القضاء الأميركي يعيد محاكمة الصانع ودفاع القصيبي يفتح ملفي "التحويل" و"التزوير"
27 سبتمبر 2012 06:49 ص آخر تحديث : 27 سبت 2012 06:49
في تطور قضائي جديد, وبعد الحكم الابتدائي الذي اصدرته محكمة جزر الكايمن منتصف يونيو الماضي بإلزام الملياردير السابق معن الصانع بدفع 2.5 مليار دولار لصالح مجموعة القصيبي, قضت محكمة الاستئناف الاميركية بنيويورك في ساعة متأخرة من مساء امس بإعادة محاكمة الصانع وشركاته في اميركا امام القضاء الاميركي, وكان القاضي ريتشارد لوي بالمحكمة العليا في نيويورك قضى في يوليو 2010 برفض الدعاوى التي اقامتها مجموعة القصيبي ضد الصانع وقال في حينه "ان الاشخاص المذكورة اسماؤهم في الدعاوى غير قادرين على السفر الى اميركا, ومعظم الشهود يعيشون خارج الولايات المتحدة", وهو ما اعتبره الصانع آنذاك فرصة لتطويل امد التقاضي للتهرب من سداد التزامات بمليارات الدولارات.
وفي 25 الجاري قامت هيئة استئنافية -حسب بلومبرغ ونص قرار المحكمة الذي حصلت "السياسة" على نسخة كاملة منه -برد حكم القضاي "لوي" وذكرت ان نيويورك لها مصلحة عليا في حماية مؤسساتها المالية, ولها مصلحة في حسم الجدال قضائيا والذي يخص وضعها البارز في النظام المصرفي الدولي, حسبما قال القاضي جيمس ام كاترسون تعبيرا عن الاغلبية التي توصلت الى قرار اعادة محاكمة الصانع وشركاته في نيويورك.
الى ذلك بات من المؤكد ان اعادة المحاكمة -التي التزم حيالها محامي الصانع رافضا التعليق على القرار المفاجئ الذي غير من خريطة اطالة امد التقاضي وكسب الوقت- ستفتح الكثير من القضايا الاخرى الجاهزة في نيويورك والتي توجد بوثائق امام اللجنة المالية في الكونغرس وسبق واعلن عنها المحامي الاميركي ايريك لويس بالارقام متهما الصانع بالغش والخداع والمصارف الاميركية بإخفاء البيانات وقبولها تحويلات بالمليارات دون ان تسأل عن مصدرها.
وقالت مصادر قانونية ذات صلة "ان اعادة المحاكمة ستتطرق الى اتهامات بغسل اموال تورط فيها المصرف الذي سبق واشترى منه الصانع نسبة 3 في المئة وهو "HSBC", فضلا عن 3 مصارف اخرى تلقت منه تحويلات تجاوزت ال¯160 مليار دولار, منها 5 مليارات لحساب الصانع الخاص من خلال صرافة القصيبي التي كان يديرها.
وقال فريق الدفاع عن القصيبي ان محكمة الاستئناف اعترفت بالدور الخطير لمحاكم نيويورك في قضايا الغش الكبرى على المستوى الدولي والتي تستغل النظام المصرفي الاميركي, وهذا نص ما قاله المحامي ايريك لويس الذي يعمل في مؤسسة لويس باخ PLLC للمحاماة في واشنطن والذي يعمل كبير المنسقين القانونيين للشركة, واستطرد قائلا: الاطراف الاجنبية لا يجب ان يتاح لها استخدام واستغلال المصارف في نيويورك لارتكاب اعمال الغش المالية الكبيرة والتهرب من التدقيق, لا لشيء الا لأنها ببساطة قد ارتكبت هذه الجرائم من خارج البلاد.
ورغم ان المحامية كارمين بوكوزي عن بنك المشرق حاولت التقليل من اهمية الحكم, الا ان المصادر اكدت ان القرض الذي يدور حوله النزاع بين القصيبي والمشرق خضع لعملية تزوير واسعة النطاق وسيتم اخضاعه للفحص من قبل المحكمة العليا بنيويورك, فضلا عن اتهامات اخرى تعدها هيئة الدفاع عن القصيبي بقيادة ايريك لويس.
