قبل فترة من الزمن ذهبت أنا وخوياي لمكة المكرمة لإداء العمرة ، ودخلنا مكة المكرمة من طريق جده ، وسلكنا الطريق الدائري جهة منطقة أسمها الرصيفة قاصدين موقف سيارات المعتمرين ، ودخلنا مع أحد شوارعها بالخطاء كنا نظن أنه الطريق المؤدي إلى موقف كدي ، وفي أحد الأحياء الشعبية وجدنا زحمة سيارات ، وقابلونا شباب وأطفال معهم عصي كوكتيل شعوب ، وبعد ما توغلنا في قلب الزحمة قابلونا رياجيل من ذوي البشرة السمراء فريقيا ، وبعضهم ملامحهم شرق اسيوية بنقالة على هنود على اندنوسيين ومعاهم عصي ضخمة وعاصبين رؤوسهم بعمائم مثل عمائم علي بابا اللي كنا نشوفها في أفلام كرتون يهرولون رايحين لمنطقة مزدحمة نشوف فيها تجمع كتل بشرية ، ووقفنا السيارة بجنب الطريق ونزلنا نتفرج نشوف الحاصل وإذا فيه ضرب على الزير ونار شابينها في وسط المضمار وفيه شباب صغار ملامحهم افريقية يجيبون خشب ويرمونه في النار ، وتفرجنا على الأهازيج حوالي خمس دقائق الاّ وتطور الأحتفال من لعب ورقص إلى مضاربة بالعصي وهبد ومهبود وطرد ومطرود ودخلو داخل الشوارع يتطاردون ومافيه أحد يفارع وكل مجموعة دخلوا مع شارع ، وشغّلنا سيارتنا وهربنا من منطقة المعركة مع أول شارع ، ولاّ وقفنا الاّ خارج منطقة العمران بحوالي خمسة كيلو ، وما عاد ندري عن شمالنا من يمنا ولا شرقنا من غربنا ، ووقفنا في محطة بنزين وسآلنا عامل يماني فيها عن أسم المكان الذي حنا فيه ، قال لنا : هذا طريق الساحل ، قلنا له أيش الساحل ، ساحل اي مدينة ، قال هذا الطريق يوديكم لليثت وجيزان ، قلنا له حنا نريد الحرم ، ووصف لنا الطريق ورجعنا لمنطقة اسمها الكعكية واستمرينا في الطريق بعدما ارشدنا واحد لطريق كدي وموقف سيارات المعتمرين .
وبعد ما أخذنا عمرتنا ورجعنا لسيارتنا في المواقف لقينا شايب من سكان مكة وعلمناه بالسالفة وما جرى لنا ، وقال لنا : أيوه ، هذا لعب المزمار وهومن تراث اهل مكة ، قلنا له : حنا نعرف أن أهل مكة تراثهم ماهو المزمار ، أهل مكة قبايل من ايام الرسول عليه الصلاة والسلام من قبائل قريش وهذيل وسليم وحرب وثقيف وقبائل كثيرة غيرهم ، قال لنا : لا هذا تراث سكان مكة من غير القبائل ، قلنا له : الذي نعرفه أن هذا اللعب الذي تسميه المزماز تراث أفريقي ، لماذا سكان مكة من غير القبائل ماياخذون تراث المنطقة التي يعيشون فيها ومع أهلها ، لماذا يتجمعون وهم أجناس مختلفة على تراث أفريقي لا يمت لمكة المكرمة ومنطقة الحجاز بصلة ، نظر إلينا الشايب وقال لنا مادري ، فقلنا له قول الشعار : أن كنت لا تدري فتلك مصيبتاً وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ، وشكرناه على المعلومات التي علمنا بها وكنا نجهلها .