شاهدت أجبرته ظروف بلاده على الهجرة إلى هناك في معية أسرته.
لا أنكر بأن الدم غلا في عروقي غيظًا وقهرًا من هذا المقطع، وزاد غيظي أن الشرطة البريطانية العنصرية لم تحرك ساكنًا تجاه هؤلاء الطلبة المعتدين؛ إذ إنهم ما زالوا يداومون على دراستهم في نفس المدرسة دون تحقيق أومساءلة- على الرغم من تقديم شكوى رسمية من أسرة هذا الطالب الذي قد تكرر الاعتداء تجاهه وتجاه شقيقته التي حاولت الانتحار بسبب مضايقات الطالبات لها-.
تذكرت في هذا الصدد ما حدث مع الطالبة السعودية المبتعثة إلى بريطانيا "ناهد المانع"، والتي قد اعترضها أحد العنصريين الإنجليز فقام بطعنها حتى الموت وهي-لحظتئذ- في طريقها إلى جامعتها!
تمر هذه الأحداث العنصرية على الإعلام العربي "المسيّس" فلا يلقي لها بالًا أو على الأقل يقوم بإبرازها وتحويلها إلى قضية رأي عام قد تساهم في تخفيف هذه الحدة العنصرية الغربية تجاه العرب والمسلمين.
مما يتوجب في هذه المرحلة على المثقفين والمهتمين هو إعادة صياغة الانطباع العام تجاه الغرب وسلوكياته؛ إذ إن جيل الأوائل من المحتكين بالغرب قد نقلوا في أدبياتهم صورةً زاهية عن الغرب توارثتها أجيالنا دون فرز وتمحيص (رأيت إسلاما بلا مسلمين)!
هذه القراءة المنهارة نفسيًا من جهة، والمنبهرة حضاريًا من أخرى؛ كانت دعامة الصورة الغربية المزيفة في عقول الأجيال، والتي -كما أسلفنا- كانت نتاج خطوتين: انبهار؛ فانهيار!
يجب على أبناء أمتنا هدم هذه القراءة القديمة الذليلة، وإحلال أخرى أصدق وأشجع وأعدل منها؛ متكئةً-أي القراءة الجديدة- على مبدأ "الانتقاء الحضاري" الذي استعمله المسلمون الأوائل في أخذ المفيد من الحضارات الأخرى ونبذ الضار والسيء- مع تثبيت مبدأ الاستعلاء الإيماني: "ولا تهنواولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين".