يُروَى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه رأى أعرابيًّا يسوق كلبا، فقال له: ما هذا الذى معك؟
فقال: يا أمير المؤمنين ، نِعْمَ الصاحب، إن اعطيتُه شكر، وإن منعته صبر قال عمر: نعم الصاحب فاستمسك به .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: " كلب أمين خير من إنسان خئون".
قال الحسن البصري: "في الكلب عشر خصال محمودة ينبغي أن تكون في كل مؤمن:
الأولى: أنه لا يزال جائعًا حتى يطعم، وذلك من آداب الصالحين.
والثانية: لا يكون له موضع يعرف به، وذلك من علامة المحبين.
والثالثة: أنه لا ينام من الليل إلا قليلاً، وذلك من صفات المحسنين.
والرابعة: إذا مات لا يكون له ميراث، وذلك من أخلاق الزاهدين.
والخامسة: أنه لا يترك صاحبه وإن جوعه وطرده، وذلك من شيم المريدين.
والسادسة: أنه يرضى من الدنيا بأدنى مكان، وذلك من إشارة المتواضعين.
والسابعة: أنه إذا غلب على مكانه تركه وانصرف إلى غيره، وذلك من علامة المتواضعين.
والثامنة: أنه إذا ضرب وطرد ودعي أجاب ولم يحقد، وذلك من أخلاق الخاشعين.
والتاسعة: أنه إذا حضر شيء للأكل قعد ينظر من بعيد، وذلك من أخلاق المساكين.
والعاشرة: إذا رحل من مكانه لا يرحل معه شيء ولا له شيء يلتفت إليه، وذلك من صفات المجردين.
وروي أن بعض الحكماء طلب منه رجل أن يوصيه فقال: ازهد في الدنيا ولا تنازع فيها أهلها ، وانصح لله تعالى كنصح الكلب لأهله، فإنهم يجيعونه ويضربونه، ويأبى إلا أن يحوطهم نِعَمًا.
وقال الأحنف بن قيس: إذا بصبص الكلب لك فثق بودٍّ منه، ولا تثق ببصابص الناس، فرب مبصبص خوّان.
وقال الشعبي: خير خصلة في الكلب أنه لا ينافق في محبته، وقال ابن عباس: كلب أمين خير من انسان خؤون.
وبعض الأعراب يحب الكلب لخصاله: فهو يدل الضيف عليه، في الليل والعرب تحب الكرم وتمدح باقرار الضيف .. و يحرس صاحبه وأغنامه إذا نام ، ويدفع عن أولاده كل مصيبة.
وبلغ من حب العرب لكلابهم أنهم كانوا يسمون أولادهم عليه: كليب، وكلاب، وأكلب، ومكلب ومكالب.
يقول الأصمعي: سمعت بعض الملوك، وهو يركض خلف كلب، وقد دنا من ظبي، وهو يقول من الفرح: إيه فدتك نفسي...!