قال المهندس إبراهيم العمر محافظ الهيئة العامة للاستثمار، "إن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل ما نسبته 95 في المائة من إجمالي عدد المنشآت التجارية والاستثمارية في السعودية".
وأكد أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تعد من أهم محركات النمو الاقتصادي، إذ تعمل على تشجيع الإبداع والابتكار وتوفير الوظائف وتعزيز نمو الصادرات، إلا أنه ما زالت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي في المملكة دون مستوى الطموحات مقارنة بالاقتصادات المتقدمة.
ولفت العمر خلال مشاركته في ملتقى المنشآت الصغيرة والمتوسطة بعنوان "رأس المال الجريء بوابة للتمكين"، الذي نظّمته غرفة الشرقية أمس، إلى أن رؤوس الأموال الجريئة أصبحت من الممكنات الرئيسية لترجمة الأفكار والإبداعات إلى منشآت تجارية واستثمارية رائدة ومؤثرة عالميا، إذ أحدث عدد من الشركات المعتمدة على رأس المال الجريء تغييرات جوهرية على صعيد الاقتصاد العالمي، مثل "جوجل" و"فيسبوك" و"أمازون".
وأشار العمر إلى ما أكدته "رؤية 2030" بأهمية دعم القطاع الخاص وتبنّي نجاحه، وإيجاد بيئة لتعزيز الإبداع والابتكار وتحسين الكفاءة، وذلك وصولا بمساهمته في إجمالي الناتج المحلي من 40 في المائة إلى 65 في المائة ومساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 20 في المائة إلى 35 في المائة ورفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40 في المائة إلى 75 في المائة، وكذلك زيادة نسبة إنفاق الأسر على الثقافة والترفيه من 2.9 في المائة إلى 6 في المائة، وهو ما يُمثل أرضية خصبة لتوفير مزيد من الفرص والمجالات الاستثمارية، وتفتح آفاقا جديدة أمام القطاع الخاص في المملكة.
وعد الرؤية بمنزلة فرصة كبيرة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، بفتحها لقطاعات جديدة يمكن لها أن تستوعب عديدا من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كقطاع التعدين والسياحة والترفيه والطاقة المتجددة، داعيا رواد الأعمال للتوجه إلى هذه القطاعات الجديدة، ولا سيما فيما تقدمه الدولة حاليا من مُحفزات ومعالجات عدة لأجل الارتقاء بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة سواء فيما يتعلق بالتنظيم أو التمويل.
وأكد أن الدولة على استعداد لتقديم كامل الدعم لرواد الأعمال الجادين، وأنها في سبيل قضائها على التستر الذي يعد سرطان الاقتصاد بصدد إصدار برنامج جديد من شأنه القضاء عليه بشكل كبير.
وأشار العمر إلى أن تطوير البيئة الاستثمارية يعد من أهم العوامل المحفزة للقطاع الخاص، حيث تتضافر الجهود وتتكامل بين الجهات الحكومية لتحسين أداء قطاع الأعمال في المملكة وتحقيق المركز العاشر في تقرير التنافسية العالمية مع نهاية 2030.
ولفت إلى ما تقوم به لجنة تيسير التي تضم 39 جهة حكومية لأجل تعزيز البيئة الاستثمارية في المملكة بمتابعة تنفيذ أكثر من 450 توصية لمعالجة التحديات التي يواجهها القطاع الخاص، حيث تم إنجاز 40 في المائة منها، مبينا أن هذه الجهود تتكامل مع البرامج التحفيزية الأخرى.
وافتتح الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، أمس، فعاليات ملتقى المنشآت الصغيرة والمتوسطة بعنوان "رأس المال الجريء بوابة للتمكين"، الذي نظّمته غرفة الشرقية في مقرها الرئيس في الدمام، بحضور عدد من مسؤولين حكوميين ورجال وسيدات أعمال ومتخصصين في الشأن الاقتصادي بوجه عام والمنشآت الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص.
وعبّر الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز خلال جولته في المعرض المصاحب للملتقى، عن سعادته بال الاقتصادي الذي تشهده المنطقة الشرقية، وأنه جزء من أكبر تشهده المملكة ككل، مشيرا إلى أهمية ما تمثله المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني.
وتواصلت جلسات ملتقى المنشآت الصغيرة والمتوسطة بعنوان "رأس المال الجريء بوابة للتمكين"، حيث أكدت الجلسة الثانية التي حملت عنوان "السياسات والأنظمة والبرامج المالية الداعمة لاستثمارات المال الجريء" أهمية الاستفادة من الفرص التمويلية، التي تتيحها المؤسسات الحكومية والشركات الكبيرة، والانضمام إلى الحاضنات، وتعزيز الجانب المعرفي واختيار السوق المناسب للاستثمارات.
وقال المتحدثون في الجلسة التي أدارها أنس الضويان عضو المجلس التنفيذي لشباب الأعمال في غرفة الشرقية "الفرص المقبلة تبدو واعدة على هذا الصعيد، وإن المبادرة هي بيد المنشآت نفسها".
