أسهم عريمان او سوق عريمان على وزن ناقة عريمان، وهي ناقة انطلقت شهرتها لكونها لا تعرف شيئا اسمه الوسطية، او الحلول الوسط، فعاشت وفق ظروف نفسية تخصها، فهي إن ثارت نارت وهجت فلا يمكن لأحد ان يتوقع ما ستفعله، لقوة حركتها ونهوضها، وان بركت، فلن تثور بسهولة، وستدفع صحابها إلى الانتظار الممل ومع ذلك فقد تمكن مالكها من التكيف معها وأصبحت مضربا للأمثال.
وأثناء ثورانها تبدو في قمة عافيتها وصحتها ولا يبدو عليها أي علامات للمرض، والعكس صحيح، فعندما تبرك تبدو وكأنها مريضة، ويتخيل من يراها أنها تحتضر ولن تعود لصحتها وثورانها السابق،علما ان سلوكها في كل مرة مرتبط بحالة نفسية وليست عضوية.
وسوق الأسهم لدينا ليس ببعيد عن هذا الوصف، وخلال فترة صعوده لم يكن احد يتوقع موعد طفرته، وأرقامه، وسلوكه، وحواجزه التي يتخطاها يوما بعد يوم، ولم يتصور ان يسقط بهذه السرعة، وعندما انخفض لم يكن احد يتخيل هذه الأرقام الهبوطية التي وصل إليها، وفي صعوده لم يعط إشارات للصعود تتيح الفرصة للجميع بالركوب، فكان الصعود مباغتا، حتى ان البعض لم يصل إليه إلا في القمة، كما انه في هبوطه، لم يعط إشارات تدل على المستوى الذي يقصده للنزول، فكان الهبوط مباغتا وسريعا والناس في قمة الفرح، ومن هنا انطلق وصف ناقة عريمان.
والمثير ان هذا السلوك، فرض نفسه على تصرفات بعض المتعاملين في سوق الاسهم، ففي موجات الارتفاع، فان التفاؤل والاندفاع القوي على الشراء يسيطر عليهم، فيتخيلون ان الأسواق في صعود مستمر، واللون الأخضر هو المؤشر، وكأن الارتفاع لا يعقبه نزول.
وعند النزول يضرب التشاؤم أطنابه في السوق، ويصبح الحديث عن الهبوط محور النقاشات بين المتعاملين، ويتدافعون بقوة على البيع، وكأن هبوط الأسواق لا يعقبه صعود، وتتكاثر الصور السلبية، ويتسابق المحللون في رسم القيعان بنفسيات محبطة، ومشاعر قاتمة، وكلما وصل السوق الى قاع جديد حددوا قاعا اخر.
وحتى نكون أكثر إنصافا في التشبيه، فان ناقة عريمان كانت تثور وتبرك في السابق دون تدخل من احد، وفق حالتها المزاجية، فقد عرف صاحبها كيف يديرها، في الوقت الذي يشهد فيه سوق الأسهم محاولات للتدخل في حركته، وثنيه عن الصعود، وأحيانا دفعه للهبوط، وتعكير حالته المزاجية والنفسية، مع انها في الأصل متعكرة، ووسط هذه الصور يترقب أصحاب الخبرة والمتفائلون، ثورة لناقة عريمان تتخطى بها الحواجز، بشرط ان يفسح لها المجال لتتحرك، بدون تدخلات او ضغوط، وتعطى الحرية لتقرر موعد الانطلاقة.