واس- طهران: دعت السعودية الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز إلى "حل خلافاتها عن طريق الوسائل السلمية، وبواسطة المفاوضات الثنائية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وأن يكون ذلك مقروناً بوقف جميع أشكال التعديات، والبُعد عن كل فعل يتناقض مع سياسة حُسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى".
وقالت إنها "ترى أن أمن الطاقة لا يقتصر على أمن الإمدادات، لكن يتعداه إلى أمن الطلب أيضاً، وتلافي التذبذب والمضاربات في الأسعار، وعدم استهداف البترول بضرائب تمييزية".
جاء ذلك في كلمة السعودية التي ألقاها مساء اليوم صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن عبدالله بن عبد العزيز، نائب وزير الخارجية، الذي يمثل السعودية نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - في مؤتمر القمة السادسة عشرة لدول حركة عدم الانحياز المعقودة في طهران.
وأكدت السعودية في كلمتها أن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني قضية جوهرية، وأن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أهم أسباب عدم الاستقرار في المنطقة، مجددة التأكيد على موقفها الثابت والراسخ الداعم لهذه القضية، وداعية بقية دول عدم الانحياز إلى الاعتراف بدولة فلسطين.
وفيما يأتي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد/ محمود أحمدي نجاد
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو رؤساء وفود الدول المشاركة
السيدات والسادة، الحضور الكريم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يشرفني في مستهل كلمتي أن أنقل لمؤتمركم الموقر تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، وتمنياته بأن تكلَّل أعمال مؤتمرنا بالنجاح والتوفيق، ويسرني أن أتقدم لفخامتكم بخالص التهنئة بمناسبة توليكم رئاسة حركة عدم الانحياز خلال السنوات الثلاث القادمة، التي نتطلع فيها جميعاً إلى تحقيق النتائج الإيجابية.
كما أود أن أعرب عن جزيل الشكر والتقدير للجمهورية الإسلامية الإيرانية رئيساً وحكومة وشعباً لاستضافة هذا المؤتمر، وللتسهيلات التي قُدّمت للوفود المشاركة وكرم الضيافة، ولا يفوتني أن أشكر حكومة جمهورية مصر العربية على رئاستها الحركة، والجهود المميزة التي بذلتها خلال السنوات الثلاث الماضية.
السيد الرئيس، رؤساء الوفود..
لقد سعت حركة عدم الانحياز منذ إنشائها - ولا تزال - إلى تجسيد مصالح العالم النامي انطلاقاً من رغبة دولها في خدمة السلام العالمي بوصفه رؤية سياسية واقتصادية تسعى إلى تحقيق الاستقرار والرفاه، انطلاقاً من مبادئها وفكرها السياسي وبنيتها التنظيمية التي لا تُعَدّ بأي حال من الأحوال محوراً أو تكتلاً دولياً يقود إلى الصراع والصدام مع القوى الأخرى.
ومن هذا المنطلق فإن حكومة بلادي تجدد التأكيد بالتمسك بحركة عدم الانحياز ودورها في عالم تبدو فيه الأوضاع الدولية والإقليمية أكثر اضطراباً؛ ما جعل من مفهوم القوة هو السائد في العلاقات الدولية، وتراجع معه احترام مبادئ القانون الدولي وعدم الاكتراث بقرارات الشرعية الدولية، وتشويه مبدأ حق الدفاع عن النفس، واستغلال مبادئ حقوق الإنسان لأغراض سياسية خرجت بها عن سياقها ومضمونها.
السيد الرئيس، رؤساء الوفود..
إن المملكة العربية السعودية، وانطلاقاً من مبادئها ورغبتها بإقرار السلام في المجتمع الدولي، تدعو من هذا المنبر جميع الدول الأعضاء إلى حل خلافاتها عن طريق الوسائل السلمية، وبواسطة المفاوضات الثنائية، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وأن يكون ذلك مقروناً بوقف جميع أشكال التعديات، والبُعد عن كل فعل يتناقض مع سياسة حُسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، كما تدعو إلى مساعدة الدول الأعضاء التي تتعرض للتحديات والمخاطر السياسية والاقتصادية والأمنية؛ الأمر الذي يستوجب منا جميعاً تقديم الدعم والمؤازرة والمساندة لأية جهود ترمي إلى تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في هذه الدولة العضو؛ فأمنها واستقرارها مرتبط بأمننا واستقرارنا جميعاً.
السيد الرئيس، رؤساء الوفود..
إنني أحب أن أؤكد أن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني قضية جوهرية لبلادي، وأن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أهم أسباب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وتجدد بلادي التأكيد على موقفها الثابت والراسخ الداعم لهذه القضية انطلاقاً من دعمها وتأييدها للمبادرة العربية للسلام، التي أُقرَّت في قمة بيروت العربية عام 2002م، مع عدم القبول بإجراء أي تعديلات عليها، وتدعم كل الجهود الرامية لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وتدعو في الوقت نفسه بقية دول حركتنا هذه، التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، إلى الاعتراف بها بعد أن اعترف بها حتى الآن 132 دولة.
السيد الرئيس، رؤساء الوفود..
في ضوء ما يشهده العالم من اضطراب وتفاوت في القيم والمفاهيم وانتشار روح الكراهية، ومساهمة في نشر قيم الحوار والتسامح والاعتدال وبناء علاقات تعاون وسلام تساهم في مواجهة تحديات الانغلاق وضيق الأفق، فقد بادر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بإطلاق دعوته الصادقة لتبني نهج الحوار والتفاهم بين أتباع جميع الأديان والثقافات، وقد أثمرت هذه الجهود بعقد مؤتمر الحوار في مدريد عام 2008م.
كما تم الاتفاق مع كل من حكومة النمسا وإسبانيا بإنشاء مركز الملك عبدالله للحوار والثقافات في فيينا، كما تجلت نظرته الثاقبة ـ رعاه الله ـ في إعلان تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية في مؤتمر قمة التضامن الإسلامي، الذي عُقد في شهر أغسطس الحالي في مكة المكرمة، يكون مقره مدينة الرياض.
السيد الرئيس، رؤساء الوفود..
إن حكومة بلادي تقوم بدورها الفاعل في التنمية المحلية والشؤون الاقتصادية الدولية، وتُعدّ المملكة العربية السعودية دولة مانحة وشريكاً رئيسياً في التنمية الدولية؛ فقد مثلت المساعدات والمعونات الخارجية جانباً أساسياً من سياسات المملكة إلى الدول النامية منذ عام 1973م حتى هذا اليوم، وقد قطعت شوطاً كبيراً في إنجاز أهداف التنمية الألفية، ولاسيما في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية.
وبوصفها أحد منتجي مصادر الطاقة فإن المملكة العربية السعودية ترى أن أمن الطاقة لا يقتصر على أمن الإمدادات، لكن يتعداه إلى أمن الطلب أيضاً، وتلافي التذبذب والمضاربات في الأسعار، وعدم استهداف البترول بضرائب تمييزية، وقد استضافت مقر الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي في الرياض للحوار بين المنتجين والمستهلكين للطاقة، وتم التوقيع على ميثاقه خلال الاجتماع الوزاري لوزراء الطاقة في فبراير 2011م، كما أعلنت خلال قمة أوبك التي عُقدت بالرياض دعمها لإنشاء صندوق خاص لأبحاث الطاقة والبيئة والتغير المناخي.
وفي الختام، السيد الرئيس، أود أن أجدد الشكر لفخامتكم ولحكومة وشعب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وندعو الله جميعاً أن يخرج هذا المؤتمر بنتائج تحقق تطلعات شعوبنا ودولنا.