نعم أيها الإخوة الكرام : رضا الناس غاية لا تُدرَك ،
فلا يسلم أحد من اعتراض الناس على أي حالة كان !
وهذه قصة واقعية ذكرها أبو معاوية البيروتي في منتدى ( ملتقى الحديث ) قال علي بن موسى العنسيُّ المغربي ( ت 673 هـ ) – متمِّم كتاب " المُغْرِب في أخبار المغرب " - :
أخذت مع والدي يوماً في اختلاف مذاهب الناس ، وأنهم لا يسلمون لأحد في اختياره ، فقال : متى أردت أن يسلم لك أحد في هذا التأليف - أعني " المغرب " - ولا تعترض أتعبت نفسك باطلاً وطلبت غايةً لا تدرك ، وأنا أضرب لك مثلاً :
يُحكى أن رجلاً مِن عُقلاء الناس كان له ولد ، فقال له يوماً : يا أبي ما للناس ينتقدون عليك أشياء وأنت عاقل ؟ ولو سعيت في مجانبتها سلمت من نقدهم ، فقال : يا بني إنك غِر ( أي شاب لا خِبرة لك ) لم تجرب الأمور وإن رضى الناس غاية لا تدرك وأنا أوقفك على حقيقة ذلك ،
وكان عنده حمار فقال له : اركب هذا الحمار وأنا أتبعك ماشياً ، فبينما هما كذلك إذ قال رجل : انظر ما أقل هذا الغلام بأدب ! يركب ويمشي أبوه ! وانظر ما أشد تخلف والده لكونه يتركه لهذا ! فقال له : انزلْ أَرْكَبُ أنا وامشِ أنت خلفي ، فقال شخص آخر : انظر هذا الشخص ما أقله بشفقة ركب وترك ابنه يمشي ! فقال له : اركب معي ، فقال شخص : أشقاهما الله تعالى ! انظر كيف ركبا على الحمار وكان في واحد منهما كفاية ! فقال له : انزل بنا . وقَدَّماه وليس عليه راكب ،
فقال شخص : لا خفف الله تعالى عنهما، انظر كيف تركا الحمار فارغاً وجعلا يمشيان خلفه !
فقال : يا بني، سمعت كلامهم ، وعلمت أن أحداً لا يسلم من اعتراض الناس على أي حالة كان .
وقد نقل هذه القصة الواقعية أدباء أُوروبيون اقتبسوها من ثقافتنا ،
ومقولة ( رضا الناس غاية لا تدرك ) قالها الإمام سفيان الثوري والإمام الشافعي وغيرهما من أهل العلم .