هذا المواطن الله يجزاه خير عمل مقطع فيديو عن شجره الزام
وتكلم بكل واقعيه عن التصحر
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم بسنده عن أنس رضي الله عنه: “ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة”.
في هذا الحديث الشريف بيان لأهمية نوع من أنواع العمل، وهو استنبات الأرض وزراعتها وفي القرآن الكريم توجيه لعبرة من أسمى العبر ودلالة من أهم الدلالات على قدرة الخالق الوهاب الذي يحيي الأرض ويرشد من عليها أن يعالجوها
بأيديهم ليستخرجوا عطاءها الذي يسوقه الله لهم رزقا كريما قال تعالى: “وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا
يَشْكُرُونَ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ”.
والحديث الشريف - كما يقول الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ السنة النبوية بجامعة الأزهر يبرز لنا أهمية الغرس والزراعة ويوضح ما للزارع والغارس من مثوبة عند الله تعالى إذا أكل من غرسه أو زرعه طير أو إنسان أو بهيمة.
بل إن منزلة هذا النوع من العمل تتضح لنا بصورة رائعة وعظيمة حين نعلم أن مثوبة الزرع أو الغرس ممتدة إلى ما بعد الموت. وصدقة جارية إلى يوم القيامة ففي رواية: “فلا يغرس المسلم غرسا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير
إلا كان له أي ما أكل منه صدقة إلى يوم القيامة”.
إن ثواب ذلك لموصول، ما دام الزرع مأكولا منه، حتى ولو انتقل إلى ملك غيره ولو مات الغارس أو الزارع.
لقد أخذ صاحب هذا العمل تلك المنزلة من الأجر والمثوبة، لأنه بهذا شارك في عمارة الحياة، فلم يعش لنفسه فقط، وإنما عمل لمصلحة مجتمعه، وقدم لنماء الخير مستطاعه، وسواء حصل من زرعه على شيء أو لم يحصل، وسواء عاش
ليأكل منه أم لا. روى الإمام أحمد عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رجلا مر به وهو يغرس غرسا بدمشق، فقال له أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا تعجل عليّ، سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: “من غرس غرسا لم يأكل منه آدمي ولا خلق من خلق الله إلا كان له به صدقة”.
وفي رواية أخرى قال: “أتغرس هذه وأنت شيخ كبير، وهذه لا تطعم إلا في كذا وكذا عاما؟ فقال: ما علي أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيري”؟
ولله در القائل: “غرس من قبلنا فأكلنا ونغرس ليأكل من بعدنا”.
بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم ليرتفع بمستوى العمل حتى يجعل منه عملا خالصا من أعمال البر، بحيث يصبح غاية ذاته، لا وسيلة من وسائل الكسب والمعاش فحسب.
يقول صلى الله عليه وسلم: “إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها” و”الفسيلة”: هي ما يقطع من صغار النخلة أو يجتث من الأرض.
ولكن هل يختص الثواب بمن يباشر الغرس أو الزرع بيده؟ إن النية هي أساس الثواب والعقاب: “إنما الأعمال بالنيات” فلا يختص بحصول الثواب أن يباشر الإنسان العمل بيده بل يتناول من استأجر لمثل هذا العمل أحدا. أما إذا
كانت نية الغرس أو الزرع لمتعاطي الزرع أو الغرس ولو كان ملكه لغيره حصل الثواب للغارس أو الزارع.
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أضافه إلى أم مبشر ثم سألها عمن غرسه. روى مسلم بسنده عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم مبشر الأنصارية في نخل لها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: من غرس هذا
النخيل أمسلم أم كافر؟ فقالت: بل مسلم فقال: “لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت به صدقة”.
إن هذا الحديث يعطينا نموذجا من نماذج أعمال البر المستمرة الثواب، لما لها من أهمية في عمارة الأرض وإثراء الحياة، والتعاون من أجل المصلحة العامة، والحديث إن كان نصا في الغرس والزرع فهناك أحاديث أخرى تستهدف بمجموعها
استمرار أعمال الخير في الحياة، واستمرار ثواب أصحابها إلى ما بعد الموت كصدقة جارية أو عمل ينتفع به أو ولد صالح يدعو لأبيه أو تعليم القرآن أو بناء بيت للفقراء وأبناء السبيل والضيوف.
وقد استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن الزراعة أفضل أعمال الكسب والمعاش، وقيل: الصناعة أفضل، وقيل التجارة.. والواقع أن الأمر يختلف باختلاف حاجات الناس وأحوالهم في الزمان وفي المكان، فإذا كانت حاجة الناس
إلى القوت أكثر كانت الزراعة أفضل، لتحصل التوسعة على الناس، وإذا كانت حاجة الناس إلى السلع التجارية والمواد التموينية أكثر لانقطاع الطرق مثلا أو لندرة ما يتمون به المجتمع كانت التجارة أفضل وكذلك الصناعة وغيرها من
وسائل العمل والإنتاج كما يؤكد الحديث أن الإنسان يثاب على ما تلف من ماله دون إهمال منه أو ما سرق منه كذلك. وأن الإسلام دعوة إلى التكافل الاجتماعي والتعاون الإنساني في مختلف الصور.
في الحديث دعوة إلى بث روح التسامح ومعالجة النفس البشرية من حدة الغضب والخصومات.
وفي رواية مسلم: إلا كان ما أكل منه له صدقة وما أكل السبع منه فهو له صدقة وما أكلت الطير فهو له صدقة