مشروع جديد من المشاريع الطموحة في عالم الطاقة يُضاف إلى المشاريع التابعة لأرامكو السعودية، وهو مشروع الفاضلي للغاز والكهرباء، بطاقة معالجة تبلغ 2.5 بليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الغاز المر (عالي الكبريت) غير المصاحب. ويُعد هذا المشروع أحد أهم المشاريع التي تدعم استراتيجية أرامكو السعودية لتلبية الحاجة إلى الطاقة داخل المملكة، وتقليل حرق السوائل، كما أنه أول مشروع ضخم في الشركة يُطبق مبادرة كفاءة رأس المال.
يقع المعمل على بعد 30 كيلومترًا جنوب غرب معمل الغاز في الخرسانية، حيث سيُعالج المعمل 2 بليون قدم مكعبة قياسية من الغاز غير المصاحب من حقل الحصباة المغمور و500 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز غير المصاحب من حقل الخرسانية على اليابسة. ويتم إنشاء المعمل على أرض فضاء ليس فيها أية معامل أخرى وهي إدارة جديدة أنشئت في أغسطس 2013م.
يُعد هذا المشروع العملاق هو الأول في أرامكو السعودية الذي يُطبق مبادرة كفاءة رأس المال، التي هي إحدى مبادرات التحول الاستراتيجي، التي أطلقتها الشركة قبل سنوات، وتهدف إلى تحسين منهجيات الشركة في التخطيط للمشاريع وتنفيذها، إضافة إلى تعزيز بناء قدراتها الداخلية من خلال استحداث نظام محسن لإدارة رؤوس الأموال. وتتضمن المبادرة تفاهمات واتفاقيات تعاونية بين جميع الدوائر الرئيسة لتسهيل وضبط جميع المشاريع الضخمة نظرًا لأنها تستتبع تخصيص مبالغ رئيسة من التمويل الرأسمالي للشركة.
ويقول مدير إدارة مشروع معمل الغاز في الفاضلي، الأستاذ هشام الدرهلي: «نحن نفتخر أننا أول مشروع ضخم في أرامكو السعودية يتم تشييده من خلال مبادرة كفاءة رأس المال التي تركز على خفض التكاليف مع تطبيق أفضل المعايير والمقاييس والمواصفات في أرامكو السعودية، وإنجاز المشروع في وقته المحدد، وكذلك تحسين جميع الإجراءات وتنفيذ مراحل المشروع». كما يتطلب تطبيقها وجود فريق مشروع متكامل يتميز بالفاعلية ويعمل ضمن أطر حديثة في إنشاء المشاريع العملاقة.
وحول كيفية التأكد من تطبيق مبادرة كفاءة رأس المال في جميع مراحل المشروع، جاء توضيح الدرهلي: «لدينا معايير ومقاييس عالمية سوف تُستخدم لاختبار جميع إنجازاتنا مرحلة تلو الأخرى. أحد هذه المقاييس هو كميات المواد الانشائية التي سوف تُستهلك في الفاضلي مقارنة بمعامل الغاز الأخرى التي تم اختيارها للمقارنة وتصحيح المسار، وكذلك مقياس التكلفة والجدولة واللذين نستخدمهما في جميع برامج التحكم في المشاريع. ونقصد بالجدولة الفترة الزمنية لتنفيذ مراحل المشروع».
ويستجيب مشروع غاز الفاضلي العملاق لخطط الشركة في مواجهة الطلب المتنامي على الطاقة، حيث تم تحديد حقول الغاز غير المصاحب في الخرسانية والحصباة باعتبارها البديل الاقتصادي الأوفر لتلبية جزء من متطلب غاز البيع الإضافي.
الطاقة الكهربائية
نظرًا لأن مشروع الفاضلي للغاز والكهرباء سوف يُسهم في تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء في المملكة، فإنه يعد مشروعًا مشتركًا لتوليد الطاقة بين أرامكو السعودية وشركة الكهرباء السعودية، ويقول مهندس المشاريع، عوضة الشهراني: «إن معمل الغاز في الفاضلي يُغطي محطة توليد ثنائية الكهرباء والبخار (التوليد المزدوج) التي تمد معمل الغاز في الفاضلي بالكهرباء والبخار وهذه من المشاريع المرتبطة بمعمل الغاز، كما أنه يُعد أول مشروع من نوعه في المملكة يُمثل الشراكة بين أرامكو السعودية وشركة الكهرباء السعودية.
وهذا المشروع سوف يوفر للمنطقة 1100 ميجاواط، والتي بدورها سوف تغطي المنطقة الشرقية والمناطق الأخرى، كما أنها سوف تُغطي أي عجز قد يطرأ في المملكة خلال السنوات القادمة مع النمو الصناعي والعمراني والسكاني المتزايد.
من جهة أخرى، سوف يقوم هذا المعمل بإمداد معمل الغاز في الفاضلي بالبخار. وسيكون الغاز المستخدم في معمل إنتاج الطاقة المزدوج من نوع خاص يستخدم لأول مرة في المنطقة وهو غاز الوحدات الحرارية البريطانية المنخفضة. أما الماء الذي سوف يُستخدم في الغلايات سواء في معمل إنتاج الطاقة المزدوج أو في المعمل الرئيس للفاضلي فكلها سوف تتغذى من هذا المشروع، وهو محطة الفاضلي للتوليد الثنائي المزدوج للكهرباء والبخار».
مشروع متميّز
ما الذي يجعل هذا المشروع متميزًا؟ يقول المهندس خالد الخضير، وهو يمثل الجهة المسؤولة عن تشغيل المعمل بعد إنجازه من قبل إدارة المشاريع: «من بين العديد من معامل الغاز في أرامكو السعودية، يتميز مشروع معمل الغاز في الفاضلي، بالعديد من الخصائص الفريدة من نوعها، فهو أول معمل غاز يستخدم الوحدات الحرارية البريطانية المنخفضة، كما أن حقل الخرسانية هو أول حقل يتم إنشاؤه وفقًا لتلك المعايير».
يُضيف الخضير: «يُعد مشروع معمل الغاز في الفاضلي كذلك أول معمل يقوم بإنتاج الطاقة المزدوجة، حيث يرسل غاز حقل الخرسانية المعالج جزئيًا إلى معامل الطاقة، لينتج هذا المعمل ما مقداره 1100 ميجاواط. الجدير بالذكر أن معمل الغاز في الفاضلي لا يقوم بمعالجة هذا النوع من الغاز معالجة تامة ومن ثم ضخه في شبكة الغاز الرئيسة في الشركة، بل تتم معالجة هذا الغاز بدرجات أقل لإرسالها إلى معامل إنتاج الطاقة المزدوجة، والمعالجة بدرجة أقل تعني معدات أقل وهو من شأنه أن يخفض ميزانية المشروع بنسبة كبيرة".
ويحتوي الغاز المستخرج من حقل الحصباة على نسبة عالية من كبريتيد الهيدروجين والنيتروجين وثاني أكسيد الكربون. وهذا النوع من الغاز (عالي الكبريت)، الذي يُطلق عليه كذلك ''الغاز المر'' أصعب في المعالجة من أنواع الغاز الأخرى.
يهدف هذا المشروع إلى تقليص حرق السوائل الهيدروكربونية الثقيلة بطرق عالية الكفاءة، وتعويض ذلك باستخدام الغاز الأكثر كفاءة وخاصة في فصل الصيف حيث يزداد الطلب المحلي على الطاقة من أجل توفير قوة كهربائية كافية لتبريد البيوت في وقت الذروة. ويعمل فريق مكون من 70 موظفًا من الموظفين والمهندسين والدعم الإداري في هذه المرحلة في داخل المملكة وخارجها.
دعم الاقتصاد السعودي
سيكون مشروع الغاز في الفاضلي أحد دعائم التنمية الاقتصادية في المملكة، ويُعرف أنه أكثر بديل اقتصادي يفي بجزء مهم من متطلب غاز البيع الإضافي، وذلك بحقن 1.5 بليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من غاز البيع إلى شبكة الغاز الرئيسة، و470 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الوقود في محطة توليد مزدوج مجاورة.
ويمرّ تطوير مشروع الغاز في الفاضلي بعدة مراحل، أوجزها الدرهلي، بقوله: «أولًا، تطوير حقل الحصباة المغمور. وثانيًا، تطوير حقل الخرسانية على اليابسة. وثالثًا، تطوير وإنشاء مشروع الفاضلي للغاز والكهرباء. وكذلك تطوير موقع معمل الغاز في الفاضلي، وتطوير وإنشاء الإسكان الخاص بالموظفين العزاب في حقل الفاضلي وما جاورها من معامل تابعة للشركة». ويُضيف: «لدينا كذلك ثلاثة مشروعات أخرى، وهي: خطوط الأنابيب الرئيسة، وخط أنابيب منفصل، أما المشروع الثالث فهو إنتاج الطاقة المزدوجة».
خبرات عالمية
وعن تصاميم هذا المشروع، يقول أسامه الصالح وهو مدير مشروع بإدارة مشروع معمل الغاز في الفاضلي:"عادة يُنفذ التصميم على مرحلتين: المرحلة الأولى هي التي تتضمن التوقيع مع المقاول الذي يفوز بالمقاولة، حيث يقوم المقاول بعمل كل التصاميم التي يحتاجها المشروع لكي يتم تكليف المقاول الفائز ببناء المشروع، وفي المرحلة الثانية تبدأ مرحلة التصميم التفصيلي».
ويضيف أسامه الصالح: «بالنسبة لمرحلة التصاميم الأولية لمشروع الغاز في الفاضلي فإنها تمت في ثلاث مناطق في العالم، هي: المملكة العربية السعودية، والمملكة المتحدة، والإمارات العربية المتحدة".
أما عبدالعزيز الطويان، وهو مدير مشاريع، ومسؤول عن تطوير مرافق الإنتاج في حقل الحصباة المغمور، فيقول: "في الإمارات العربية المتحدة أعدت التصاميم الأولية لتطوير مرافق الإنتاج في حقل الحصباة المغمور، وذلك لإنشاء ست منصات لإنتاج الغاز ومنصتين لربط الحقل بالمعمل. وكذلك خطي أنابيب بطول 160 كيلومترًا لنقل ما يقرب من 2.0 بليون قدم مكعبة قياسية من الغاز غير المرافق، كما سيكون هناك تمديدات يصل طولها إلى 50 كيلومترًا من التمديدات الكهربائية والاتصالات من معمل فرز الغاز عن الزيت رقم 2 في المرجان إلى المعمل، وجميعها تحت مياه البحر