المنطقة التي أعيش فيها ، منطقة زراعية خصبة وقد وهبها الله من فضله وخيراته الشيء الكثير ، فالوادي الذي نعيش فيه وادي خير وبركه ، ومزارعه خضراء يانعة فيها الخير الكثير والماء الوفير ، وقد وهب الله هذه المنطقة أنهار وعيون متدفقه تجري تحت الأرض ، وخيرها فوق الأرض ، حتى غدت المنطقة ذات زرع وقرار ، وأهل المنطقة رجال أهل نخوه وحزم وعزم على مر الأزمان ، فهم ملجاء المظيوم ، وسلة غذاء السائل والمحروم ، فيهم الفزعة وفي قلوبهم المؤدة والجزعة ، أذا سألهم سائل أعطوه ، وأن أتاهم ضيف أكرموه ، وأن لحق بصديق لهم ضيق فمن حفرة الضيق أخرجوه ، وقد أكرمهم الله بهذه المنطقة الوفيرة العيون ، والخصبة التربه ، حتى صارت تنظر إليها العيون ، فعيون الأعداء تنظر لألها بغل وحقد وتوعد ، وعيون الحاسدين تنظر لها بغيض ومكروحسد .
ولكن على مر الأزمان أهلها جيران وأهل ، وقلوبهم صافية لبعضهم مثل العسل ، فأمرهم بينهم شورى ويتخذونه بعد تشاور وعلى مهل .
ولكن قبل سنوات عديده ، كان أحد مشايخ الديرة ، يعيش مع جيرانه وأهل منطقته في محبه وصفاء ، ومزارعهم مثمرة غناء ، ولكن لديه ولد عاق ، عقوقه لم يحصل مثله عقوق في الأفاق ، وكان ذلك الشيخ رجل صاحب عقل وبصيرة ومن مشايخ ودهاة أهل الديرة ، ولكن ولده العاق له خان وباق ، وطمع في مزرعة والده وفي المشيخة ، فكتفه وبالعار لطخه وعن مزرعته وأهله أبعده وغربه ، ولو لا لطف الله لقتله ، ولقد هرب ذلك الشيخ قبل أن يطلق عليه ولده العاق النيران ، فزبن إلى الجيران ، وقد بقي لديهم مكظوم مهموم وحيران ، وبقي يتنقل بين الجيران و الغرباء ، ويعيش على كرم الكرماء ، حتى مات من الهم والغم وتوفاه رب السماء ، وهو على ولده غضبان ، بعد أن طرده وقفل في وجهه البيبان .
وقد حاول جيران ذلك الشيخ ، ثني أبنه العاق عن طرد والده والأستيلاء على ممتلكاته وحكمه ، فحاولوا نصحه وأرشاده وثنيه عن غيه ، الأ أنه قد بيت لوالده سو النية ، وجعلها لها مطية ونفذ عملة الدنئية .
وقد حاولوا كثر من أقربائه الفزعة مع والده والثبات ، ومنهم رجال ونساء وبنات ، الا أن ذلك الأبن العاق قد هم بهم بالقتل والأحراق ، وكان من ظمن الفازعين لذلك الشيخ المسكين اللذي غدر به أبنه العاق ، قبيلة عريقة ذات نسب مشرف ، ورآي مطرف ، فهم لا يميلون الأ بالحق وكلمتهم على الظالم تنطق ، فأنكروا فعلته النكراء ، وبسب قولهم لكلمة الحق طردهم في الخلاء ، وأستولاء على ممتلكاتهم ، وسحب جوازاتهم ، وأهان رجالهم ونساءهم وبناتهم .
ثم أن ولده العاق أستولى على مزرعة والده الغناء المثمرة ، وكان في المزرعة عمال طيبون لأهل القرية حبيبون ، فهم من السكان الأصليين ، تربطهم بأهل المنطقة صلة قرابة ورحم ، ومترابطون بأوردة القرابة اللتي يجري فيها الدم ، منذوا القدم .
فبداء ذلك الولد العاق بفتل حبال الحقد والغل على جيرانه ، لأنهم حاولوا ردعه ورده عن طرد والده الشيخ الوفي الكريم ، فهو رجل حكيم وشجاع وكريم وله مع أهل ديرته وجيرانه مواقف مشرفة ، وشيوخ وأهل المنطقة يعرفون أن مستقبلهم وأمنهم واحد ، ولا ينكر ذلك الّا خائن وللقرابة وحسن الجوار جاحد .
