إن من أكبر الفِرَق التي كانت و ما تزال وبالاً و شراً على المسلمين على طول تاريخهم و في جميع مراحل حياتهم ، هي فرقة الشيعة على تعدد طوائفها و اختلاف نحلها ، بدءاً بالسبئية أتباع بعد الله بن سبأ اليهودي ، الذي كان رأساً في إذكاء نار الفتنة والدس بين صفوف المسلمين ، و الذي وصل الأمر بهم إلى تأليه علي رضي الله عنه ، و قبل أن أبدأ بالموضوع لابد من مقدمة توضح الموضوع و تشرح المضمون .
أصل ابن سبأ و منشأه:
اختلف أصحاب المقالات والتاريخ في هوية عبد الله بن سبأ ، و من ذلك اختلفوا في بلده و قبيلته ، يذكر القلقشندي في قلائد الجمان (ص 39 ) : أن يعرب بن قحطان ولد يشجب ، و ولد ليشجب ( سبأ ) و اسم سبأ هذا عبد شمس ، و قد ملك اليمن بعد أبيه ، و أكثر من الغزو والسبي ، فسمي ( سبأ ) وغلب عليه حتى لم يسم به غيره ، ثم أطلق الاسم على بنيه .. و هم الوارد ذكرهم في القرآن .
على أن المصادر التاريخية لا تذكر شيئاً واضحاً عن أصل السبأيين ، و الذي ينتسب إليهم عبد الله بن سبأ ، و من المحتمل أنهم كانوا في الأصل قبائل بدوية تتجول في الشمال ثم انحدرت نحو الجنوب إلى اليمن حوالي ( 800 ق م ) ، و هي عادة العرب في التجوال ، أو نتيجة ضغط الآشوريين عليهم من الشمال ، واستقروا أخيراً في اليمن وأخذوا في التوسع . راجع : محاضرات في تاريخ العرب للدكتور صالح العلي (1/21) .
و منهم من ينسب ابن سبأ إلى ( حمير ) ، و هي قبيلة تنسب إلى حمير بن الغوث بن سعد بن عوف بن مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبأ الأصغر بن لهيعة بن حمير بن سبأ بن يشجب هو حمير الأكبر ، و حمير الغوث هو حمير الأدنى و منازلهم باليمن بموضع يقال له حمير غربي صنعاء . أنظر : معجم البلدان لياقوت الحموي (2/306) .
ومن الذين قالوا بذلك : ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء ( 5/46) ، حيث يقول : والقسم الثاني من فرق الغالية يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل ، فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري .
أما البلاذري في أنساب الأشراف (5/240) ، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) ، والفرزدق في ديوانه ( ص 242-243) فينسبون ابن سبأ إلى قبيلة ( همدان ) ، و همدان بطن من كهلان من القحطانية و هم بنو همدان ابن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان ، و كانت ديارهم باليمن من شرقيه . معجم قبائل العرب لرضا كحالة (3/1225) . فهو ( عبد الله بن سبأ بن وهب الهمداني ) كما عند البلاذري ، و ( عبد الله بن سبأ بن وهب الراسبي الهمداني ) كما عند الأشعري القمي ، أما عن الفرزدق فقد ذكر نسبة ابن سبأ إلى همدان في قصيدته التي هجا فيها أشراف العراق و من انضم إلى ثورة ابن الأشعث في معركة دير الجماجم سنة (82هـ ) و يصفهم بالسبئية حيث يقول :
كأن على دير الجماجم منهم حصائد أو أعجاز نخل تقعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية و تُكره عينيها على ما تنكّرا . إلى آخر القصيدة ...