وبين المهندس طارق الشهيب وكيل وزارة المالية لشؤون الإيرادات، أن تطورات عديدة يشهدها قطاع التمويل الموجه للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، إذ لدى الوزارة برامج عديدة منها مثل الإقراض الحكومي الذي أسهم في إقراض 700 مشروع بـ 11 مليار ريال، في قطاعات صحية وتعليمية وفندقية منها عدد لا بأس به من المنشآت الصغيرة، مضيفا أن "نظام المنافسات في صيغته الجديدة سيحدث نقلة نوعية لدخول المنشآت الصغيرة والمتوسطة مجال المنافسة الحكومية، ما سيزيد من مساهمتها في الناتج المحلي، وهو واحد من أهداف "رؤية المملكة 2030".
من جهته، أكد نواف الصحاف الرئيس التنفيذي لبرنامج بادر لحاضنات التقنية، أن برنامج بادر هو أكبر برنامج حاضنات في الوطن العربي، إذ سيدعم منذ العام المقبل 300 شركة من خلال ثمانية فروع في المملكة، وذلك لأن التمويل جزء أساسي لنجاح المشاريع، خصوصا الصغيرة منها، والأفضل لرواد الأعمال هو الانضمام لهذه الحاضنات والاستفادة من الخدمات التي تقدمها، داعيا إلى ضرورة التوجه نحو النشاط في المجال التقني.
بدوره، قال محمد الرميح مدير عام الإدارة العامة للأسواق في شركة السوق المالية "تداول"، "كانت فرص الحصول على تمويل من التحديات الأساسية، التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بخلاف المنشآت الكبيرة، لكن مع إطلاق السوق الموازية عام 2017 باتت الفرص متاحة، خاصة أن تعديلات وبرامج عديدة لتشجيع المنشآت الصغيرة لدخول السوق الموازية"، داعيا أصحاب المنشآت إلى التركيز على الأنشطة وتنميتها والاستفادة من الحاضنات.
فيما بين المهندس محمد الحقباني نائب رئيس قطاع الشركات في وحدة أعمال الاتصالات في شركة الاتصالات السعودية، أن عددا من الشركات الكبيرة "مثل شركة الاتصالات السعودية" تعمل على دعم المحتوى المحلي من خلال دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولهذا فعلى هذه المنشآت الاستفادة من ذلك من خلال التواصل وحضور الفعاليات وما شابه ذلك.
وفي الجلسة الثالثة التي حملت عنوان "جهود الشركات الكبرى والمصارف والصناديق في زيادة مصادر الاستثمار والتمويل"، وأدارها عضو المجلس التنفيذي لشباب الأعمال في الغرفة تركي الراجحي، تحدث عمر المجدوعي الشريك والمؤسس لشركة رائد المتقدمة للاستثمارات المحدودة، حول نماذج العمل الحديثة وكيفية استفادة الشركات العائلية منها، مشيرًا إلى أن العالم يتغير ويتجه إلى السرعة في كل شيء، وأن بيئة الأعمال تغيرت وطالها التحديث في جميع الجوانب من ناحية الثقافة ونوعية رواد الأعمال والجودة، كما أنها أصبحت محفزة وتشجع على الاستثمار وهذا ما يحصل حاليا.
من جهته، أكد فارس الراشد مؤسس مجموعة عقال، أن الشركات الكبرى ومنها الشركات العائلية أصبحت الآن تبحث عن الفرص الاستثمارية الناجحة حتى تستثمر فيها، مشيرا إلى أن هناك دعما قادما متمثلا في المبادرات والقرارات التي تشجع على بدء الاستثمار وسط البيئة المحفزة التي نتلمسها حاليا.
فيما قال سليمان الجبرين مدير إدارة تمويل الشركات في الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "إن تمويل الأعمال عنصر أساسي ومهم لكنه ليس الأهم لدى المشاريع الصغيرة"، مبينا أن تلك المشاريع تحتاج إلى برنامج كامل من الإرشاد وتقديم الاستشارات والنصح، إضافة إلى المتابعة الدورية للمشروع حتى نتمكن من المحافظة عليه وحمايته من الفشل".
من ناحيته، تحدث راكان العيدي الشريك والمؤسس لـ "كون فيتشرز" عن تطور بيئة الأعمال في المملكة، مشيرا إلى أن ما بين عام 2006 وعام 2018 شهد تطورًا كبيرًا، وأصبح الاستثمار محفزا جدا فقد تغيرت إجراءات كثيرة سهلت على رائد الأعمال التوجه إلى الاستثمار والانطلاق.
واختتم قصي السيف مدير محافظ الملكية الخاصة لشركة الرياض المالية، "إن السنوات الثلاث الماضية شهدت تطورا كبيرا، فعدد الحاضنات في تزايد، كما أن السعودية أصبحت تستقبل حاضنات من الخارج، حيث شهد قطاع الأعمال دخول رواد الأعمال المدعومين في السوق"، متوقعا أن يشهد العامان المقبلان كثيرا من التغييرات والتحسين.