الثاني -القول باللسان- والسلام بالإشارة منهي عنه إلا في حالين: إذا كان الإنسان بعيداً ويخشى ألا يسمع المسلم عليه فإنه يشير بيده مع لفظ " السلام عليكم".
الحالة الثانية: إذا كان يصلي فإنه إذا سلم عليه مسلِّم لا يرد عليه باللسان وإنما يرد عليه بالإشارة، يرفع يده هكذا سواء كان واقفاً يقول: هكذا، أو جالساً يقول: هكذا، إشارة إلى أنه يصلي وأنه لا يمكن أن يرد.
نزيد حالاً ثالثة: إذا كان الإنسان يستمع إلى خطبة الجمعة وسلم عليه مسلِّم فإنه لا يرد السلام؛ لأن الكلام حال خطبة الجمعة حرام إلا للخطيب ومن يكلمه الخطيب لحاجة أو مصلحة، فإذا دخل المسجد إنسان والإمام يخطب وصلى تحية المسجد وسلم عليك فلا ترد عليه السلام، لكن من المستحسن أن تشير إليه ألا رد، وإذا انتهت الخطبة فرد عليه السلام، وبين له أن الخطبة ليست محل سلام.
كذلك نزيد حالة رابعة: إذا كان الإنسان على قضاء الحاجة -في الحمام- سلم عليه مسلِّم فلا يرد السلام عليه؛ لأنه قد كشف عورته وهو في محل لا يمكن فيه الرد، بل إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سلَّم عليه رجل ذات يوم وليس على وضوء فتيمم بالجدار ثم رد عليه السلام، ثم قال: ( إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر ).
وينبغي لمن سلم على قوم فيهم مسلمون وكافرون أن ينوي بالسلام على المسلمين فقط، سلم على قوم في مجلس بعضهم نيام وبعضهم أيقاظ، يسلم على الأيقاظ ويخفض صوته لئلا يوقظ النائمين فإن هذا من السنة: ألا تجهر بالصوت عند النائمين لأنك ربما توقظهم، وبعض الناس إذا استيقظ بعد نومه لا ينام، فيبقى قلقاً يتقلب على فراشه، وتطول عليه الليلة، فكلما أمكن أن تخفض صوتك فهذا هو المطلوب حتى لا توقظ النيام.إهـ
لا يجوز السلام بالإشارة، وإنما السنة السلام بالكلام بدءًا وردًا. أما السلام بالإشارة فلا يجوز؛ لأنه تشبه ببعض الكفرة في ذلك، ولأنه خلاف ما شرعه الله.
لكن لو أشار بيده إلى المسلّم عليه ليفهمه السلام، لبعده مع تكلمه بالسلام فلا حرج في ذلك؛ لأنه قد ورد ما يدل عليه، وهكذا لو كان المسلّم عليه مشغولًا بالصلاة فإنه يرد بالإشارة كما صحت بذلك السنة عن النبي صل الله عليه وسلم .إهـ
س : ما هو حكم الإسلام في التحية بالإيماء باليد ؟ فذلك يحدث إذا كان الشخص بعيدا . هل يجوز ذلك، وهل له أصل في الشريعة ؟.
الحمدلله روى الترمذي في السنن عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالأكف . قال الألباني : حسن
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا ) أي من أهل طريقتنا ومراعي متابعتنا ( من تشبه بغيرنا ) أي من غير أهل ملتنا .. والمعنى لا تشبهوا بهم جميعا في جميع أفعالهم خصوصا في هاتين الخصلتين ولعلهم كانوا يكتفون في السلام أو رده أو فيهما بالإشارتين من غير نطق بلفظ السلام الذي هو سنة آدم وذريته من الأنبياء والأولياء . ( و ) أخرج النسائي بسند جيد عن جابر رفعه : لا تسلموا تسليم اليهود فإن تسليمهم بالرؤس والأكفّ الإشارة .
فائدة : قال النووي لا يرد على هذا ( يعني حديث جابر هذا ) حديث أسماء بنت يزيد : مر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وعصبة من النساء قعود فألوى بيده بالتسليم فإنه محمول على أنه جمع بين اللفظ والإشارة ، وقد أخرجه أبو داود من حديثها بلفظ : فسلم علينا انتهى . والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حسا وشرعا وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس وكذا السلام على الأصمّ انتهى .
فالتحية بالإشارة دون التلفّظ بالسلام هي تشبّه باليهود أو النّصارى ومن ذلك كثير من التحيات العسكريّة ، وقد نص أهل العلم على بدعية التحية بالإشارة الخالية من لفظ السلام أي (السلام عليكم) ، والله تعالى أعلم.