يحدث الانكماش (Deflation) عندما يصبح التغير في الأسعار سالبا، بمعنى أن المستوى العام لأسعار السلع والخدمات ينخفض ( معدل التضخم للسالب أي أقل من 0.0%).
وعلى عكس زيادة التضخم يؤدي الانكماش إلى رقع القيمة الشرائية للنقود، وهو ما يسمح للمواطنين بشراء المزيد من السلع والخدمات بنفس المبلغ من المال.
ويعتبر العديد من الاقتصاديين أن الانكماش هو أهم مشكلة تواجه الاقتصادات الحديثة، وخاصة حين يكون غير متوقع.
وفي هذا التقرير سيتم استعراض مخاطر الانكماش، والمرور بشكل سريع على أزمة الاقتصاد الياباني طويلة الأجل مع هذه الظاهرة والتي لم يستطع الإفلات منها حتى اليوم.
- هناك في الواقع ثلاثة أسباب مختلفة تدعو للقلق بشأن الانكماش، اثنان منهما على جانب الطلب والآخر على جانب العرض.
- أولاً وقبل كل شيء: عندما يتوقع المستهلكون انخفاض الأسعار، فإنهم يصبحون أقل استعداداً للإنفاق، وبالتحديد أقل استعداداً للاقتراض. وفي بيئة مثل هذه تصبح مجرد حيازة الأموال استثماراً ذا عائد حقيقي إيجابي. وعندما يحدث ذلك يستمر الاقتصاد في التراجع لأن المستهلكين يتوقعون استمرار الانكماش، وبالفعل يستمر الانكماش لأن الاقتصاد يتراجع، وبهذه الطريقة يدخل الجميع في ما يشبه الحلقة المفرغة.
- هناك أثر ثان: بصرف النظر عن التوقعات المستقبلية للانكماش، يؤدي انخفاض الأسعار إلى تدهور وضع المدينين من خلال زيادة العبء الحقيقي لديونهم فكما أشار الاقتصادي الأمريكي "إيرفينج فيشر" منذ فترة طويلة، من المرجح أن يضطر المدينون إلى خفض حجم إنفاقهم عندما ترتفع عبء ديونهم، في حين أنه من غير المتوقع أن يزيد الدائنون إنفاقهم بنفس المقدار.
- أخيراً، في ظل الاقتصاد الانكماشي، من المفترض أن تنخفض الأجور بنفس الوتيرة التي تنخفض بها الأسعار، ولكن ذلك المنطق يصطدم بحقيقة أن انخفاض الأجور الاسمية أمر صعب جداً، بمعنى أن الاقتصادات بشكل عام لا تستطيع خفض الأجور إلا إذا كان لديها إلى جانب الانكماش بطالة جماعية، وذلك حتى يكون العمال يائسين بما فيه الكفاية لقبول انخفاض أجورهم، كما حدث في إستونيا ولاتفيا.