الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, نبينا محمد الصادق الأمين, وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أمَّا بعدُ: فإن الله قد فرض علينا خمس صلوات في اليوم والليلة، وجعل لكل صلاة وقتاً تُؤدَّى فيه، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء: 103]، فيجب على المسلم أنْ يحافظ عليها في أوقاتِها المحدَّدة. وهناك أوقات نهانا عن الصلاة فيها رسولُنا الكريمُ، وبيَّنها لنا, وسنأتي في هذا الدرس على بيانها. أوقات النهي: يُمكن تقسيم أوقات النهي عن الصلاة إلى خمسة أوقات: 1 - بعد العصر إلى أن تصفرّ الشمس. 2 - بعد الفجر إلى أن تطلع الشمس. 3 - قُبيل صلاة الظهر إلى أن تزول الشمس (بمقدار عشر دقائق تقريباً قبل الأذان). 4 - من اصفرار الشمس إلى الغروب. 5 - من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح (بمقدار عشر دقائق تقريباً). هذه الأوقات لا يجوز التطوّع فيها ابتداءً. ويُمكن تقسيم هذه الأوقات الخمسة إلى أوقات موسّعة، وهي ما بعد صلاة الفجر, وما بعد صلاة العصر، وإلى أوقات مُضيَّقة، وهي: عند طلوع الشمس, وعند غروبها, وعند الزوال. عن ابن عمر-رضي الله عنهما-, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا طلع حاجب الشمس فأخِّروا الصلاة حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس فأخِّروا الصلاة حتى تغيب)) رواه البخاري ومسلم . وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: (ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف1الشمس للغروب حتى تغرب) رواه مسلم. وحديث ابن عمر -مرفوعاً-: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، فإنها تطلع بقرني شيطان", وفي رواية: "لا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، فإنها تطلع بين قرني شيطان" رواه البخاري ومسلم. وفي صحيح مُسْلِمٍ –أَيْضًا- عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْت يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الصَّلاةِ، قَالَ: ((صَلِّ صَلاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلاةِ، فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ)).
الفوائت تُصلَّى في أوقات النهي:
من نسي صلاة فيصليها عند ذكرها, ومن نام عن صلاة فإنه يصليها عند استيقاظه، ولا يأخرها لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من نسي صلاة, أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك))2. ولقوله عليه الصلاة والسلام: (من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر)3. قال ابن عبد البر: "وقال مالك والثوري والشافعي والأوزاعي -وهو قول عامة العلماء- من أهل الحديث والفقه من نام عن صلاة أو نسيها أو فاتته بوجه من وجوه الفوت, ثم ذكرها عند طلوع الشمس واستوائها أو غروبها أو بعد الصبح أو العصر، صلاها أبداً متى ذكرها)4.