كنت مسافر من كام ومعي أسرتي .. الساعة الثانية بعد منتصف الليل
قبل ما اتحرك .. انتبهت بأن لمبة البنزين منورة ، توجهت لشراء بعض اللوازم .. وبعدها انطلقت .. ونسيت تعبئة خزان الوقود !!
تذكرت وأنا في الطريق .. فهذه أول مرة في حياتي أذهب [ للمكان الذي سأسافر إليه ] .. لذلك لم أقلق في البداية .. ظنا مني أنني سأجد الكثير من ( محطات الوقود ) في الطريق ..
مع مرور الوقت والظلام الحالك والطريق الموحش = بدأ القلق يتسرب !!
اتصلت بصديق .. وعلمت أن أول محطة بنزين بعد مسافة طويلة جدا .. تحول القلق إلى رعب !!! .. تراجعت كل الاهتمامات والمشاغل والمشاكل وانحصرت الآمال والأحلام والهموم كلها في = ( محطة وقود !!! )
لم أعد أتمنى من الدنيا إلا ( محطة وقود ) .. تضاءلت وتصاغرت كل المشاكل التي كانت تشغلني منذ دقائق !!
لاح ضوء من بعيد !! دب في القلب أمل واهن وفرح مُعلق ..
اقتربت .. لم تكن ( محطة وقود ) .. بل استراحة فقيرة جدا !!!
شعرت بالإحباط !! .. سألت الرجل عن أقرب ( محطة وقود ) .. كياني كله تعلق بفمه في انتظار إجابة !! ( بعد 3 كم ) قال الرجل ..
كدت احتضنه .. لكن خشيت أن تكون إجابته غير دقيقة .. أو ( المحطة ) ليس بها وقود الليلة .. انطلقت وعيناي لا تفارق لمبة البنزين .. مرت الثواني كالدهر !!! أخيرا !! لمحت من بعيد ( محطة الوقود !!! ) .. حين وصلت لم يكن هناك أحد ..جعلت أبحث عمن أكلمه .. ظهر رجل
( عندك بنزين ؟ ) . قال : نعم
كانت أجمل ( نعم ) سمعتها في حياتي .. سجدت لله فورا .. حين انطلقت لاستكمال الرحلة .. وأنا أشعر بأنه قد كتب الله لي عمراً جديداً
جاء في بالي معنى يأتيني كل ( رمضان !! ) .
نتزود منه لباقي العام ، كيف نُضَيعه ؟! كيف نجازف بالموت عطشا ؟!
كيف نمر ب ( محطة الوقود ) الوحيدة فلا نتزود ؟!
وفي حياة الكثيرين كل عام يكون ( رمضان القادم ) هو الأخير !!
يعني آخر محطة للتزود قبل القدوم على الله !!
آخر محطة للتوبة والاستقامة ورد المظالم وبر الوالدين وصلة الرحم والعودة للقرآن الكريم قال تعالى ( ففروا إلى الله ..)