شخصياً لم أتفاجأ بالخطوة غير المحترمة التي قامت بها السلطات المصرية في مطار القاهرة باحتجاز الزميل الصحفي الطاهر ساتي لساعات ثم منعه من دخول أراضيها على الرغم من حصوله المسبق على تأشيرة دخول لمتابعة علاج زوجته في القاهرة .
لأنني لم أكن أعتقد بأن شيئاً ما قد حدث بالنسبة لنا، أو تطوراً إلى الأمام قد تم بعد لقاء سامح شكري مع بروف غندور، لأن اللقاء لم يتم على أساس أولوياتنا بل على أساس أولويات مصر، والدليل على ذلك أن يتم الاتفاق على إحالة مناقشة أهم ملف متفجر وهو ملف حلايب إلى مستوى القيادتين وبالتالي تضييع السودان لفرصة ثمينة كان يمكن أن تغتنمها الخارجية السودانية باشتراط مناقشة ملف حلايب قبل كل موضوع آخر والاتفاق لتحريك الملف في اتجاه التقاضي الدولي ..
لكنهم استسلموا لـ(حنك) الخارجية المصرية و(فهلوة) اللسان المصري.. ويا ليت هذا اللسان كان صادقاً حتى في بقية الوعود بخصوص قضايا ثانوية جداً مقارنة بقضية حلايب المحتلة .
حتى تلك القضايا الأقل أهمية فضح القنصل السوداني في أسوان لدى مداخلته في برنامج حال البلد بفضائية سودانية 24، فضح كذب وزير الخارجية المصري سامح شكري فيها والذي كان قد أكد أن معدات المعدنين السودانيين المحتجزة لدى السلطات المصرية مودعة في الحدود المشتركة منذ شهر ونصف في انتظار الجانب السوداني لاستلامها، والحقيقة التي كشفها قنصل أسوان أن تلك المعدات لم يتم استلامها ولا إحضارها لهم حتى لحظة الاتصال به .
هل ترجون وعداً أو خيراً من وزير خارجية يكذب أمام الإعلام بهذه الطريقة؟
هل تعتمدون اتفاقاً يتم بينكم وبين وزير لا يتحرى الصدق في حديثه..؟
الحكومة المصرية تريد أن (تستهبل) عليكم، لأنها لم تر حتى الآن عيناً حمراء حاسمة صارمة تلح عليها لتغيير وتطوير موقفها.. وما حدث للطاهر ساتي ينسف مصداقية أي التزام قدمه هذا الوزير سامح شكري ويدلق كوباً من الماء على ما يسمى بميثاق الشرف الإعلامي ليزول حبره قبل أن يرى النور، وهو الاتفاق الذي يجب ألاّ يتم توقيعه من جانب السودان لأنه لا يعنينا في شيء.. إعلامهم هو الذي يتجاوز وعليه هو وحده أن يكف عن سلوكه هذا .
السودان يجب أن يتمهل بل يجمد من جانبه تنفيذ جميع التزاماته في مخرجات اللجنة الوزارية المشتركة إلى أجل لا يسمى إلا بعد تسمية موقف مصر من مناقشة ملف حلايب المحتلة.. فهذه هي أم القضايا بين البلدين .
نعم.. على السودان أن يستثمر فرصة عدم التزام الطرف المصري بأبسط الخطوات التي تعبر عن روح الاتفاق ومعناه، ويعتبر نفسه في حل عن هذا الاتفاق لأن مصر كان عليها على أقل تقدير تصفير عداد غبينتها تجاه الصحفيين السودانيين، بإلغاء قائمتها الخاصة بحظر صحافيين وسياسيين من دخول القاهرة بسبب تصريحاتهم أو مقالاتهم التي طالبوا فيها الحكومة السودانية باسترداد حقوق السودان الضائعة وأرضه المحتلة وهي مطالب مشروعة.
وبالمناسبة هذه القائمة طويلة وبها صحافيون آخرون، وهي سلوك معتاد تقوم به السلطات المصرية منذ سنوات طويلة، وكأن مصر هذه بها مزار من المزارات المقدسة أو هي وجهة تعبد لله..!!
التعامل بالمثل مطلوب في هذه الحالة بأن يضع السودان قائمة حظر مماثلة تشمل معظم الإعلاميين المصريين من الذين أساءوا للسودان.
ما يهم قوله هنا أنكم يا سادة لم تفعلوا شيئاً وأن اتفاق شكري وغندور مثله مثل جميع الاتفاقيات المشتركة السابقة، هو التزام من وزير خارجية لا يملك مصداقية، كما أنه لا يملك تفويضاً كاملاً، فملف السودان بيد المخابرات المصرية وكل هذه إبار تخدير ومجرد كلام من طرف اللسان.. كلام فارغ.. مكانه المناسب هو أقرب صندوق نفايات داخل وزارة الخارجية السودانية .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين