رغم ..
رحيله مطلع أغسطس عام 2005، إلا أن سلسلة مواقف وذكريات أعادت الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، مجددًا لواجهة المشهد السعودي، ليس فقط عبر هاشتاق: #ذكرى_وفاة_الملك_فهد، ولا من خلال الحساب الرسمي لمعرض تاريخ الملك فهد، الذي نشر صورًا ومقاطع فيديو عن الملك الراحل، مصحوبة بتغريدة ثابته: "وغاب الفهد في مثل هذا اليوم"، بل من كل من تابع مسيرته الممتدة، ودوره في صناعة القرار السعودي على هامش ذكرى الرحيل.
وكان الملك الراحل شاهد عيان، وصانع قرار، ومتقاطع مع كل الأحداث التى مرت بها المملكة، وجوارها العربي- الإسلامي (لاسيما حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق، واحتلال العراق لدولة الكويت، وأحداث 11 سبتمبر 2001، التى ترتب عليها غزو أفغانستان والعراق)، فضلًا عن ملفات دولية، ظهر خلالها الدور القيادي للمملكة، كداعم للسلام والأمن الإقليمي والدولي.
ولم تشغله إنجازاته الداخلية، عما يحدث في الجوار الإقليمي، لاسيما في مؤازرة الأشقاء في الكويت بعد الغزو العراقي، حيث استضاف أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، وحكومته، وقاد عملية إعادة الكويت لشعبها عسكريًّا، بعد فشل كل الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة، أيضًا كان سبّاقًا وهو يطرح مباردة شهيرة مكونة من 8 بنود (مطلع الثمانينيات) لحل الأزمة الفلسطينية.
ويحسب للملك فهد، إنجاز "اتفاق الطائف" في أغسطس 1989 لوقف الحرب الأهلية في لبنان بعدما حولت البلاد من "سويسرا الشرق الأوسط" إلى بلد يعانى الانهيار الكامل وفوضى السلاح. أيضًا تميزت فترة الملك فهد بتهدئة شاملة على كل الجبهات (مع إيران، وسوريا، والعراق إلى أن حدثت عملية غزو الكويت).
كان عهد الملك فهد، زاخرًا بالأعمال والانجازات الوطنية على كل الأصعدة، فهو صاحب أياد بيضاء في العناية بالحرمين الشريفين، عبر توسعة المسجد الحرام غربًا، وترميم الكعبة، وتوسعه المسجد النبوي شمالًا وشرقًا وغربًا، وتوسعة المساجد التاريخية بالمدينة المنورة، ومقبرة البقيع، وكل ما يتعلق بالمشاعر المقدسة وضيوف الرحمن.
أيضًا، لا تزال إنجازاته حاضرة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، بعد افتتاحه نهاية أكتوبر 1984، وإنشاء وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المعنية بشؤون الدعوة إلى الله في الداخل والخارج، فضلًا عن إدارة الأوقاف، وإنشاء وقف للحرمين الشريفين بمكة، ووزارة الخدمة المدنية.
خدميًّا، ترك الملك فهد خلفه إرثًا يتحدث عن نفسه في افتتاح مطارات (يتصدرها الملك خالد الدولي بالرياض، والملك فهد الدولي بالدمام) وشبكات طرق ضخمة (أهمها: طريق مكة المكرمة - المدينة المنورة السريع) والعناية بكل المرافق، والعمل على رفع كفاءتها، لكن هذه المسيرة الممتدة للملك فهد، انتهت جسديًّا في مطلع أغسطس 2005، بعدما غيّبه الموت في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض.. غاب الجسد، وتظل الإنجازات.
يذكر أن الملك فهد (المولود في 16 مارس 1921) هو خامس ملوك السعودية، وأول من لقب بـ"خادم الحرمين الشريفين"، فضلًا عن أنه الابن التاسع (بين الذكور) للملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، وكغيره من الأمراء، نشأ الأمير فهد في كنف والده الملك عبدالعزيز، قبل التحاقه مبكرًا بـ"مدرسة الأمراء" في الرياض، ثم معهد العاصمة النموذجي.
ولاحقًا تلقّى دروسًا مكثفة في مجالات السياسة الأدب، دعمته كوزير للمعارف عام 1953، قبل أن يصبح وزيرا للداخلية عام 1962، نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء (مع احتفاظه بحقيبة الداخلية) عام 1967. وتكللت خبراته عام 1975 بتعيينه وليًّا للعهد، ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء في عهد الملك خالد، قبل تولي مقاليد الحكم منتصف يونيو عام 1982، عقب وفاة الراحل، الملك خالد رحمه الله .