأسماء على زوجته إشباعاً للأنا أمام زملائه وقرنائه من الأزواج بقصد التفريغ أمامهم، والآخر للتعبير عن مدى سلطته للمباهاة؛ حيث إنه أطلق عليها هذا الاسم دون خوف منها، وأنها تمثل له معاناة يتعايش معها للدليل على صبره.
وتابع الغامدي: وفي المقابل نجد أن بعض الزوجات تسجّل اسم زوجها بـ"الباشا أو كاسر الخواطر أو الله يهديه".. وهكذا من الأسماء التي تعطي أيضاً دلالة بأن الوضع بينهما ليس على استقرار نفسي أو توافقي مقبول، مبدياً سعادته بتسجيل بعض الأزواج والزوجات أسماء شركاء حياتهم بعبارات تدل على الحب والانتماء والرضا، مثل "الحبيب الأول أو حبيبتي أو سيد الرجال أو الغلا.."، وأكد أن رؤية شريك الحياة للأسماء الراقية على جوال الآخر تجدد فيه المشاعر الجميلة والأحاسيس المتسامحة، حتى لو كان هناك بعض الشوائب أو الاختلاف البسيط الذي قد يعكر صفو علاقتهما.
ورأى المحلل النفسي أن هناك فريقاً تتعزز لديها المعاني السلبية المؤثرة في النفس حينما يتم الاتصال، ويرى ذلك الاسم الذي تم إطلاقه على الشريك؛ لتزداد معاني البُعد وتعميق الإحساس بالغضب والحنق، وهم في ذلك مدمرون لأنفسهم وعلاقتهم بالشريك، من خلال تكرار البرمجة السلبية لأنفسهم وضد الشريك بشكل مستمر. مضيفاً: وعلى الجانب الآخر هناك من يستأنس بالاسم حينما يرى اتصال الشريك؛ ليعزز معنى الرضا من خلال تذكره الحب والمشاعر التي كانت وما زالت، بغض النظر عن وجود مشكلات بسيطة؛ ليستعيد العقل تلك الصورة الإيجابية حينما يرى الشخص الاسم الجميل والإيجابي أمامه أثناء اتصال الشريك به.
طبيعة الشخصية
من جهته رأى الكاتب الساخر محمد السحيمي أن التعبير بالأسماء يدل على وجهة نظر الشريك في شريكه؛ حيث تُعدّ السخرية في كتابة الاسم تلخيصاً لطبيعة الشخصية والمخزون الداخلي داخل الفرد. وقال: بالرغم من أن الأسماء بسيطة، وربما تدعو إلى الفكاهة في كثير من الأحيان، إلا أنها تحمل في طياتها ثقافة كبيرة، قد تدعو إلى الحزن في كثير من الأوقات.
وقال: لا يقتصر التعبير بالأسماء عبر الجوالات على الزوج فقط، بل الزوجة أيضاً، وهناك نوعان من التعبير، إما إيجابياً أو سلبياً، وكلاهما له دلالته الخاصة؛ ففي بعض الأحيان تسجل الزوجة اسم زوجها على الجوال "الصراف – أبويا"، وبالرغم من أن الاسم لا يوجد ما يشينه إلا أنه يدل على مدى الوصاية والسيطرة من الطرف الآخر.
ومن جهة أخرى تبدو سلبية مثل "وزارة الداخلية"؛ حيث نجدها تلخيصاً لحالة ترتبط في عقول الناس بالأمن والمباحث والتجسس والسلطة المطلقة والتسلط؛ ما يلخص شعور الشريك تجاه الآخر؛ حيث تمثل وقتها السخرية الحقيقية والواقعية التي تعبر عن الواقع الملموس.
ثقافة المجتمع
ولفت إلى أنه في بعض الأحيان يُعَدّ تعبير الزوج عن زوجته دلالة على ثقافة سائدة في المجتمع، وهي الخجل من ظهور اسم المرأة؛ فتجد الرجل يسجّل زوجته باسم "أم العيال"، كما أنه لا بد أن نشير إلى أن هناك فئة من المجتمع تخاف الحسد والعين من الآخرين؛ لذا تطلق بعض الأسماء حتى تشعر الآخرين بالنفور من الطرف الآخر.
ووفق رؤية السحيمي فإن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب الحوار بين الزوجين داخل الأسرة، واستبدال الصراع المستمر به، حتى صارت النصائح التي تقال للطرفين قبل الزواج تدعم هذا الفكر، وتؤكد ضرورة الهيمنة والسيطرة من مبدأ "ذبح القطة". مؤكداً أن عودة الحوار والمودة والرحمة إلى العلاقة الزوجية ستعمل على احتواء أي أزمة بدلاً من تكبيرها وتضخيمها.