ثم بداء ذلك الولد العاق في التخريب على أهل منطقته وجيرانه ، فزود رواتب عمال مزرعته عشرات الآضعاف ، حتى يخرب على أهل المزارع أخلاص عمالهم لهم ، فشكاء من قلة الرواتب في المزراع التي حواليه العمال ، وبدواء في التضجر والأهمال ، وبداء الخائون منهم في الأنتقال إليه وشد الرحال ، ورغم أن مزرعته لا يوجد بها الّا عمال قليلون ، ولا توجد في مزرعته سواء بير واحده ، فليس فيها نهر ولا عيون ، فهو لا ينظر نظرة ثاقبة للمستقبل ، فتلك الأموال التي يصرفها ببذخ على عماله ، فبعد نفاذها الفقر سوف يطالهم ويطاله حيث لم يزرع في مزرعته نخيل تثمر التمور ، وتكون لهم غذاء إذا أختلفت الأمور.
ولكن شيوخ الديرة وأهل المزارع رجال حكماء ، ولا يريدون أن يفرقهم من يأخذ توجيهاته من النساء ، فهم يعرفون أنه يحاول التخريب ، فمن غدر بوالده فليس متستغرب منه أن يغدر بالجار والقريب .
فبداء يبث الأعلام الكاذبة عن أهل المنطقة وشيخوهم ، فهو يتظاهر أنه معهم ويطعنهم في ظهورهم ، فيظن في قرارة نفسه أنه ذكي ، وما يدري أن الأعيبة لا تنطلي على غبي .
ومن شدة غضب الله عليه فيما فعل في والده من غدر وأنقلاب ، فقد أصابه الخوف والرعب والرهاب ، فهو يخاف أنه يقتله ولده وياخذ منه الحكم ، فصار لا يهتني بمنام ، ويخاف حتى لو هو في الحمام ، فتنازل للحكم لولده ، لكي يهتني بالنوم ولا تكتنفه الهموم وتدور في راسة العواصف والغيوم .
ولكن ولده الصغير ، يقولون أنه مدبر حريم ، فهو على طريق والده ماشي ، مثل الناقة التي يتبعها الحاشي ، فهو ينفذ تعليماته ، ويؤجر من ينفذ خططه وعملياته .
فلديهم في شق صف الجماعة رغبة ، ولديهم من شيوخ المنطقة خوف ورهبة ، فلعنة طرد الشيخ الفاضل تطاردهم ، فهم يشكون في كل من حولهم بأنهم سوف يطردونهم من الحكم ، فقد أصابهم مرض الوسواس حتى أنهم لم يعودوا يثقوا في أحد من الناس ، فلا نوم يهناهم ولا نعاس .
والمصيبة اللتي يخشون منها شيوخ وأهل تلك المنطقك ، أن يقدم ذلك العاق وأبنه على مصادقة أعداء المنطقة ، فهذه الأفعال ليست منهم ببعيدة ، ففي أعلى الوادي يوجد سد كبير ، من يراه من الفضاء يحسب أنه غدير ، ولكنه بحيرة صرف صحي ، ظاهره ماء عذب وداخلها فظلات من بيوت الخلاء والتنحي ، وهذا العاق وولده يحاولون التقرب من حارس هذه البحيرة المنتنه ، اللذي يتوضاء منها حارسها ويصلي بالعامة ، وقد وضع على راسه عمامة ، فهذا العاق وأبنه يحاولون أنهم من صاحب البحيرة يتقربون ، فهم إليه يتوددون ويسترحمون ، بأن يكون لهم ولي وصديق ، فهم يريدونه أن يطلق بحيرة قاذوراته على المنطقة وأهلها ، فما لمن عق والده وأنقلب عليه أمان ، ولكن شيوخ المنطقة وأهلها في لطف الرحيم الرحمن ، ثم بتكاتف أهل المنطقة مع شيوخهم أهل العقول الراجحة ، وأهل القوة الجارحة ، بأن يوقفون المخربين والحاقدين عن تخريبهم و حدهم ، ويجعلونهم لغيرهم من المفسدين لمصلحة الآمة عبره ، فقد نفذ من الحليم صبرة ، وقرب الخائن من شفاء قبره.