الى ذلك رفض روبرت اف.سيريو المحامي في مكتب جيبسون وكروتشر (LLP) والذي يمثل الصانع التعليق على الحكم حسب ما قالته "بلومبرغ" و"بيزنس ويك", وتحمل القضية رقم 2009/590643 محكمة نيويورك العليا (مانهاتن).
وواصل "لويس" بقوله، إن عملية الانتهاك تضمنت النصب والاحتيال وغسيل أموال على نطاق واسع، وكلها تمت عن طريق رجل الأعمال السعودي "معن عبدالواحد الصانع" - مالك مستشفى وشركة سعد ومدارس سعد بالمنطقة الشرقية ورئيس مجلس ادارة بنك "أوال" البحريني – الذي استخدم شركة تحويلات سعودية تدعي "ماني إكستشانج"، إلى جانب عدد من البنوك فى البحرين وسويسرا وجزر كايمان، مشيرا إلى أنه وعلى الرغم من ضخامة العملية التى فقد بسببها اقتصاد بلاده هذا الكم الهائل من الأموال، فإن أياَ من الجهات السيادية فى بلاده، بما فيها النائب العام والقيادات المصرفية، لم يهتم باتخاذ إجراء بشأنها إلا بعد أن اكتملت أركانها بالفعل.
وأوضح أن التعامل الرئيسي كان بين شركة الحوالات السعودية التى لا يزيد رأس مالها عن 60 مليونا من الدولارات وبين إحدي بنوك نيويورك، حيث وبالرغم من ضآلة رأس مال هذه الشركة فقد طلبت من البنك الأميريكي فتح حسابا بالمراسلة من أجل تحويل مبلغ 15 مليار دولار مدفوعة سنويا.
وهنا – يقول "لويس" – فإن هناك أربعة أعلام حمراء ينبغي رفعها بشأن خطوات التحويل التى جرت بين الشركة السعودية والبنك الأميريكي، وهي:
أولا: أن عملية التحويل كانت باتجاه منطقة عالية الخطورة هي منطقة الشرق الأوسط.
ثانيا: أن البنك قبل التعامل مع الشركة رغم أنها بلا سابقة أعمال معه، وبدون إجراء التحريات اللازمة فى مثل هذه الحالات، وفقا لقاعدة "إعرف عميلك"، وكذا وفقا لسياسات مكافحة غسيل الأموال المتبعة بصورة تقليدية.
ثالثا: ضخامة حجم المبلغ الذي تم تحويله سنويا.
رابعا: أن حجم المعاملات لا يتناسب وحجم الشركة السعودية.
وكشف كذلك أن كل من بنكي "أوال" و"المؤسسة المصرفية الدولية" البحرينيين، وهما بلا أي عملاء معتمدين، قد تم تأسيسهما من جانب رجل الأعمال ذاته، من أجل اقتراض الأموال ثم تبييضها، عبر النظام المالي الأميريكي، ثم تحويلها إلى عملاء "دمي"، وأخيرا إلى شركاته، منتقدا بشدة تخاذل البنك الأميريكي فى إجراء تحريات على أساس قاعدة أخري هي: اعرف عميل عميلك لكي تعرف من تتعامل معه.
وقال أن من الطبيعي أن تخضع المعاملات البنكية الأميريكية لعدد من الجهات التشريعية والرقابية والجنائية، يتساوي في ذلك عميل من الشرق الأدني وآخر مقيم فى مانهاتن بقلب نيويورك، معتبرا أن هذا الفشل المنهجي فى تتبع مسارات الأموال المتسربة من ماسورة الاقتصاد الأميريكي هو غير مسبوق ويكشف إلى أي حد تم تجاهل أية إجراءات رسمية لمنعه أو وقفه.
وكشف أن زميله "بيتر كينج" كان قد أرسل طلبا رسميا للنائب العام الأميريكي بإجراء تحقيق فى الجريمة، ولكن دون أن يكون هناك أي رد بالمقابل من جانب النائب العام أو وزارة العدل فى هذا الصدد.
وفى ختام شهادته، طالب "أيريك لويس" الجهات المصرفية وغيرها من المسئولين فى بلاده بالاستعلام الجدي عن هذا العميل السعودي وروافده من كيانات مالية، على أن يتم محاكمته حال إدانته بجريمته بحق الاقتصاد الأميريكي