أكد المستشار والباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، نايف العساكر، أن دماء السعوديين التي سفكتها تنظيمات داعش وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات الأصولية المتطرفة، إنما "يبوء بإثمها" من يسمون أنفسهم "دعاة الصحوة"، موضحاً أن وصفهم بـ"دعاة الفتنة" وما يقومون به من تراجعات وتوبة لا يتعدى عن كونه "مخادعات ودجلاً"، إضافةً إلى أنه توجيهات من قبل جماعة الإخوان المسلمين.
وشكك عساكر في لقاء خاص مع "العربية.نت"، التوبة التي يتم إعلانها في صفوف الجماعة بين فترةٍ وأخرى، ورأى فيها سعياً لكسب الوقت، وتحسيناً للصورة، واختراقاً للدول.
وأرجع العساكر خلال حواره وصفه الإخوان المسلمين في مقاله بـ"الحيوان والحشرة (الحرباء)" إلى أخذه بعين الاعتبار البنائية والسرورية (الباطنية الثالثة).
ورفض الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة اعتبار اتجاه الأقلام اليوم لنقد جماعة الإخوان المسلمين ودعاة ما سُمي "الصحوة الإسلامية" ركوب موجة للاستفادة من الشهرة.
خصصت مقالاتك في الفترة الماضية لمواجهة الفكر الإخواني والسروري، ووصفت طباعهم بطباع الحيوان أو الحشرة الحرباء، ألم تكن قاسياً بوصفهم بذلك؟
لم أطلق هذه الأوصاف إلا بعد دراسة متأنية لحال هاتين الجماعتين، فقد كان كثير من الناس مغرراً بهم، ظناً بأنهما جماعتا دعوة وتوعية إسلامية صحيحة، لكن من دخل معهما، وعرف حالهما وما يصلون معه إليه أدرك أنهم أبعد الناس عن تطبيق الإسلام، وتعتبر هاتان الجماعتان من أشر الجماعات الباطنية التي ظهرت في الإسلام، فقد كنا نعرف باطنيتين: باطنية التشيّع، وباطنية التصوف، وكلتاهما تظهران ما لا تبطناه، ومنذ أن جاء حسن البنا ببدعته ظهرت لنا باطنية ثالثة حاولوا إدخالها على أهل السنة والجماعة، ولهذا وجدنا حسن البنا يعرف جماعته بأنها الجماعة التي تظهر بكل وجه من الوجوه، فهي كما يقول: "إن الإخوان المسلمين دعوة سلفية وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية، وهذا هو عين الباطنية".
ووجدنا دعوة محمد سرور (السرورية)، تدعي أنها على عقيدة سلفية في باب أسماء الله وصفاته، وعصرية في المواجهة، ولهذا جاءنا من أبنائنا من يؤلف كتاباً بعنوان "سلفية المنهج عصرية المواجهة". وما سفك من دماء السعوديين من قبل داعش وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الأصولية المتطرفة، يبوء بإثمها كلها من يسمون أنفسهم دعاة الصحوة. وأما حكم تسمية من يتصف بهذه الأوصاف فهو ضرب من ضروب التشبيه البلاغية، والتي يستخدمها العرب قديماً، ولها نظائر في النصوص الشرعية.
شهدت ساحة الجماعات المتطرفة - عربياً وخليجياً - مراجعات فكرية من قبل قيادات لها وأنصار من الصف الأول، كيف تقيم تلك المراجعات؟
من أهم شروط توبة الجماعات أن يبين التائب توبته، ويعلن خطأه، ويكشف أمر جماعته وتنظيمه وحزبه وهذه الجماعات كتمت حكم الله وما أنزل، وأظهرت أن دين الله هو العنف وسفك الدماء وتكفير المسلمين، فواجب على من تاب التبيين والإيضاح، ومن لم يفعل ذلك فهو كاذب.
الذي نراه من توبة قيادات الصف الأول – كما في سؤالك – ليست توبة، إنما هي أمور ممنهجة، وضعها التنظيم لأتباعه، كسباً للوقت، وتحسيناً للصورة، واختراقاً للدول، وانتقاماً من عدوهم الذي كشفهم. وهذا نصت عليه أدبياتهم، كما في كتاب "التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين" لعلي عشماوي. ووجدنا من قياداتهم المحليين من يتقلبون، فمثل هؤلاء لا يوثق بهم. والغريب أن قياداتهم من الصف الأول لا تعلن تراجعاتها عن الاستمرار في التنظيم، وإنما تعلن انتقادها لما يقوم به بعض شباب الجماعة، كما هي حال عدد من الإخوان المسلمين.